«التعثر، توظيف الاموال، مشاكل العاملين» ملفات ثلاثة ساخنة تنتظر قيادات البنوك الحكومية الجديدة التى تبدأ مهام عملها اليوم وسط رأى عام يقظ وغضب مازال مكتوما داخل البنوك التى لم تر ان التغيير وصل للقطاع المصرفى الذى يمثل عصب الاقتصاد.
المتشائمون من التغير يعتبرون ان جمال مبارك ابن الرئيس المخلوع مازال يطل برأسه ويتواجد من خلال التابعين، والذى جاء بهم للسيطرة على القطاع المصرفى، فهناك عضو بلجنة السياسيات التابعة للحزب الوطنى المنحل تم اختياره رئيسا لاحد البنوك الحكومية، بعد ان كان غادر ذلك القطاع لعدة سنوات، بسبب مشاكل يواجه فى منصبه الذى كان يشغله،وقربه من احد صناع القرار.
الرئيس الجديد هو واثنان فقط من رجال البنوك كانوا اعضاء بلجنة السياسات، ومن المفارقة ان الثلاثة عملوا فى نفس البنك الذى يشغل عضوية ابن مبارك لسنوات، ويتولاه حاليا احدهم،رغم ان كل المؤشرات بعد الثورة كانت تؤكد رحليه، وهو ما يتمناه هو ايضا شريطة عدم المحاسبة.
فى محاولة لبدء مرحلة جديدة فى تاريخ البنوك الحكومية، تستعد بنوك الدولة لاستقبال ادارات جديدة تبدأ عملها مع اليوم ولمدة ثلاث سنوات حسب التجديد الذى تم لها من قبل رئاسة الوزراء الاسبوع الماضى،ولقد شهدت تلك البنوك خلال ساعات عملها الاخيرة تبرئة للمجالس السابقة من خلال جمعيات عمومية، ربما لم تنعقد منذ سنوات.
فى بنك التنمية الصناعية والعمال المصرى برئاسة شاهين سراج الدين رئيسه السابق، الذى انتهت ولايته أمس الاول، تم مناقشة آخر ميزانية منفصلة لكل من التنمية الصناعية ثم العمال قبل الدمج ومناقشة وإقرار الميزانية الموحدة الأولى للبنكين بعد الدمج والتى تم اقفالها مارس 2009،وهو ما يتم لاول مرة منذ قرار الدمج قبل ما يقرب من اربع سنوات فالبنك طوال تلك السنوات لم يعلن عن ارقامه فى مخالفة صريحة للقانون.
طبقا لتقرير جهاز المحاسبات عجز المخصصات بالبنك 1.1 مليار جينه بينما يصل إلى 937 مليون جنيه طبقا لرؤية مجلس إدارة البنك الذى تعرض لمشاكل بالجملة من قبل موظفى البنك عقب الثورة. وقد تلقى التنمية الصناعية وديعة من المركزى لمدة 12 سنة بمبلغ 5.1 مليار جنيه توفر 120 مليون جنيه سنويا. ولعل علاج معاناة البنك فى المخصصات وجود محفظة متعثرة،تكون على رأس الادارة الجديدة برئاسة سيد القصير،الخبير فى مجال المخاطر،التى كان يتولاه فى البنك الاهلى اكبر البنوك الحكومية.
فى السياق ذاته اعتمدت الجمعية العامة العادية لبنك القاهرة، برئاسة محمد بركات، رئيس مجلس إدارة البنك، أمس الاول، الخميس، القوائم المالية للبنك عن الفترة المالية، من يوليو إلى ديسمبر 2010، وأعلنت عن تحقيق صافى أرباح قدرها 125 مليون جنيه خلال 6 أشهر.
واتخذت الجمعية قرارا بتعيين منير عبدالوهاب الزاهد، رئيسا لمجلس الادارة ورئيسا تنفيذيا للبنك ومحمد طه محمد مصطفى، ومحمد محمود فتحى محمد عوض عضوى مجلس إدارة تنفيذيين،وهو ما يعنى فصل ادارة بنك القاهرة عن مصر فصلا كامل وهو ما كانت اشارات اليه الشروق قبل ايام.
وتعد مشكلة التعثر والتى وصلت حسب تقديرات المركزى المصرى نحو 100مليار جنيه قبل 2003 من اصعب الملفات التى تواجه القيادات الجديدة ،ويأتى بنك مصر ثانى اكبر البنوك المصرية على رأسها فعلى الرغم من تمكن البنك من إبرام تسويات بنحو ٥٤ مليار جنيه من حجم الديون المتعثرة، وكذلك التى آلت إليه بعد الاستحواذ على بنك القاهرة والبالغ إجماليها نحو ٦٥ مليار جنيه، فهناك عمل يستوجب فعله من الادارة الجديدة التى ورثت تركة مثقلة بالديون من ادارات سابقة.
كما تعد مشكلة التوظيف المتدنى لأموال الموجودة بالبنوك فى استثمار مباشر، ورفعها من المستوى الذى يقل عن 50% لانعاش الاقتصاد ضرورة ملحة، فى ظل ارتعاش القيادات المصرفية الا القليل منها فى اتخاذ القرار الائتمانى، والذى جعل عمليات الاقتراض تعد على اصابع اليد طوال الشهور الثمانية الماضية.
وتأتى مشكلة الموظفين وتعديل الهيكل الوظيفى واجورهم على رأس تلك الملفات الملغومة التى تواجه قيادات البنوك، حتى مع الموظفين الذى نالت استحسان بعضهم الاتفاقيات التى اجريت بين البنوك والبنك المركزى باشراف من نائب المحافظ هشام رامز بعد شهور الثورة الاولى.
رؤساء بنوك جدد تحدثوا الى «الشروق» مؤكدين على وعيهم بتلك المشاكل ووضعها فى اولويات الاهتمام، مطالبين بوقت قصير لعلاجها، مع علمهم ان التأخير ليس فى صالحهم.