حالة من الجدل تدور حاليا بين القوى الوطنية والأحزاب السياسية حول نظام إجراء الانتخابات البرلمانية القادمة، بعد ما انتهت إليه لجنة الخبراء لتعديل دستور 2012 المعطل، بإجراء الانتخابات البرلمانية بالنظام الفردى، حيث يرى المعارضون له أنه يسمح بعودة رءوس الأموال لشراء الأصوات، ويعود بالانتخابات لأجواء القبليات، فيما يرى المؤيدون أنه يزيد ارتباط النائب بدائرته الصغيرة، وإعطاء قضايا الدائرة فرصة أكبر لتمثيلها مباشرة فى البرلمان.
بداية أكد الدكتور يسرى حماد؛ نائب رئيس حزب الوطن السلفى، أن تغيير النظام الانتخابى ليكون بالنظام الفردى فى الدستور الجديد للبلاد، فى ظل توجه عام لتقوية الأحزاب السياسية، أمر محير وعسير الفهم.
متسائلا: «هل يتغير النظام الانتخابى من أجل أن يفوز أصحاب رءوس الأموال فى الانتخابات القادمة؟، وهل سيقوم النظام السياسى على نواب ليس لهم برامج لقيادة الدولة، ونواب يمثلون أنفسهم فى ظل نظام سياسى تشكل فيه الحكومة من قبل حزب الأغلبية فى المجلس؟».
وأبدى حماد تخوفه، من أن يكون الهدف متمثلا فى عدم وجود حكومة حزبية، حتى يقوم الرئيس القادم بتشكيل حكومة تخضع لتوجهاته بدون رقابة حقيقية لمؤسسات الدولة وأوجه الصرف. لافتا إلى أنه من المحتمل أن يقر هذا المجلس تعديلا آخر فى الدستور يعطى الرئيس صلاحيات أوسع، لتعود الدولة لنظام دولة الحاكم الفرد.
وأضاف حماد أن ما يحدث الآن من خلال قيام الحكومة الانتقالية بتعديل الدستور بهذه السرعة وعدم ترك التعديل لنواب الشعب فى المجلس القادم، عبارة عن سرقة نظام سياسى من بعض ممن يدعى التوجه الليبرالى، بعد أن وضع على رأس الدولة بدون أى غطاء شعبى.
وقال أحمد سلامة؛ أمين الإعلام بحزب التجمع بالإسكندرية، إن حزبه يفضل الالتزام بالقائمة النسبية غير المشروطة بالنسب، نظرا لتخوفه من النظام الفردى، والذى سيفتح الباب أمام أصحاب الأموال وفلول الحزب الوطنى، وكذلك عناصر تيار الإسلام السياسى، ويعود بالانتخابات لأجواء القبليات.
أما محمود رياض؛ نائب رئيس حزب مصر القومى، فأوضح تفضيله لنظام الانتخاب بالقائمة النسبية المفتوحة، مشيرا إلى أنه يفتح المجال أمام تمثيل الكفاءات وأصحاب الخبرات والفئات المهمشة كالمرأة والأقليات، إلى جانب أنه يقلل من دور المال فى شراء الأصوات.
واعتبر رياض أن النظام الفردى يتسبب فى ضعف تمثيل الكوادر بمجلسى الشعب والشورى، لأنه من خلاله يكون هناك كثير من النواب لا يعرفون شيئا عن التشريع أو مراقبة الحكومة، وهما المهمتان الأساسيتان لأى نائب، مضيفا أن المرحلة الراهنة من عمر الوطن، تتطلب حياة حزبية دسمة تكون نواة لبداية مرحلة ديمقراطية حقيقية، وهو ما لن يتحقق إلا بنظام القائمة النسبية المفتوحة أو المغلقة.
فيما أشاد الدكتور عفت السادات، رئيس حزب السادات الديمقراطى، بمقترحات إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة بالنظام الفردى، مشيرا إلى أن إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة بالنظام الفردى، من شأنه أن يزيد ارتباط النائب بدائرته الصغيرة، وإعطاء قضايا الدائرة فرصة أكبر لتمثيلها مباشرة فى البرلمان، رافضا فى الوقت ذاته كل الاتهامات الموجهة لهذا النظام، بأنه يسمح بالعصبيات والقبلية فى التمثيل. حيث قال إن هذا الأمر انتهى منذ زمن، ومصر الآن تعيش فترة جديدة بفكر ووعى جماهيرى أعلى.
واتهم السادات نظام القائمة النسبية، بأنه يقضى عمليا على العلاقة بين الناخبين وممثليهم، حيث يعمل على صلات ضعيفة وعلاقة غير وثيقة بين الممثلين ومنتخبيهم، لافتا إلى أنه فى حال استخدام القوائم المغلقة، لا يملك الناخبون أية إمكانية لتحديد هوية ممثليهم، بالإضافة إلى أنه يركز السلطة فى أيدى القيادات الحزبية والمقرات الرئيسية، متناسيا الدور الواجب القيام به تجاه أهالى الدوائر الصغيرة.
وفى السياق ذاته، قرر حزب المؤتمر، خلال اجتماع له أمس، الموافقة على أن تجرى الانتخابات بالنظام الفردى، حماية للوطن من تهديدات الإرهاب والتجارة بالدين، مشيرا إلى أن المعركة الانتخابية القادمة ستكون معركة وطنية، وفوق أى مصلحة حزبية، مشيدا فى الوقت نفسه بالتعديلات المقترحة على الدستور المعطل، مؤكدا أن أغلب تلك التعديلات كان الحزب قد اقترحها على لجنة تعديل الدستور.