فى ذكرياته عن الثورة.. سليمان حافظ يروى أسباب رفضه لانغماس الجيش فى السياسة - بوابة الشروق
السبت 4 مايو 2024 12:37 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى ذكرياته عن الثورة.. سليمان حافظ يروى أسباب رفضه لانغماس الجيش فى السياسة

مجلس قيادة حركة الضباط الأحرار 1952، وعلي اليمين غلاف الكتاب
مجلس قيادة حركة الضباط الأحرار 1952، وعلي اليمين غلاف الكتاب
دينا عزت
نشر في: الجمعة 23 سبتمبر 2011 - 1:35 م | آخر تحديث: السبت 24 سبتمبر 2011 - 9:11 ص

إنه الرجل الذى ساهم فى اعداد وثيقة تنازل الملك فاروق عن عرش مصر بعد ثورة يوليو 1952، بل هو الرجل الذى ذهب إلى فاروق ليحصل منه على توقيعه على وثيقة التنازل ليعود بعد ذلك ويسعى فى تقديم الدعم التشريعى اللازم لتتحول حركة الضباط الاحرار مما رآه البعض انقلابا وتصبح بالفعل فى نظر الجماهير العريضة ثورة معبرة عن يأس من نظام سابق أحل بمصر الضرر وأمل قى أيام قادمة تحقق للوطن نهضته. سليمان حافظ، ابن الإسكندرية، رجل القانون الذى اشتغل بالمحاماة وعمل نائبا للسنهورى فى مجلس الدولة قبل ثورة يوليو ثم عمل مستشارا سياسيا لعلى ماهر لدى ترأسه أول وزارة بعد الثورة فنائبا لمحمد نجيب عند تشكيل وزارته فى سبتمبر 1952، ليتوالى بعد ذلك خلال سنوات الثورة الاولى فى المناصب التى جعلته وثيق الاطلاع على دوائر صنع القرار.

 

فى صفحات لا تتجاوز المائة بكثير وفى لغة تشبه الحكى أكثر منها شبها للتدوين يسرد سليمان حافظ قصته مع السنوات الأولى من الثورة التى رآها واعدة بتغيير ما آل إليه الحال قبل وقوعها ثم نظر إليها كما يشارك قارئه بنظرة قلق من جراء سياسات استشعرها متجهة نحو سياقات ديكتاتورية تأتى من جراء انغماس الجيش فى السياسة ورفض العسكريين التعاون الوثيق، بل وربما الثقة، فى المدنية ثم انقسام العسكريين وانفراد البعض منهم ــ حسب روايته ــ باتخاذ القرار بل والتنكيل بمن يجاهر بمخالفة الرأى.

 

«ذكرياتى عن الثورة ــ سليمان حافظ» هو العنوان الذى اختارته دار الشروق لنشر هذه المذكرات عام 2010، بعد ان كانت جريدة الاخبار قد نشرت بعضا من مقتطفاتها وهى المذكرات التى اتمها حافظ فى عام 1956 ثم عاد ليضيف إليها بعض الفصول فى العام التالى وثم تركها حتى وفاته عام 1968 عن عمر يناهز 1972.

 

لم يطل تقارب حافظ والثورة اكثر من نحو خمس سنوات سعى خلالها كما يقول للتقريب بين المدنيين والعسكريين وتحسين العلاقة بين مجلس قيادة الثورة ومجلس الوزراء، خاصة بعد اعلان الجمهورية فى يونيو 1953. وإن كان البعض كان يوجه إليه اتهامات بأنه ترزى القوانين والدساتير.

 

ولا ينكر حافظ، من خلال التصريح، ان اختيارات ناصر لم تكن فى رأيه دوما الأصوب، سواء ما يتعلق منها بتنحية نجيب ــ وهو الذى طلب من حافظ ان يأتيه باستقالة نجيب فى فبراير 1954 ــ أو إدارته لأزمة قناة السويس بعد العدوان الثلاثى ــ حيث كان حافظ يريد لناصر أن يتنحى عن الحكم ويترك نجيب لادارة شئون البلاد السياسية بينما يتجه الأول لقيادة المقاومة الشعبية ضد العدوان الثلاثى على مصر.

 

مذكرات سليمان حافظ وإن كانت تبدو رافضة لناصر وواصفة له بالديكتاتور لا تنحى فى اتجاه النيل منه بصورة مباشرة حتى وإن لامته، بالتصريح اكثر من التلمحى، على جملة من التطورات السلبية بما فيها العدوان الثلاثى على مصر فى عقب تأميم قناة السويس وانفصال السودان عن مصر وسوء ادارة محادثات الجلاء بل وضعف نص الاتفاقية كما يرى ذلك القانونى.

 

حافظ يلوم ناصر بصورة يصعب ان تغفلها عين القارئ عن التنكيل بمن يجاهر بمخالفته الرأى بما فى ذلك حافظ نفسه الذى تم اعتقاله سياسيا لستة اشهر. وتبلغ قدرة ناصر على التنكيل ــ حسب رواية حافظ ــ إلى درجة تدبير الاعتداء على من يخالفه الرأى مثل السنهورى، وإن كان لا يقطع بتورط ناصر بصورة مباشرة فى تفاصيل هذا الاعتداء أو غيره.

 

حافظ يقول إنه دعم الثورة لأنه رأى فيها امكانية ان تأخذ بيد مصر من حال التدهور الذى ساد قبل وقوعها إلى حال الديمقراطية والنهضة المأمولة ولكنها ــ حسب روايته ــ لم تفعل، فلام نفسه أشد اللوم على دعمه للثورة، دون خشية ان يجاهر بلوم الذات هذا.

 

مذكرات سلسلة فى القراءة حتى وإن بدت غير مشوقة فى تتاليها، مليئة بالانطباعات عن شخصيات صنعت السنوات الأولى من الثورة، تبدو منصفة لمحمد نجيب، إذا كان القارئ ممن يرون أن الظلم وقع به على يد الثورة، وغير منصفة بنفس الدرجة لناصر لمن يراه القائد الحقيقى للثورة والذى جاءت أخطاؤه فى سياقات سياسية داخلية وإقليمية اوسع بكثير مما يرويها حافظ فى مذكراته.

 

رواية حافظ لا تخلو من تفاصيل حوارات دارت بينه وبين بعض من زاملهم فى سنوات الثورة الأولى بما فى ذلك ناصر نفسه، ولا تخلو من مشاركة فى تفاصيل لحظات هى تاريخية ولكنها أيضا إنسانية مثل لحظة بحثه عن سيجارة يدخنها بينما هو ينتظر الدخول للقاء فاروق والحصول على توقيعه على وسيلة تنازله عن عرش مصر والسودان، فيتقدم أحد الضباط الحاضرين إليه بعلبة سجائره فلا يجد فيها سوى لفافة واحدة يأبى أن يستأثر بها لنفسه دون صاحب علبة السجائر.

 

قد تبدو مذكرات سليمان حافظ فى لغتها وتفاصيلها أتية من ستة عقود مضت عن أحداث ثورة يوليو 1952 التى أعقبتها لم يعد يشار إليها اليوم بكلمة «الثورة» بعد أن وقعت ثورة الخامس والعشرين من يناير، ولكن فيما يرويه حافظ، سواء اتفق معه القارئ أو اختلف، ما يستحق النظر اليوم وما يشير إلى أن التاريخ أحيانا، ورغم القول بغير ذلك، يمكن أن يعيد نفسه حتى وإن تنوعت الطرق التى تصاغ بها الأحداث ذاتها.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك