حصلت «الشروق» على حيثيات حكم محكمة القضاء الإدارى الذى صدر أمس الأول بصحة العقد الجديد لبيع أرض مشروع «مدينتى» المبرم فى 18 نوفمبر 2010 بين هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ومجموعة شركات طلعت مصطفى، مع إلزام اللجنة العليا للتقييم التابعة للهيئة العامة للخدمات الحكومية بإعادة تقييم المساحة التى لم يتم حجزها أو التعاقد عليها من أرض المشروع.
قالت المحكمة إنها «على قناعة تامة بتوافر مبررات إعادة بيع أرض المشروع بالأمر المباشر للشركة بعد صدور حكم الإدارية العليا ببطلان عقد البيع القديم المبرم فى 2006، وذلك لتوافر حالة الضرورة لتحقيق اعتبارات اجتماعية واقتصادية تقتضيها المصلحة العامة وفقا لصريح نص المادة 31 مكررا المضافة إلى قانون المناقصات والمزايدات».
وأيدت المحكمة ما انتهت إليه اللجنة القانونية التى شكلها رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف لدراسة طريقة تنفيذ حكم بطلان عقد «مدينتى» حفاظا على حقوق الحاجزين والمشترين و63 ألف مساهم بالشركة والمقيمين والعاملين بالمشروع الذين يبلغ عددهم 150 ألف عامل، وتأمينا للعوائد والاستثمارات التى من المنتظر أن تصل إلى 60 مليار جنيه.
وكشفت المحكمة من خلال مستند قدمته وزارة الإسكان عن أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أرسل إلى الوزير فتحى البرادعى فى أكتوبر الماضى خطابا يؤكد أن تقارير المتابعة التى وردت إلى المجلس العسكرى أبرزت ارتفاع نبرة التوتر والخوف بين «رجال الأعمال الشرفاء» من استمرار حالة عدم الاستقرار فى البلاد، ووجود نوايا حقيقية لدى البعض لنقل استثماراتهم خارج مصر.
وأوضحت المحكمة أن «رجال الأعمال الشرفاء» اقترحوا على المجلس العسكرى فى اجتماعهم معه 14 أغسطس الماضى أن تحترم عقود تخصيص الأراضى وتجنب الطعن عليها بالبطلان لما فى ذلك من آثار سلبية على الاستثمارات الحالية والمستقبلية.
وأكدت المحكمة على لسانها أن «الظروف الحالية التى تمر بها مصر تتطلب إعادة النظر فى القوانين واللوائح المنظمة لأعمال واختصاصات هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بما يتفق والهدف الحقيقى من إنشائها، وهو تنمية المجتمعات العمرانية من خلال خطط قومية مدروسة، تتفق مع احتياجات الدولة وظروف المجتمع، حتى لا تتحول الهيئة فى نظر المجتمع إلى تاجر يتعامل على أراضى الدولة، وتتجنب ذلك السيل من دعاوى بطلان العقود التى أبرمتها».
وبالنسبة للاتفاق بين الطرفين على حصول الدولة على مقابل بيع الأرض فى صورة مقابل عينى قدره 7% من الوحدات السكنية العادية مشطبة لا تقل قيمتها عن 9 مليارات و979 مليون جنيه، استندت المحكمة إلى مذكرة النيابة العامة فى القضية رقم 200 لسنة 2010 بشأن اتهام وزير الإسكان الأسبق إبراهيم سليمان بتقاضى رشوة مقابل تخصيص أرض المشروع لرجل الأعمال هشام طلعت مصطفى.
حيث تبين أن الشركة عرضت على سليمان سداد مقابل الأرض نقدا، لكنه رفض طلبها بعد دراسته بمعرفة عدد من اللجان المتخصصة اشترك فى عضويتها ممثلون لهيئة الرقابة الإدارية ومجلس الدولة، وانتهى رأيها إلى أن النظام النقدى لا يحقق أى ميزة أو مصلحة للهيئة، بينما المقابل العينى يؤدى إلى حصول الهيئة على قيمة أكبر، فضلا عن وجود سوابق للتعامل بالنظام العينى.
لكن المحكمة أكدت اعتراضها وعدم اطمئنانها إلى ما انتهت إليه اللجنة العليا للتقييم بالهيئة العامة للخدمات الحكومية من إعادة تقييم سعر متر أرض المشروع بمبلغ 297 جنيها على مساحة 44 مليون متر مربع، رغم استناد وزير المالية فى خطاب اعتماد هذا السعر إلى أنه سبق تخصيص مساحة مماثلة لشركة المقاولون العرب بسعر 42 جنيها للمتر عام 2004، وأن قسم التخطيط العمرانى بكلية هندسة عين شمس قيمت أرضا مماثلة على الطريق الدائرى الثالث بسعر يتراوح من 200 إلى 250 جنيها للمتر.
وقالت المحكمة إن سعر المتر فى مشروع شركة داماك بلغ 750 جنيها للمتر، وأن لجنة التقييم كان عليها عند إعادة التقييم التفرقة بين المساحات التى تم بناؤها بالفعل والتعاقد عليها مع الحاجزين والمساحات الأخرى التى لم يتم الحجز عليها، فتبقى المساحات الأولى بذات السعر المتعاقد عليه سلفا حماية للمشترين والحاجزين حسنى النية الذين لا شأن لهم بما شاب العقد الأول من بطلان.
وشددت المحكمة على أن المساحات الخالية التى لم يفتح باب الحجز عليها قد تضاعفت قيمتها بعد إبرام العقد القديم المقضى ببطلانه، وأصبحت مثل أعلى العناصر قيمة بالنسبة للمشروعات الإسكانية بصفة عامة، ولم يتم ذلك عند إعادة التقييم، مما يعد إخلالا شديدا بالتوازن المالى للعقد، مما يستوجب إعادة تقييم سعر المتر مرة أخرى للوصول إلى سعر عادل لا يؤدى إلى خسارة أى من طرفى العقد.