أمام أطلال مسرح قرية الماى التابعة لمركز شبين الكوم فى محافظة المنوفية، يقف الشاعر والمؤلف المسرحى أحمد الصعيدى مشيرا بيده إلى ساحة فضاء، حيث كانت تقام عروض فرقة الماى المسرحية، التى عمل بها ممثلا ومؤلفا قبل نحو حوالى 30 سنة.
يقول الصعيدى: «شهدت تأسيس مسرح الماى وأنا طفل صغير فى العام 1970، ورأيت الفنان الراحل سعد الدين وهبة، وهو يشرف بنفسه على البناء، ثم شاركت فى نشاطه حتى توقف تماما.. أما الآن فأسعى وراء بادرة أمل جديدة». ضم بيت ثقافة الماى مسرحا على الطراز الرومانى تتبعه فرقة مسرحية، وكانت الدولة تراهن فى هذا المشروع على تعزيز وجود المسرح داخل القرية المصرية، لكن إهمال المسرح فى السنوات التالية، تسبب فى إيقاف نشاطه بتوصية من إدارة الحماية المدنية فى العام 2005، واستمرت باقى الأنشطة فى مبنى مجاور، بينما تهدم المسرح حسبما تروى أسماء أحمد مدير بيت ثقافة الماى.
يشير أحمد الصعيدى إلى بقايا سور متهدم، قائلا: «استخدم بعض الأهالى حجارة المسرح لأغراضهم الخاصة». لم يستطع أحد إعادة إحياء مسرح القرية، إذ آلت تبعية الأرض إلى «المحليات»، ما أعاق إعادة بناء مسرح بيت ثقافة الماى، أو نقل تبعيته إلى وزارة الثقافة. «تم حل الأزمة بعد كل هذه السنوات مؤخرا، حين صدر قرار تخصيص من المجلس التنفيذى لمحافظة المنوفية بمساحة 850 مترا مربعا لصالح الهيئة العامة لقصور الثقافة، فى الموقع القديم لمسرح ثقافة الماى». يتوقف عن الحديث قليلا، ثم يضيف: «أدعو وزارة الثقافة أن تقيم سورا لحماية أملاكها من البلطجية».
وإلى جانب ما كان يتم من نشاط مسرحى فى بيت ثقافة الماى، فقد كان هناك نشاط موازٍ يشارك فيه أحمد الصعيدى فى قصر ثقافة شبين الكوم، وهو ما شاركه فيه زميله المخرج أحمد عباس، حيث ضم قصر الثقافة فى عاصمة محافظة المنوفية مسرحا لائقا، وفرقة مسرحية تابعة له.
فى نادى التجارة المطل على النيل فى مدينة شبين الكوم، وعلى بعد 4 كيلومترات من قرية الماى، يجلس المخرج أحمد عباس وسط زملائه وعدد من شباب المسرحيين، ليتفقوا جميعا على أن الحياة المسرحية متوقفة منذ إغلاق مبنى قصر ثقافة شبين الكوم، بسبب أعمال الإحلال والتجديد فى العام 2006. «بدأت صلتى بقصر ثقافة شبين الكوم فى العام 1979، وبعد توقف نشاط الفرقة المسرحية، أصبحت أكثر تفرغا للعمل مع الفرق الجامعية..». يتحدث المخرج أحمد عباس عن غياب وجود مسرح حقيقى فى المحافظة يستوعب المواهب الشابة، فى الوقت الذى تعانى فيه المحافظة أيضا من غياب دور السينما. فى السنوات الماضية، تلاشى جيل من الشباب الموهوبين، بسبب عدم وجود فرصة للأداء المسرحى، عند هذه النقطة ينتقل الحديث إلى أحمد عمر طالب الدراسات العليا فى كلية التجارة بجامعة المنوفية، يقول: «منذ أن بدأت فى ممارسة العمل المسرحى، لم أر مسرح قصر ثقافة شبين الكوم، ولم أتعامل هنا فى المنوفية سوى مع مدرجات الجامعة التى تستوعبنا فى عرض المسابقة السنوية لليلة واحدة». يتحدث أحمد عمر وسط زملائه الذين لم يجدوا حلا سوى تأسيس فرقة مستقلة تحت اسم «ملامح»، كى يستطيعوا من خلالها المنافسة والمشاركة فى مهرجانات المسرح المتنوعة، بينما لا يستطيعون أداء التدريبات المسرحية سوى فى قاعات مؤجرة أو فى منازلهم.
حسب تصريحات حكومية فإنه من المتوقع أن يتم افتتاح قصر ثقافة شبين الكوم فى يونيو من العام المقبل، بعد ضغوط ازدادات مؤخرا كى يتم إحياء العمل المسرحى فى المحافظة.