عندما ألغى الحاكم رؤية هلال رمضان - بوابة الشروق
الجمعة 30 مايو 2025 11:06 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

عندما ألغى الحاكم رؤية هلال رمضان

رسم لجوهر الصقلى
رسم لجوهر الصقلى
كتب ــ هشام أصلان:
نشر في: السبت 21 يوليه 2012 - 11:40 ص | آخر تحديث: السبت 21 يوليه 2012 - 11:40 ص

لا تقف أهمية هذا الكتاب، نادر النُسخ، عند دلالة عنوانه: «رؤية هلال شهر رمضان فى مصر الإسلامية حتى نهاية عصر المماليك»، ولكنه يضىء دائرة حول فكرة طالما تغافلنا عنها، وهى تبعية رجل الدين والقضاء للحاكم، وسيطرة الأخير على هذه الأمور بحسب أهوائه وعقيدته الشخصية. مثلا، يحكى المؤلف محمد بهجت مختار عصفور، مدرس التاريخ الإسلامى بجامعة القاهرة فى الخرطوم، عن التغيرات التى أحدثها الفاطميون فى نظام الصوم، فقبل العصر الفاطمى كان الناس يصومون بعد رؤية الهلال ويفطرون عندما يرونه مرة أخرى كما هو متعارف عليه، ثم دخلت جيوش الفاطميين إلى مصر بقيادة جوهر الصقلى فى شهر شعبان (358 هجرية، 969 ميلادية)، فأقام الصقلى العقائد الشيعية، وأمر الناس بالصوم على حساب الأيام دون رؤية الهلال، بحيث صارت السنة الهجرية عبارة عن شهر 30 يوما، وشهر 29 يوما، ورغم أن المصريين قاوموا هذه المسألة بقدر المستطاع، كان جبروت الحاكم وقمعه أقوى من الإرادة والعقيدة الشعبية، ولم يجد الناس مفرا من إتباع أهواء حاكمهم.

 

والقصة ينقلها لنا المؤلف عن المقريزى (764 ــ845 هجرية، 1364 ــ 1442 ميلادية)، يقول إن جوهر الصقلى أفطر يوم عيد الفطر بحساب الأيام دون رؤية الهلال، وصلى صلاة العيد وراء الإمام على بن وليد الأشبيلى، ورفض أهل مصر الإفطار والصلاة دون الرؤية، ولكن بعد ضغط الحاكم «ووعيده للقاضى والمصريين، صار صوم رمضان والفطر بالحساب، فانقطع طلب الهلال من مصر، وصام القاضى وغيره مع القائد جوهر كما يصوم وأفطروا كما يفطر»، ثم جرت العادة بعد ذلك على عمل موكب مهيب للحاكم فى بداية رمضان، ويحكى المقريزى: «فإذا انقضى شعبان، اهتم بركوب أول شهر رمضان، وهو يقوم مقام الرؤية عند المتشيعين».

 

مرت السنوات، وأسقط صلاح الدين الأيوبى الخلافة الفاطمية، وهو أمر لم يُختزل فى مجرد انقلاب، يقول الكاتب: «كان حدثا خطيرا فى تاريخ العالم الإسلامى بوجه عام، وفى تاريخ مصر بوجه خاص»، حدث ترتب عليه فرحة كبيرة عند المصريين الذين لم يميل أغلبهم لاتباع المذهب الشيعى. وبطبيعة الحال عادت الأمور إلى وضعها الأول، وراح المصريون منذ يومها يصومون لرؤية الهلال، ويفطرون لرؤيته مرة أخرى بغض النظر عن حساب الأيام.

 

الذين كانوا يخرجون للتحقق من وجود الهلال، كان لابد وأن يُشهد لهم بالتقوى والإيمان، وفى الغالب كان الناس يعتمدون على شاهدين فى هذه المسألة، وبعد حدوث بعض المفارقات، مثل أن يختلف الشاهدان حول الرؤية من عدمها، أصبح القضاة يخرجون بأنفسهم فى مصاحبة الركب للتأكد. ومن المواقف الطريفة، أن أبومحمد الكريزى، القاضى فى إمارة «تكين التركى» على مصر، خرج ومعه الشهود لرؤية الهلال، ولما لم يتمكنوا من رؤيته، قال للحاكم عندما سأله: «إن الذى صح عندى أن غدا لا من شعبان ولا من رمضان، فرد الحاكم عليه بأن: الله المستعان»، وأمر بإبعاد الرجل عن القضاء.

 

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك