رحلة شكسبير الأفغانية إلى مسرح جلوب البريطاني - بوابة الشروق
الجمعة 13 يونيو 2025 2:21 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

رحلة شكسبير الأفغانية إلى مسرح جلوب البريطاني

بي بي سي عربي
نشر في: الثلاثاء 28 فبراير 2012 - 3:50 م | آخر تحديث: الثلاثاء 28 فبراير 2012 - 5:15 م

أمل الممثلون الأفغان في إعادة تعريف شكسبير، وكذلك الوعي العام بالشأن الأفغاني، وذلك عن طريق المشاركة في واحد من أهم مهرجانات المسرح عبر العصور.

 

    في بيت يقع في أحد الشوارع الأكثر هدوءًا بمدينة كابول، تقوم شابتان أفغانيتان بقراءة أعمال شكسبير لأول مرة؛ فإحداهما تعمل ممثلة مسلسلات تلفزيونية، وهي تعمل في مجال التمثيل لتعيل زوجها وأبناءها السبعة، والأخرى تقوم بالبحث عن كل ما يتعلق بشكسبير عبرالإنترنت للتعرف على أعماله.

 

    وتشكل الاثنتان جزءًا من محاولة للقيام بأداء مسرحية"كوميديا الأخطاء" لشكسبيرعلى مسرح"جلوب" في لندن، وفي إبريل القادم ستغادر الفتاتان أفغانستان وذلك للمرة الأولى لتتجها إلى لندن للقيام بالتمثيل على خشبة المسرح التاريخي لشكسبير.

 

    ويأتي ذلك ضمن المشاركة في فعاليات الأولمبياد الثقافي البريطاني، الذي يدشنه مسرح"جلوب"(الكرة) والذي سيقدم مسرحيات شكسبير بنحو 37 لغة، لفرق مسرحية من دول مختلفة.

 

    وتشمل هذه الأعمال"العاصفة" من بنجلاديش، ومسرحية "سيمبيلن" من جنوب السودان، بالإضافة إلى مسرحية "خاب سعي العشاق" والتي ستُعرض بلغة الإشارة البريطانية، وسينتهي المهرجان الذي يستمر لمدة ستة أسابيع بعرض مسرحية "كوميديا الأخطاء" من قبل الفريق الأفغاني.

 

العائلة المفقودة

 

    وتبدأ المسرحية في مطار كابول وبعودة أحد الآباء إلى وطنه أفغانستان بحثا عن أبنائه المفقودين والذين فقدهم – ليس في حادث تحطم سفينة كما كان يقصد شكسبير – ولكن في عاصفة رملية.

 

   وتعتقد السيدة كورني جابر، أن المواضيع التي تتناولها مسرحيات شكسبير وطيدة الصلة بالوضع بأفغانستان، حيث تقول:"ستبدأ المسرحية بوالد يبحث عن عائلته المفقودة وسيتحدث إلى الناس هنا. فبعد 30 عامًا من الحرب يعود الناس للبحث عن أقاربهم المفقودين، والعائلة تمثل أمرًا مهمًا جدًا، ولا يمكنك العيش بدون عائلتك."

 

    وتضيف جابر:"الأوضاع الاجتماعية في إنجلترا في عصر النهضة، أقرب الى الوضع في أفغانستان المعاصرة أكثر من أي مكان آخر في أوروبا، فكل الرموز الثقافية في مسرحيات شكسبير لها مدلول في أفغانستان، وبالطبع فإن الشعر يعد مكونًا أساسيًا في الثقافة الأفغانية."

 

   وليست هذه هي المرة الأولى التي تتبنى فيها جابر أعمال شكسبير في أفغانستان، ففي عام 2005 أخرجت مسرحية "خاب سعي العشاق" في حديقة قديمة في كابول.

 

    وقوبل العرض باستحسان كعمل، يتضمن اختلافًا كبيرًا عن الثقافة الشائعة، فقد ظهر في المسرحية رجال ونساء يمسكون أيدي بعض، وقد ظهرت النساء في بعض الأوقات بدون غطاء الرأس.

 

    ولكن جابر تصر على أنها لم تأت إلى أفغانستان كثورية، وتقول: "أنا لست أحد أعضاء الحركة النسائية، وأنا لا أقوم بذلك لأجعل هذه النساء حرة، ولكنني أهتم بما أحتاج إليه من الناحية الفنية لأخبر القصة."

 

تهديد بالقتل

 

    وكانت أكبر التحديات هي إيجاد نسوة يرغبن في المشاركة في العمل المسرحي، وكانت اثنتان من النساء اللاتي شاركن في مسرحية "خاب سعي العشاق" قد اضطرتا لمغادرة البلاد، حيث تعيش إحداهن الآن في كندا وستظهر في العرض المسرحي "كوميديا الأخطاء" بجانب ممثلتين أخرتين من مدينة كابول.

 

   وتحاول جابر إيجاد ممثلات بالاعتماد على البحث من خلال المعارف والأصدقاء، وليس عن طريق الإعلان، حيث إن العديد من النساء اللاتي يذهبن للاختبار في مجال التمثيل يتعرضن للمضايقة والإهانة، أو يتلقين تهديدات بالقتل بسبب مجال عملهن.

 

    وتقول إحدى الممثلات: "أفغانستان مجتمع تقليدي، حيث هناك العديد من الناس يعانون من الأمية، ولا يفهمون فكرة المسرح. فأنا أتعرض للتحرش في الشارع، والناس يدعونني بالشاذة والعاهرة، ويقولون لي أنت امرأة ويجب أن تمكثي بالبيت، وهم لا يفهمون الأمر."

 

   ومثل العديد من الممثلات، اعتادت عبيده – وهي ممثلة تعمل في كابول- أن تقوم بالتدريس في المدينة، وقد بدأت التمثيل عندما لم تتمكن من دعم عائلتها براتبها غير الكافي."

 

     وتضيف عبيده: "ابنتي كانت مريضة جدًا، وكنت أقوم بالتدريس في ذلك الوقت، ولكنني لم أستطع أن أحصل على ما يكفيني من المال، ولذا قلت لزوجي إن ابنته مريضة جدًا وعليه أن يأخذها إلى المستشفى، ولكنه قال لي اذهبي إلى الجحيم أنت وابنتك، وقال لي أن أنتظر حتى تتزوج فيقوم زوجها بالإنفاق على علاجها، وإذا كان مقدرًا لها أن تموت قبل ذلك، فدعيها تموت."

 

   وعن عملها في مجال التمثيل، تقول عبيده: "شخصيتي في الأفلام التي أقوم بها تختلف تمامًا عن شخصيتي الحقيقية، فأي شخص يشاهدني في التلفاز يعتقد أن لي حياة جيدة جدًا، ولكن المال الذي أحصل عليه من التمثيل يذهب في مصاريف الأبناء الدراسية وفي الإيجار السكني والفواتير الأخرى."

 

"باريس صغيرة"

 

    وكانت حركة طالبان قد حرّمت التمثيل المسرحي، وحتى بعد 10 سنوات من سقوط نظام طالبان، لا تزال الحركة المسرحية ضعيفة في أفغانستان.

 

    وكان مسرح كابول القومي يقدم عروضًا لمسرحيات شكسبير ومولير، وكان من أكبر المسارح في آسيا، ولكنه تعرض للدمار خلال الحرب الأهلية في التسعينات ولم تتم إعادة بنائه أبدًا.

 

    ويتذكر ميرويس صديقي، مدير مدرسة أغا خان للموسيقى في مدينة كابول، أيام الأمجاد التي شهدتها المدينة فيقول: "أعمال شكسبير ليست شيئًا جديدًا على أفغانستان، فعندما كنت صبيًا، اعتدنا أن نذهب إلى المسرح القومي في مدينة كابول، وشاهدنا أعمال شكسبير. كانت المدينة عبارة عن باريس صغيرة، حيث كان الناس يغادرون المسرح في الساعة الثانية صباحا. لقد كان عالمًا مختلفًا."

 

"أمور حساسة"

 

   ويقدم المسرح القومي الآن عروضًا للأطفال، بجوار ما تبقى من حطام المسرح بعد تعرضه للدمار، ويدير المسرح الآن شابور صدقات المتخصص في مشروعات الفنون الأجنبية.

 

   ويقول صدقات: "حينما يقوم المخرجون بعمل عرض مسرحي، فهم يراعون تقاليد المجتمع، ويعملون بطريقة تراعي الأمور الحساسة الخاصة بالمجتمع."

 

   ويضيف: "يحتاج المخرجون للعمل مع الأشخاص الذين لديهم معرفة جيدة بالنواحي الثقافية على أرض الواقع، وإلا سيخاطرون أكثر بصرف الناس عن المسرح."

 

   ويوضح صدقات: "العديد من المخرجين يأتون إلى هنا، وعندما يغادرون ينتهي المشروع الذي جاؤوا من أجله، فهم يقومون بتعيين ممثلين بعقود مؤقتة، ويقوم هؤلاء بدورهم، ولكن حينما يرحل المخرج، ينتهي الأمر، ولا يتركون خلفهم شيئًا."

 

    وتنوي كورني جابر، أن تعود بمسرحيتها إلى كابول بعد جولة في كل من الهند وبريطانيا وألمانيا، ولكن الوضع الأمني المتدهور يعني أن المسرحية ربما لن تصل إلى أفغانستان في الوقت الراهن.

 

   وبالنسبة للممثلين المشاركين في المسرحية، فإن تغيير وجه أفغانستان في الخارج أهم من العودة إلى أرض الوطن، ويقول شاه محمد، أحد الممثلين بالمسرحية: "إن الأشياء الوحيدة التي ترتبط بأفغانستان عند الناس هي المخدرات، والحرب والإرهاب."

 

ويضيف: "إن السبب الذي دعانا إلى عمل هذه المسرحية هو أن نُري العالم أن أفغانستان ليست هي التي يظنها الناس، ففيها أناس موهوبون، وثقافة ثرية، ورغم الحرب، فإن الحياة فيها مستمرة."



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك