من القهر تحت الحكم البوليسى والسلطاوى لنظام مبارك وحتى شبح جماعات الأمر بالمعروف الذى ظهر فى الأفق ترى الناشطة الحقوقية غادة شهبندر أن صور القهر والقمع فى المجتمع لم تتغير كثيرا رغم كل ما سال من دماء شهداء ومصابى ثورة 25 يناير. وإذا كان القهر يطال الجميع فإنه يطالب المصريات أكثر لأنهن الفئة الأضعف. وضمان مشاركة المرأة فى صنع القرار يتطلب تأمين مشاركة الشباب من الرجال والنساء لأن الشباب هم الأكثرية فى المجمتع ومشهد الناشطة السياسية المسحولة والمركولة ببيادة العسكرى تمثل عن قهر لا يقل عنه القهر الذى رفع صورة مرشحة حزب النور السلفى ليضع مكانه وردة، أما لجنة صياغة الدستور فلا يجب أن يقل نصف أعضائها عن النساء، هكذا تقول الناشطة الحقوقية غادة شهبندر التى ارتبط اسمها بوضوح عبر السنوات الماضية بصياغات سلمية لرفض القهر بكل أشكاله
وإلى مقتطفات من حوار دينا عزت مع غادة شهبندر:
● اللجنة التى ستكتب الدستور، والذى هو عقد اجتماعى، يجب أن تكون ممثلة لطوائف الشعب المختلفة حتى تتمكن من التعبير عن توقعاتهم ومطالبهم والسؤال الآن فى ضوء هذا التصور المنطقى هل سيكون نصف أعضاء هذه اللجنة من النساء، بوصف أن نصف هذا المجتمع من النساء، أو حتى لنقل 40 أو 30 بالمائة من أعضاء هذه اللجنة سيكونون من النساء أم أن النساء سيتم تهميشهن ليتم بالتبعية تجاهل (العديد من القضايا التى تقف المرأة فيها موقف الأقدر على التقدير وحسن الرأى).
● وكيف وعلى أى أساس سيتم اختيار النساء المشاركات فى لجنة صياغة الدستور أيا كان العدد، وهل سيقتصر الأمر على شخص القاضية تهانى الجبالى، على سبيل المثال وأنا لست على الإطلاق ضد ذلك، بوصفها المرأة الوحيدة فى المحكمة الدستورية.. إن الخبرة فى كيفية كتابة الدستور ليست السبب الوحيد لتضمين المرأة فى لجنة صياغة الدستور، ويجب أن تمثل المرأة من قطاعات مختلفة إضافة إلى التمثيل القادم من المحكمة الدستورية العليا.
● إن الدستور يجب أن يعكس رغبة المجتمع ككل ولا تكون صياغته حكرا على فئة دون أخرى، وهو بالتالى ليس بالأمر الحكر على الأغلبية لأنه فى النظم الديمقراطية يكون للأغلبية الحكم مع الحفاظ على حقوق الاقليات.. وإذا كان أغلب البرلمان من المسلمين، فهذا لا يعنى أن للبرلمان الحق فى إهدار حقوق المسيحيين، وإذا ما كانت الأغلبية من الشيوخ، فهذا لا يعنى الحق فى إهدار حقوق الشباب وإذا ما كانت الأغلبية من الرجال، فهذا لا يعنى إهدار حقوق النساء.
● الخطوة الأولى ليست فى اختيار مجموعة من الأسماء النسائية ولكن الخطوة الأولى هى فى ترسيخ مبدأ حقوق المواطنة ورفض كل أشكال التمييز، ضد المراة أو ضد النوبيين أو ضد البدو أو المسيحيين أو أى مصرى.
● لقد عاشت مصر ثلاثة عقود من الاستبداد والديكتاتورية أهدرت الكثير من حقوق المواطنين، بما فى ذلك النساء بغض النظر عن أى إجراءات اتخذت فى سياقات شكلية وأخذت شكلا إعلاميا ودعائيا أكثر من كونها إجراءات حقيقية، لأن الأساس فى الموضوع هو المواطنة ومبدأ الحقوق المتساوية لكل المواطنين.. وخلال العقود الثلاثة الماضية أهدرت حقوق المواطن المصرى بشكل ولّد مزيدا من العنف والاضطهاد لبعض الفئات والطبقات، بما فى ذلك النساء، وفى ظل النظام الشمولى الكل يدفع ثمن التردى الحقوقى بدرجات متفاوتة بمعنى أن الفئات التى يقع عليها ظلم فى الأساس، أى أنه يتم التعامل معها على أنها أقليات، يقع عليها ظلم بشكل أكبر.. وهذا القهر يستمر تحت حكم العسكر.
● لأن صانعى القرار هم فى الأغلب ممن تجاوزوا سن الـ 65 عاما فإن مساحة التفكير الرجعى واضحة وتأثير القوى الرجعية بالضرورة أيضا واضح، وفى إطار ذلك فإن الادعاء بأن صورة الفتاة التى سحلت وركلت ببيادات العسكر (خلال الفض الجبرى لاعتصام مجلس الوزراء قبل نهاية العام الماضى) هى صورة فوتو شوب، وعندما يتضح أن الصورة حقيقية يصبح اللوم على سبب وجودها، وعلى تفاصيل تافهة مثل طريقة ارتدائها لملابسها، وما إلى ذلك من وسائل تبرير القمع والهروب من مواجهته.
● ولا فرق بين مشهد فتاة مجلس الوزراء الذى وقع تحت حكم العسكر ومشهد مطابق وقع تحت حكم (حسنى) مبارك (الرئيس المتنحى) عندما قام بلطجية الحزب الوطنى بسحل وتعرية (فتيات وصحفيات) فى شارع عبدالخالق ثروت (خلال مشاركتهن فى فاعليات مظاهرات سياسية وتغطيتها)، وفى الحالتين لم يتحرك المجتمع نحو مواجهة المشكلة أو تحمل المسئولية.
● أيضا لا يوجد فرق بين مشهد فتاة مجلس الوزراء وبين قرار حزب النور السلفى وضع صورة وردة بدلا من صورة مرشحاته من النساء فى ملصقات الدعاية لقوائمه فى انتخابات مجلس الشعب الأخيرة. والامر فى الحالتين هو ممارسة لمنظومة القهر وإلقاء المسئولية على الضحية، مرة باسم السلطة، فتلام فتاة مجلس الوزراء على وجودها وعلى ثيابها، ومرة فى إطار التستر بالدين بحيث تكون الفكرة قائمة على أن تتحمل النساء مسئولية تغطية أنفسهن بالكامل بحيث لا تقع على الرجعية مسئولية عدم الترشح فى حين أن التاريخ الإسلامى سواء فى حياة الرسول أو فى عهود الخلفاء الراشدين لم يشهد شيئا من هذا القهر للنساء، وحياة السيدة عائشة دليل على ذلك.
● لا أشك أن سياسات أسلمة المجتمع والسياسة ستفشل أو على الأقل ستتراجع ثم تفشل، لأن مطالب المجتمع واضحة هى حرية وكرامة وعدالة اجتماعية وأى سياسات رجعية تنال من كرامة المواطن، المرأة أو الرجل، لن يقبلها المجتمع، وكذلك الحال بالنسبة لتحقيق العدالة الاجتماعية والدليل على ذلك الهجوم المجتمعى الواضح والقاطع ضد قصة جماعة الأمر بالمعروف التى قيل إنها ظهرت فى بعض المناطق.
● الحديث عن حقوق المواطن أيا كان، بما فى ذلك حقوق المرأة، يجب أن يكون فى إطار الدولة المدنية، وهو ما لم يتحقق لأننا الآن فى ظل حكم عسكرى وفى ظل هذا الحكم لا يوجد سعى حقيقى نحو الإصلاح بل يبدو أن العمل يتم من أجل الحفاظ على الشكل المتآكل للدولة الدكتاتورية.. وأنا لا أرى خلال الشهور العشرة الماضية أى مؤشرات حقيقية لإعادة بناء مؤسسات الدولة التى قامت ضدها الثورة.