صدر حديثاً عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، ضمن سلسلسة ذاكرة الكتابة كتاب "من بعيد" تأليف الكاتب والمفكر د.طه حسين، تقديم طلعت رضوان.
فقد أكد طه حسين فى مقدمة هذا الكتاب أنه يحتوى على فصول متفرقة لا يكاد يجمع بينها إلا أنها كتبت من بعيد فى المكان كما كتبت من بعيد فى الزمان أيضاً، فأكثرها كتب من باريس وبعضها كتب من فيينا وقليل جداً منها كتب فى القاهرة.
كما أضاف أن أقدم هذه الفصول عهداً كتب سنة 1923، وأحدثها عهداً كتب سنة 1930 فهى كما ترى جاءت من بعيد فى المكان والزمان جميعاً، وقد يظهر للنظرة الأولى أن بعد المكان لا يؤثر فى كتابة الكاتب وكذلك إذا قرأت هذه الفصول وما يشبهها فستتبين فى غير شك أن النأى عن الدار والتنقل فى أقطار الغربة يثيران فى نفس الكاتب من العواطف والخواطر مالا تثيره الاقامة والاستقرار ومما يهيئان الكاتب تهيئة خاصة للشعور والحس، وللتفكير والتعبير، لا يستقيم له حين يكون مقيما مستقراً فى داره بين أهله ومواطنيه يرى فى كل يوم مثل ما كان يراه من قبل لا تكاد تختلف الظروف التى تحيط به الا اختلافاً يسيرا بطيئاً، لا يكاد يحس.
وأضاف أن ليس من شك إذن فى أن لبعد المكان آثرا فى اعداد الكاتب للكاتبة، آثراً فنياً خاصاً، غير هذا الآثر الظاهر الذى يراه الناس حين يقرأون ما يكتبه المسافر عما يرى ويشهد من الأقطار.