قوانين قديمة فى خدمة قتلة الثوار - بوابة الشروق
الإثنين 20 مايو 2024 7:56 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قوانين قديمة فى خدمة قتلة الثوار

جنازة أحد شهداء 28 يناير بميدان التحرير<br/><br/><br/>تصوير: روجيه أنيس
جنازة أحد شهداء 28 يناير بميدان التحرير


تصوير: روجيه أنيس
أحمد عطية
نشر في: الأربعاء 21 سبتمبر 2011 - 10:05 ص | آخر تحديث: الأربعاء 21 سبتمبر 2011 - 10:05 ص

عند إطلاق النار على المتظاهرين، يجب أن تستخدم قوات الشرطة بنادق الرش صغيرة الحجم فى البداية، فإن لم ينفض التجمهر فيمكنهم استخدام الأسلحة النارية ذات الرصاص، ثم الأسلحة سريعة الطلقات. التصويب يجب أن يتم على الساقين «كلما كان ذلك مستطاعا».

 

هذه هى بعض الضوابط القانونية التى تنظم عمل الشرطة وقوات الأمن المركزى فى مواجهة الاعتصامات والمظاهرات، «قتل المتظاهرين بالرصاص الحى أمر قانونى، ولذلك فموقف ضباط الشرطة المتهمين فى قتل الثوار ليس سيئا»، والحديث لأحمد حسام، المحامى بجبهة الدفاع عن متظاهرى مصر.

 

تنقسم قضايا قتلة الثوار إلى نوعين، النوع الأول هم الذين ماتوا فى ميدان التحرير وميادين مصر، والنوع الثانى هم من ماتوا جانب الأقسام. يؤكد حسام أن القانون به العديد من الثغرات الواسعة التى تسمح ببراءة قتلة الثوار فى الحالتين. «الضباط المتهمون بجرائم قتل للمتظاهرين لن يخضعوا للقانون العام، فالقاعدة القانونية هى أن القانون الخاص يقيد العام»، أى أن القواعد التى يخضع لها عمل ضباط الشرطة هى قانون الشرطة وليس قانون الجنايات العادى. العنصر الحاسم فى تجريم أو تبرئة قتلة الثوار هو المواد التى تنظم استخدام الأسلحة النارية وفض التجمهرات فى قانون الشرطة.

 

يحكم عمل الشرطة قانون الشرطة الصادر عام 1971. هذا القانون لم يأت بجديد فى موضوع استخدام الأسلحة النارية بل اعتمد على الاستمرار فى تطبيق قرار وزارى رقم 156 لسنة 1964. القرار، فى رأى أحمد، يسمح للشرطة باغتيال المتظاهرين بدم بارد كجزء من متطلبات الوظيفة.

 

 

على الساقين كلما أمكن

 

القرار الوزارى رقم 165 الصادر سنة 1964 المنظم لاستخدام الشرطة الأسلحة النارية حتى اليوم يبيح استخدام الرصاص الحى ضد المتظاهرين كخطوة أخيرة فى فض تجمعاتهم. يتكون القرار من 3 مواد، وتتحدث بعض بنوده ومواد القرار عن استخدام السلاح النارى أثناء مطاردة المساجين والقبض على الخطرين. المادة الثالثة هى التى تتعلق بفض التجمهر أو التظاهر «الذى يحدث من 5 أشخاص على الأقل إذا عرض الأمن العام للخطر».

 

يوضح القرار أساليب فض المظاهرة فى مادته الأولى، ويقول نصها:

 

ــ يوجه رئيس القوة إنذارا شفويا للمتجمهرين أو المتظاهرين يأمرهم فيه بالتفرق فى خلال مدة مناسبة مبينا لهم الطرق التى ينبغى عليهم سلوكها فى تفرقهم ويحذرهم بأنه سيضطر إلى إطلاق النار عليهم إذا لم يذعنوا لهذا الأمر. ويراعى أن يكون الإنذار بصوت مسموع أو بوسيلة تكفل وصوله إلى أسماعهم وأن ييسر للمتجمهرين أو المتظاهرين وسائل تفرقهم خلال المدة المحددة لذلك.

 

ــ إذا امتنع المتجمهرون عن التفرق رغم إنذارهم وانقضاء المدة المحددة لهم فى الإنذار تطلق القوة النار عليهم وينبغى أن يكون إطلاق النار متقطعا لإتاحة الفرصة للمتجمهرين للتفرق.

 

ــ يراعى عند إطلاق النار أن تستخدم أولا البنادق ذات الرش صغيرة الحجم، فإذا لم تجد فى فض التجمهر استخدمت الأسلحة النارية ذات الرصاص فالأسلحة سريعة الطلقات عند الاقتضاء.

 

ــ يجب أن يصدر الأمر بإطلاق النار الضابط المسئول فإذا لم يعين من قبل فيصدر هذا الأمر أقدم المكلفين بالخدمة.

 

يعلق «أحمد» على بنود القرار قائلا إن أهم ما به هو أن إطلاق النار هو الوسيلة الأساسية لتفريق المتظاهرات، وأن أول إجراء تتخذه قوة الشرطة هو تحذير المتجمهرين من إطلاق النار. «بعد التحذير من إطلاق النار، يبدأ استخدام الوسائل المتدرجة من عصى وغاز ومياه وبنادق رش»، لكن تظل الذخيرة الحية هى الوسيلة الرئيسية المحددة قانونا لفض المظاهرات، وكل ماعداها مجرد تمهيد وتهديد، على حد قول حسام.

 

 صياغة القانون، كما يفسرها أحمد، تقول إن قرار إطلاق النار الحى لا يجب أن يأتى بالضرورة من وزير الداخلية أو قيادة أمنية كبيرة. الأمر الشفوى بإطلاق النار أو الانسحاب أو غيرهما من الأوامر لا قيمة قانونية كبيرة لها، فى رأيه. اتهام مبارك أو العادلى أو غيرهما من قيادات الداخلية بإصدار أوامر إطلاق النار الحى على المتظاهرين «تحصيل حاصل»، فالقانون يبيح لقائد قوة مكافحة الشغب باتخاذ هذا القرار دون انتظار أوامر فوقية. لكن مصادر من ضباط الداخلية، فضلوا عدم ذكر أسمائهم، أكدوا أن إطلاق النار على المتظاهرين «مستحيل دون أوامر عليا، ولا يستطيع ضابط أن يتخذه بمفرده»، وأن «الضابط المسئول» الذى تنص عليه اللائحة يكون فى أغلب الأحوال غرفة عمليات كاملة تنعقد وقت المظاهرات وهى الوحيدة المخول لها الأمر بإطلاق النار.

 

«بغض النظر عن تفسير المادة، فصياغة القانون تتضمن الدفاع عما قام به أفراد الشرطة من قتل عمد»، مما يستوجب طبقا للمحامى الحقوقى إعادة صياغة قانون الشرطة بشكل يحترم حقوق الإنسان وكأولى الخطوات الجادة نحو إعادة هيكلة الشرطة وتحديد مسئولياتها.

 

ــ  تحدد المادة الثانية من القانون قواعد عامة لكل حالات استخدام الأسلحة النارية على المتظاهرين أو غيرهم، وهى:

 

ــ أن يكون استخدام الأسلحة النارية بالقدر اللازم لمنع المقاومة أو الهرب أو لتفريق المتجمهرين أو المتظاهرين، وبشرط أن يكون إطلاق النار هو الوسيلة الوحيدة لذلك.

 

ــ يجب ألا يلجأ إلى استعمال الأسلحة النارية إلا بعد استنفاد جميع الوسائل الأخرى كالنصح واستخدام العصى أو الغازات المسيلة للدموع بحسب الأحوال وكلما كان ذلك ممكنا.

 

ــ ينبغى عند إطلاق النار فى الفضاء مراعاة الحيطة التامة حتى لا يصاب أحد الأبرياء، ويجب أن يكون التصويب عند إطلاق النار على الساقين كلما كان ذلك ممكنا.

 

يقارن أحمد بين مواد هذا القرار وبين قرار أقدم، وهو القرار رقم 139 لعام 1955 بتقرير الأحكام الخاصة بالاجتماعات العامة والمظاهرات فى الطرق العمومية. القرار القديم كان ينص على  «أن يمنع بتاتا إطلاق النار فى الفضاء أو فوق الرءوس وذلك حتى لا يصاب أبرياء لا دخل لهم فى حالة الشغب»، وينص أنه فى جميع الحالات «يكون التصويب نحو الساقين». القرار القديم أيضا يؤكد على أن يكون إطلاق النار بأسلوب «الطابور» أى أن الجنود يصطفون فى وضع التأهب ثم يأمرهم القائد «اضرب» فيضربون طلقة واحدة ويعمرون أسلحتهم منتظرين الأمر بضرب الطلقة الثانية وهكذا، ويهدف هذا الأسلوب للتحكم فى كل طلقة من أجل إعطاء فرصة للمتجمهرين فى الانصراف.

 

أما القرار الحديث المعمول به حاليا فيسمح فيه بإطلاق النار فى الهواء ولا يحدد أسلوب إطلاق النار كما أنه «يناشد الجنود على التصويب نحو السيقان كلما أمكن ذلك، وهو ما يسمح لهم بالتصويب فى مقتل إن قرروا أن هذه الإمكانية مستحيلة».

 

كل هذا فى رأى أحمد يجعل الضباط فى قضايا قتل الثوار وفى أى موقف اشتباك آخر بين الداخلية والمتظاهرين فى الموقف الأقوى قانونا، فالمتظاهرون دون تصريح يكسرون القانون، والذين يطلقون النار عليهم ينفذونه حرفيا.

 

يقول أحمد إن الطريق الوحيد لعدم تكرار هذا المأزق القانونى مستقبلا هو قيام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإلغاء جميع القوانين والقرارات سيئة السمعة الآن وفورا. يؤكد أحمد أن هذه القوانين قد نقلتها مصر من إيطاليا فى الفترة الفاشية، ومنها، على سبيل المثال لا الحصر قانون التجمهر الصادر سنة 1914 وقانون الاجتماعات العامة والمظاهرات فى الطرق العمومية الصادر سنة 1923.

 

 

شهداء الأقسام

 

فى أبريل الماضى، قال منصور العيسوى وزير الداخلية أن «مهاجمى أقسام الشرطة ليسوا شهداء» وكرر تصريحاته فى لقاءات تليفزيونية وصحفية مختلفة، وهو ما سبق أن ردده الوزير السابق محمود وجدى. «ده كان تمهيد إعلامى لتبرئة قتلة الثوار فى القضايا المتعلقة بالأقسام وليس بالميادين»، والحديث لمحمد محمود المحامى الحاصل على 70 توكيلا من أهالى شهداء يومى 28 يناير و2 فبراير.

 

يقول محمد إن تصريحات الوزيرين بها «تضليل» للرأى العام بأن كل من كانت قضيته تتعلق بالأقسام فهو بلطجى يستحق القتل لأن الضباط كانوا فى حالة دفاع عن النفس والمنشآت العامة.

 

«بعض الشهداء المسجلين فى قضايا الأقسام تم قتلهم بعيدا جدا عن الأقسام»، فكل من استشهد على يد جنود كردون أمنى بعيد عن القسم تم تسجيل قضيته ضمن شهداء الأقسام، ويضرب محمد مثالا بالشهيد لطفى عزام الذى قتل على بعد كيلومتر كامل من قسم إمبابة، لكنه مسجل ضمن «قتلى الأقسام» وليس «شهداء الميادين»، وهو التصنيف الذى تستخدمه الداخلية ويرفضه الثوار.

 

يلفت محمود النظر إلى أن الغالبية العظمى من المظاهرات لم تستهدف الأقسام، «مسيرة رايحة من كرداسة للتحرير، لازم تعدى على الموقف والقسم اللى جنبه»، وحين تبدأ قوة القسم فى اعتراض المظاهرة المتجهة للميدان تحدث المصادمات رغما عن المتظاهرين. بعض الأقسام، مثل قسم محرم بك بالإسكندرية وقسم إمبابة بالقاهرة، مرت جانبها المسيرات السلمية وتركتها سليمة لأن تدمير القسم لم يكن هدفا للمسيرة.

 

«حتى المظاهرات اللى استهدفت الأقسام كانت سلمية»، يقول محمود، مدللا على كلامه بتسجيل فيديو حصل عليه لمظاهرة أمام قسم دار السلام صباح 26 يناير. بدأت المظاهرة وانتهت دون أن يحاول أحد الاعتداء على القسم، لكن يوم 28 يناير أحرق المتظاهرون القسم بعد معركة مريرة استخدمت فيها الشرطة الرصاص الحى.

 

يدلل «محمد» على أن الأقسام قد استخدمت الوحشية المفرطة ضد المتظاهرين السلميين بأن بعض الشهداء قد ماتوا داخل بيوتهم التى تصادف وجودها جانب أقسام الشرطة، مثل الشهيد أحمد محمود الذى كان يسكن جانب قسم حدائق القبة. أحمد محمود قد استشهد برصاصة اخترقت يده اليسرى ودخلت فى بطنه أثناء وجوده بغرفة نومه، ومسجل ضمن قتلى الأقسام الذين يتعرضون لحملة تشويه إعلامية فى رأى محمود «حتى لو فيه بلطجية وسط المتظاهرين، أو المتظاهرين هجموا على الأقسام فى حالات معينة، فهل الرد يكون بإطلاق النار الحى؟»، يتساءل محمود، مؤكدا أن القاعدة القانونية هى أن الدفاع الشرعى عن النفس والمنشآت يعتمد على التناسب بين الاعتداء والدفاع، وأنه حتى إن اضطر ضابط لاستخدام النار فعليه أن يضرب فى الأطراف وليس فى القلب أو الرقبة كما حدث. «تكرار القتل بالرصاص الحى فى المقتل دليل قاطع على نية القتل والوحشية ضد المتظاهرين».

 

رغم أدلته المنطقية، فإن محمود يقول إن المخارج القانونية للضباط كثيرة بسبب «ضعف تحقيقات النيابة» على حد تعبيره. يشرح محمود نوع الأدلة الكافية لإدانة قتلة الثوار بشكل قاطع. لكل طلقة نارية «بصمة» أو علامة تتركها ماسورة السلاح الذى تم إطلاقها منه. لو حرزت النيابة أسلحة الضباط وتم مضاهاتها بالرصاصات فى أجساد المتظاهرين، لكانت هناك أدلة قاطعة «لكن النيابة العامة لم تحرز السلاح الميرى لأى ضابط على مستوى الجمهورية»، كما يؤكد محمود.

 

إصابة عدد ضخم من المتظاهرين برصاصات فى الصدر والقلب دليل آخر على نية القتل وإثبات أنها ليست حالات فردية، «لكن تقارير الطب الشرعى بتقول سبب الوفاة طلق نارى، وفيها عيوب كثير وليست دقيقة». مازال محمود يأمل أن الأدلة المتوافرة كافية لإدانة الضباط المتهمين بقتل الثوار، «لكن بالمنظر ده بدل ما الواحد ياخد إعدام أو 25 سنة، حياخد 3 سنين بتهمة القتل الخطأ بالكتير».

 

 

الحكومة لا تخطئ أبدًا

 

أعد المركز العربى لاستقلال القضاء دراسة قانونية عن محاكمة قتلة الثوار. تكشف الدراسة أن قانون العقوبات المصرى يميز الجرائم التى يرتكبها الناس ضد بعضهم البعض، والجرائم التى يرتكبها المواطنون فى مواجهة الدولة، والتى يرتكبها موظفو الدولة ضد الناس، والتى يرتكبها موظفو الدولة ضد الدولة. لكن القانون كله يخلو من مواد تتطرق للجرائم التى ترتكبها الحكومة ضد المواطنين. لهذا، فإن الدراسة ترى أن قانون العقوبات الذى تلتزم به جهات النيابة والقضاء أثناء محاكمة الثوار ليس كافيا على الإطلاق لإدانة القتلة.

 

أقصى تهمة موجهة إلى ضباط الداخلية ورجال الحزب الوطنى المنحل فى قضايا قتل المتظاهرين يومى 28 يناير و2 فبراير هى القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد أو التحريض على القتل، باعتبارهما أكبر وأشد الجرائم خطورة فى القانون المصرى. لكن التقرير يقول إن ما حدث يتعدى القتل العمد بكثير.

 

ما حدث أثناء ثورة 25 يناير، طبقا للتقرير، يتضمن القتل العمدى الجماعى للمئات وإصابة الآلاف بعاهات مستديمة نتيجة لتعمد إيذاء العين وتشويه الوجوه بالخرطوش والذخيرة الحية. كما تضمنت أساليب الشرطة فى قمع المظاهرات ودهسهم بالسيارات المصفحة والاستعانة بتنظيمات البلطجية، إضافة إلى حبس النشطاء والمتظاهرين دون وجه حق واستخدام الإعلام الحكومى فى التحريض ضد المتظاهرين.

 

هذه الجرائم يصفها التقرير بأنها تتضمن عنفا «منظما، متعاظما، مكثفا» وبشكل منهجى، وتواجد هذه العناصر يجعل ما حدث «جرائم ضد الإنسانية، وجريمة دولية خطيرة»، وليست مجرد جريمة داخلية عادية. ويؤكد التقرير أن هذه الجرائم ليست مجرد جرائم قتل ناتجة عن ميل إجرامى لفرد، لكنها ارتكبت عن طريق مجموعة من الأشخاص يطبقون «نموذجا إجراميا مشتركا».

 

المشكلة الرئيسية فى الاكتفاء بقانون العقوبات المصرى وتوجيه اتهام القتل العمد، طبقا للتقرير، هو «الطبيعة الشخصية لسبق الإصرار باعتباره يعتمد على عناصر نفسية». فسبق الإصرار قد يتوافر لدى بعض المتهمين ولا يتوافر لدى متهمين آخرين. وبافتراض اتفاق مجموعة من المتهمين على القتل فهناك احتمال أن هذا الاتفاق تم «فى وقت لا تكون نفوسهم خلاله هادئة، أو يكون الاتفاق فجائيا سابقا على تنفيذ الجريمة بلحظات فلا تتوافر عناصر سبق الإصرار»، وهو ما قد يطعن فى قوة الاتهام الموجه للمتورطين فى موقعة الجمل وجمعة الغضب طبقا للتقرير.

 

القانون الدولى يعرف الجرائم ضد الإنسانية بأنها تشتمل على «هجوم منهجى موجه ضد أى مجموعة من السكان المدنيين وعن علم بالهجوم»، ولا يشترط أن يكون الهجوم عسكريا، بل يشترط فقط أن يكون الهجوم ضمن منهج وخطة مدبرة أو أن يكون الهجوم على نطاق واسع فى أماكن متعددة أو الإثنين معا. لذلك، ترى الدراسة أن المخرج القانونى لمحاكمة عادلة تجرم قتلة الثوار وتثبت مسئوليتهم القانونية والمعنوية على جرائم جمعة الغضب وموقعة الجمل يكمن فى «توقيع مصر على النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية، وعندها يصبح هذا النظام جزءا من التشريع الوطنى المصرى». فى هذه الحالة يمكن النيابة والقضاء من محاكمة المتهمين بتهم «جرائم ضد الإنسانية» وفق القانون الدولى بدلا من محاكمتهم بقانون ينظر لما حدث باعتبارها جرائم قتل عادية وليست حالة منظمة من عنف الدولة ضد شعبها. ويؤكد التقرير أن تصديق مصر على هذا النظام الآن يمكنها من تطبيقه بأثر رجعى على قتلة الثوار.

 

 

القانون المصرى يدين المخلوع

 

«القوانين المصرية فيها ما يكفى لردع كل من تسول له نفسه ارتكاب أى جريمة».

 

الحديث للمستشار فكرى خروب رئيس محكمة جنايات الإسكندرية، مؤكدا أن القانون الحالى دون تعديل او إضافة مصرية أو دولية كاف لمحاكمات عادلة لكل المتهمين.

 

يقول خروب إن المتهمين بقتل الثوار يخضعون لقانون الجنايات العادى، أما لوائح الشرطة فوظيفتها معرفة إن كان الضباط قد أساءوا استخدام القوة ولم يتدرجوا فيها أم لا، ودراسة ظروف إطلاق النار طبقا للتحقيقات ووجهات نظر دفاع الضباط وادعاء أهالى الشهداء. «كون مطلق الأعيرة النارية على المتظاهرين بيقول إنه استخدم السلام فى حالات مبررة وفقا للتعليمات فهو دفاع مطروح أمام المحكمة مثل الادعاء بأن ذلك ليس صحيحا». التقدير فى النهاية، كما يقول خروب، فى يد القاضى الذى سيحدد إن كان الضباط أجرموا أم لا.

 

«وكيل النيابة فى النهاية بشر»، كما يقول خروب تعليقا على اتهامات المحامين بتقصير النيابة فى التحقيقات، مؤكدا أنه من حق المحكمة أن تطلب المزيد من التحقيق والبحث عن الأدلة، «كل حاجة ملحوقة، وإن كان هناك نقطة لم يتم استيفاؤها فى التحقيقات، ويؤكد المحامى أنها جوهرية وقد تغير رأى المحكمة فيمكن استكمال التحقيقات».

 

يقول المستشار خروب إن هناك قوانين مصرية موجودة بالفعل تكفى لمحاكمة رئيس الجمهورية والوزراء على جرائمهم «غير التقليدية» والتى لا ينص عليها قانون العقوبات الجنائية دون حاجة للقانون الدولى. يقول خروب إن المحامين عليهم محاولة مقاضاة مبارك بالقانون الذى يحمل رقم 247 لسنة 1965 بشأن محاكمة رئيس الجمهورية والوزراء، والذى يطبق أيضا على نواب الوزراء. 

 

ينص هذا القانون على «عقاب رئيس الجمهورية بالإعدام او الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة إذا ارتكب عملا من أعمال الخيانة العظمى أو عدم الولاء للنظام الجمهورى». ويحدد القانون خيانة النظام الجمهورى بالنسبة للرئيس بأنه يكون إما بالعمل على تغيير النظام الجمهورى إلى نظام ملكى أو بوقف دستور الدولة كله أو بعضه أو تعديل أحكامه دون اتباع القواعد.

 

يقول خروب إن المحامين عليهم التقدم ببلاغات بشأن محاولات مبارك توريث الحكم لابنه، فإن أثبتت تحقيقات النيابة صحة هذا الادعاء، فإن ذلك يعد خيانة للنظام الجمهورى. ويضيف خروب أن المساس بأمن الدولة الداخلى والخارجى يعد من أعمال الخيانة العظمى وهذا يسمح بالتحقيق فى اتهامات تتعلق بأداء وقرارات الرئيس المخلوع، مثل تقصير الدولة فى سياستها الخارجية تجاه أفريقيا مما سمح لإسرائيل بتهديد أمن مصر من خلال تدخلاتها فى دول منابع النيل، أو إثبات أن بيع الغاز لإسرائيل أضر بالأمن القومى المصرى، إلى غيرها من القرارات الرئاسية.

 

أما الوزراء ونوابهم، فالقانون المذكور يذكر تهما عديدة لا يشتملها قانون العقوبات العادى لأنها لا يمكن أن تصدر إلا عن شخص فى السلطة، ومنها إصدار قرارات من شأنها التأثير على أسعار البضائع أو العقارات أو الأوراق المالية من أجل تحقيق مكسب شخصى أو للغير، واستغلال النفوذ للحصول على مزايا، والمخالفات التى تضيع حق الدولة، والتأثير فى القضاء أو على نتائج الاستفتاءات والانتخابات.

 

يشير خروب إلى أن هذا القانون يتضمن إجراءات لمحاكمات خاصة بحضور أعضاء مجلس شعب ومستشارى محكمة النقض، لكنه فى حالة تطبيقه على مبارك ورموز نظامه فلا حاجة لذلك، «لأنهم خرجوا من مناصبهم ولم يعد لهم الحق فى المطالبة بمحاكمات خاصة، بل يتم تطبيق القانون عليهم فى محاكمات عادية».

 

يقول خروب إن المدعين بالحق المدنى قادرون على تقديم بلاغات للنائب العام من أجل فتح تحقيقات فى الجرائم السياسية واستخدام هذا القانون، ويؤكد أن القانون المصرى بشكله الحالى به الكثير من الضمانات لإجراء محاكمات «عادلة ومنصفة». 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك