مؤلف «اقتصاد الثورة»: لن يتوقف المصريون عن الثورة حتى ينحاز الاقتصاد للأغلبية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 12:38 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

روبرتو روكو: ثلاثون شركة كبيرة تأخذ 40% من قروض البنوك

مؤلف «اقتصاد الثورة»: لن يتوقف المصريون عن الثورة حتى ينحاز الاقتصاد للأغلبية

المصريون لن يتراجعوا عن الثورة حتى تتحقق العدالة - تصوير : أحمد عبد اللطيف
المصريون لن يتراجعوا عن الثورة حتى تتحقق العدالة - تصوير : أحمد عبد اللطيف
حوار ــ محمد جاد
نشر في: الجمعة 22 نوفمبر 2013 - 10:14 ص | آخر تحديث: الجمعة 22 نوفمبر 2013 - 10:41 ص

إذا تصفحت كتابه الصادر هذا العام عن «الاقتصاد السياسى للثورة المصرية»، ستلاحظ اعتماد روبرتو روكو، المحاضر فى جامعة «كنجز كوليدج لندن»، على مراجع لأسماء شهيرة كأستاذ العلوم السياسية البريطانى تيموثى ميتشيل والاقتصادى المصرى سامر سليمان وآخرين ممن شغلهم لغز علاقات القوة فى النظام الاقتصادى المصرى وحقيقة من يسيطر على صنع القرار بداخله ويسيره لمصلحته الشخصية، الا ان كتاب روكو يعد اضافة متميزة لتلك الأعمال السابقة فى تتبعه لتاريخ ما أسماه «السلطوية الليبرالية» ومحاولته رسم صورة كبيرة لسيطرة المؤسسات الدولية وطبقة رجال الأعمال الجديدة على تشكيل الاقتصاد المصرى ضد مصلحة الاغلبية، والأهم من ذلك ما عبر عنه فى حواره مع «الشروق» من ثقة بأن من قاموا بثورة يناير لن يتراجعوا حتى يستردوا حقوقهم الاقتصادية المنهوبة منذ عقود.

طبقة الـ0.05%

«الفكرة التى احاول ان اناقشها فى الكتاب هى أن الاصلاحات الاقتصادية النيوليبرالية، التى تم تطبيقها على عدة مراحل منذ الثمانينيات، ساهمت فى زيادة عدم المساواة بين المصريين بدلا من ان تجلب الرخاء للجميع» كما يقول روبرتو روكو لـ«الشروق» وهو يحدد القضية الجوهرية التى يدور حولها تحليله للتاريخ المصرى، مضيفا «تم افقار الطبقات العاملة ومعظم الطبقة المتوسطة بشكل ملحوظ بينما كانت هناك قلة صغيرة من المصريين، رجال اعمال فى المعتاد لهم علاقات قوية بالقطاع المصرفى والمالى، ازدادت ثرواتهم عشر أو خمس عشرة مرة خلال تلك الفترة».

ولا تخلو جعبة «روكو» من العديد من التقديرات الاحصائية التى يبرهن بها على وجهة نظره فى قراءة الاقتصاد المصرى والتى يستعرضها فى العديد من مواقع كتابه، ففى قطاع الزراعة يمتلك أقل من 0.05% من ملاك الاراضى أكثر من 10% من الاراضى الزراعية المملوكة،

ولا يختلف عالم المال كثيرا عن المزارعين الاثرياء، فـ30 من اكبر الشركات المصرية تستحوذ على 40% من القروض المقدمة، كما جاء فى كتاب «روكو»، مستعرضا تقديرات للبنك الدولى حول تركز التمويل فى مصر خلال احدى سنوات النمو الاقتصادى القوى، عام 2006، حيث تم تقديم نحو 51% من القروض المقدمة للقطاع الخاص الى 0.19% من عملائها.

برلمان عبدالناصر يقود التحرر الاقتصادى

النظام الاقتصادى الذى عمل لصالح تلك النخب الضيقة على حساب الملايين من المواطنين استطاع ان يستمر فى الهيمنة بفضل جمعه بين «التوافق» و«الاكراه»، كما جاء فى الكتاب، ومع التوسع فى السياسات النيوليبرالية «كان التوافق بالكاد اختفى، هذا فى رأى احد الاسباب الرئيسية لاتجاه الناس الى الثورة فى 25 يناير»، كما يقول روكو.

فى رواية روكو لتاريخ الاقتصاد المصرى الحديث يظهر العديد من الابطال الرئيسيين الذى استطاعوا الهيمنة على المجتمع المصرى واجباره على اتباع سياسات اقتصادية كانت فى صالح النخب الصغيرة، ومن مفارقات تلك الرواية ان برلمان جمال عبدالناصر كان احد ادوات تلك الهيمنة، حيث يشير الكتاب الى انه بالرغم من اقرار الرئيس الاسبق لشرط تمتع العمال والفلاحين بنصف مقاعد البرلمان الا ان حصة الفلاحين فى البرلمان لم تمنع تمرير تطبيق قانون تحرير العلاقة الإيجارى للأراضى الزراعية سنة 1992 «فالبرلمان الذى مرر القانون لم يكن به فلاح واحد.. منذ السبعينيات كان هناك تحول كبير فى علاقات القوة مع اتجاه نخب ملاك الاراضى الى اخذ دور اكثر مركزية فى السياسة ومحاولاتهم للتأثير على العلاقات الاقتصادية».

لعبة القط والفأر مع المؤسسات الدولية

ولمؤسسات التمويل دور ايضا فى تشكيل النموذج الاقتصادى الجديد، كما يبين الكتاب، كدور برنامج المعونة الامريكية فى الدفع بسياسات تحرير القطاع الزراعى، ودور صندوق النقد والبنك الدولى فى خصخصة القطاعين الصناعى والمالى، فقصة الخصخصة كما يرويها روكو مليئة بمفارقات طريفة، اذ تبدأ برفض قوى للحكومة لبيع المنشآت العامة ثم ضغوط من المؤسسات الدولية، وتنتهى بعمليات خصخصة واسعة.

فى بداية تطبيق برنامج التكيف الهيكلى، عام 1991 بالتعاون مع صندوق النقد والبنك الدوليين، كان من المفترض ان تبيع الحكومة 22 شركة فى نهاية 1993، ولكنها حتى هذا التاريخ كانت قد باعت ثلاث شركات فقط، وهو ما أصاب صندوق النقد بالإحباط «ولكن فى نهاية البرنامج تغيرت الامور بشكل درامى» كما يقول الكتاب مع تعهد عاطف عبيد، وزير التخطيط آنذاك، بخصخصة 100 شركة بنهاية 1996.

الحكومة تعهدت ايضا فى يناير 1993 بتقييم العديد من حصصها من عدد من البنوك مع الاتجاه الى بيعها، وذلك «تحت تهديد سحب البنك الدولى للشريحة الثانية من قرضه»، وهو الاتجاه الذى وضعه صندوق النقد الدولى ايضا ضمن شروطه، و«تحت ضغوط عملية الغاء الديون (المصرية) فى منتصف يوليو 1994 استجابت الحكومة جزئيا لتلك المطالب ببيعها حصصها فى 11 بنكا».

وكانت المرحلة الثانية الكبيرة من الخصخصة فى عهد حكومة احمد نظيف مع كسر المزيد من التابوهات بخصخصة احد اكبر البنوك العامة، بنك الاسكندرية، والتوسع فى تصفية ملكية الدولة فى القطاع العام.

الطرف الثالث فى الهيمنة على تشكيل اتجاهات الاقتصاد المصرى هو بالطبع مجموعة رجال الاعمال اصحاب العلاقة القوية بالسلطة، والذى يسرد «روكو» قصص نجاحهم وكيف كانت مقترنة بامتيازات ممنوحة من الحكومة لهم، «عندما زرت القاهرة للمرة الاولى فى 2010 كان مثيرا بالنسبة لى ما سمعته من بعض افراد طبقة رجال الاعمال الجديد، حول كيف يبدو تزايد حالة عدم المساواة الاجتماعية فى نظرهم، والذين رأوه نتيجة لتزايد الفرص وثراء البعض بسبب استعدادهم لاقتناص تلك الفرص، وسقوط آخرين فى قاع هرم توزيع الدخل بسبب عدم قدرتهم على العمل فى النظام (الاقتصادى) الجديد».

مستقبل الاقتصاد بيد الناس

بالرغم من تركيز الكتاب على تحليل تداعيات ثورة يناير واسهامها فى اسقاط ديكتاتورية مبارك والتأثير على ادواته للهيمنة على الاقتصاد المصرى، الا ان روكو لا ينكر فى حواره مع «الشروق» ان تظاهرات الثلاثين من يونيو ساهمت ايضا فى اسقاط (ديكتاتورية فى طور التكوين) على حد وصفه لنظام الرئيس السابق محمد مرسى، لذا يعول روكو كثيرا فى تشخيصه لمستقبل الاقتصاد المصرى على قدرة الجماهير على التغيير التى اظهرتها خلال السنوات الثلاث الاخيرة «الآن قطاع كبير من المصريين تعلم ان التظاهر بسلمية.. يمكن ان يحقق نتائج ايجابية، انا واثق ان المصريين لن يتوقفوا حتى يكون العيش متاحا حتى للاسر الاكثر فقرا، وينالون الكرامة والحرية مع بناء مؤسسات المواطنة فى مصر الجديدة، ويحققون العدالة الاجتماعية بحيث لا تكون هناك جموع من الشعب جائعة فى مواجهة البليونيرات» كما يقول روكو.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك