كشفت مصادر إخوانية مقربة من رئاسة الجمهورية أن هناك «حالة من التوافق داخل الجماعة والرئاسة على خفض سن تقاعد القضاة إلى 65 عاما بدلا من 60 عاما، تضمنها مشروع قانون حزب الوسط المقدم لمجلس الشورى».
المصادر التى حضرت اجتماعا عاصفا لمكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، اليوم، ــ والتى فضلت عدم كشف هويتها ــ قالت لـ«الشروق»: الجماعة تسعى إلى احتواء غضبة القضاة التى تسبب فيها نص مشروع القانون، وخاصة النص على أن يخفض سن التقاعد إلى 60 عاما؛ أما النص على خفض السن إلى 65 عاما، فيبقى على عدد كبير ممن تجاوزوا الستين، ويطيح فقط بنحو 700 قاضٍ».
وعن لقاء الرئيس بمجلس القضاء الأعلى مساء الاثنين الماضى، قالت المصادر إن اللقاء «لم يتوصل خلاله الطرفان لأى اتفاق»، نافية ما تداولته بعض وسائل الاعلام فى هذا الشأن، وموضحة: «الرئيس كان معترضا بشدة على توقيت تقديم القانون، وأرجع اعتراضه إلى أن البلد لا يحتمل أى خلاف أو معارك جديدة».
وكشفت المصادر الإخوانية كذلك أن رئيس حزب الحرية والعدالة سعد الكتاتنى «رفض إثارة خفض سن القضاة فى هذا التوقيت، وتحفظ على التقدم بمشروع القانون لمجلس الشورى، ولفت إلى ان من يقوم بالجهد الاكبر فى الدفع بالقانون فى هذا التوقيت هو حزب الوسط، ويدعمه فى ذلك بعض الاطراف الإخوانية».
وأشارت المصادر إلى أن «مكتب الارشاد رفض المشاركة فى مليونية تطهير القضاء الجمعة الماضية، لكنه تعرض لضغوط من قبل بعض القوى السياسية، فاضطرت الجماعة للمشاركة لأنها وجدت نفسها فى موقف حرج».
وتعليقا على ما يشهده مكتب إرشاد الجماعة من جدل حاد حول استقالة المستشار محمد فؤاد جاد الله المستشار القانونى لرئيس الجمهورية، قالت المصادر :«جاد الله أحد أقطاب الفريق القانونى للجماعة وحزبها، وهو من كتب الإعلان الدستورى المعيب بخط يده، ويشارك وزير العدل المستشار احمد مكى فى كونهما من تسببا فى خروج الاعلان بهذا الشكل». لافتة إلى أن «مكى كان يرغب تضمين نصوص من قانون الطوارئ الذى اقترحه ضمن مواد الاعلان الدستورى، الا ان الرئيس عارض ذلك بشدة»، وحملت المصادر جاد الله «المسئولية فى توتر العلاقة بين الرئيس والاخوان من جهة، وقضاة مجلس الدولة من جهة أخرى».
إلى ذلك، وبعيدا عن اجتماع مكتب الإرشاد، شن أعضاء جماعة الإخوان، وحزبها السياسى الحرية والعدالة، هجوما حادا وغاضبا على المستشار محمد فؤاد جاد الله، على خلفية استقالته من منصبه كمستشار قانونى للرئيس.
قال صبحى صالح، عضو اللجنة التشريعية بمجلس الشورى والقيادى بالجماعة، إن «المنسحبين من الهيئة الاستشارية للرئيس مرسى لم يكونوا على قدر تحمل المسئولية».
وأبدى أيمن عبدالغنى، عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، استياءه الشديد من استقالة المستشار جاد الله، قائلا لـ«الشروق» إنه جمع شتات ادعاءات المعارضة فى بيان واحد ليهاجم بها مؤسسة الرئاسة، مؤكدا أن ما ذكره مجرد كلام إنشائى، وليست الأسباب الحقيقية أبدا التى دفعته لتقديم هذه الاستقالة.
وتساءل: «هل اكتشف المستشار جاد الله كل هذه الأسباب فجأة؟، ألم يكن هو نفسه من أشد المطالبين بتطهير القضاء؟»، رافضا ما يتردد عن أن ذلك سيؤثر على الرئيس مرسى بشكل سلبى، قائلا: «الأمور لا تقف على أحد، ويوما بعد يوم يتضح استهداف الرئيس مرسى الذى لم يكمل 8 أشهر وعلى الرغم من ذلك نجد من يتهمونه بكل هذه الاتهامات».
وقال خالد حنفى، أمين عام حزب الحرية والعدالة، بالقاهرة إنه لن تكون هناك عداوة من جانب الجماعة وحزبها ضد جاد الله بسبب موقفه، ومازلنا ننظر له كشخصية محل تقدير، مضيفا أنه: «على الرغم من ذلك فإننا نرى أن أسباب الاستقالة سياسية بحتة، وجاء كثير من بنودها ليغازل أطرافا تتصدر المشهد حاليا وهو ما ظهر فى تحذيره من التشيع. وأشار حنفى إلى أن كثرة أسباب الاستقالة تضعفها ولا تقويها وتؤكد على كونها ليست هى الاسباب الحقيقية للاستقالة، مشددا على أن الانتقادات التى ذكرها جادالله يتحمل هو نفسه جزءا كبيرا منها.
ونفى حنفى اتهامات الأخونة، قائلا: «هذا الكلام غير صحيح بالمرة لأن هناك أمورا حدثت فيها خلافات بين الرئيس والجماعة، وثبت من خلالها أن الرئيس يتخذ قراراته من خلال مؤسسة الرئاسة وعلى رأسها رفض الرئيس مرسى تمرير مشروع قانون الصكوك، وأصر على إعادة عرضه على هيئة كبار العلماء بالمخالفة لموقف الحرية والعدالة المؤيد للقانون».
أما جمال حشمت، عضو مجلس الشورى عن حزب الحرية والعدالة، فعلق على استقالة جادالله قائلا: «لا أخشى على مرسى من معارضيه لكنى أخشى عليه من حوارييه»، مضيفا: «اللهم وفقه فى الاختيار وثبته فى القرار».
وعقب الإعلان عن استقالة المستشار جادالله شنت الصفحات الإلكترونية التابعة للجماعة عاصفة من الانتقادات ضد المستشار السابق للرئيس مشددين على أن العمل المؤسسى كان يقتضى من جادالله عدم طرح أسباب استقالته على وسائل الإعلام، مؤكدين فى الوقت ذاته أنه ربما استشعر حركة تغييرات فى مستشارى الرئيس فاستبقها بتقديم استقالته.