مع وجود الإعلان الدستورى المكمل، الذى يقلص بحسب عدد من السياسيين صلاحيات الرئيس المنتخب ويجعلها «منقوصة»، يطغى على المشهد المصرى تخوف من استمرار المجلس العسكرى فى السلطة لأجل غير مسمى.. إلا أن عددا من الخبراء الاستراتيجيين يؤكدون أن المجلس العسكرى سيختفى من المشهد السياسى عقب الاستفتاء على الدستور وانتخاب مجلس الشعب، مستبعدين استغلال المجلس لنصوص الإعلان الدستورى المكمل فى إحكام سيطرته على الجمعية التأسيسية لوضع الدستور وفرض نصوص بعينها فى الدستور الجديد تجعل المجلس حاضرا بشكل مستمر فى المشهد.
اللواء عادل سليمان، الخبير الاستراتيجى قال: «نحن الآن فى وضع استثنائى، وبعد إقرار الدستور والاستفتاء عليه من قبل الشعب تكون مؤسسات الدولة المنتخبة قد اكتملت، وبذلك يعود المجلس العسكرى لمهامه الأساسية وهى الدفاع عن الوطن»، مضيفا «الإعلان الدستورى الحالى دوره تنظيم العلاقات إلى أن يوضع الدستور، وسينتهى دوره بمجرد إقرار الدستور الجديد».
وشدد على أن «المجلس العسكرى لن يكون له أى دور سياسى بعد كتابة الدستور».
وأضاف فيما يتعلق بالمادة 60 مكرر 1 من الإعلان الدستورى المكمل، والتى تتيح لرئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يطلب إعادة النظر فى النصوص التى يرى أنها تتعارض مع مبادئ الثورة التى تتحقق بها المصالح العليا للبلاد «أتوقع ألا يحدث ذلك إلا فى حالة اللعب بالمادة الثانية من دستور 1971 التى لها علاقة بالدين، وذلك لطمأنة المسيحيين، ليس أكثر».
وأوضح «لو الأمور سارت بشكل طبيعى وتم الانتهاء من وضع الدستور والاستفتاء عليه وانتخاب مجلس الشعب، فإن اختفاء المجلس العسكرى من المشهد السياسى لن يأخذ أكثر من 4 أو 5 أشهر».
فيما أشار علاء عز الدين منصور، مدير مركز الدراسات الإستراتيجية للقوات المسلحة سابقا إلى أن «المجلس وضع المادة 60 مكرر 1 لتجنيب الرئيس الجديد الحرج حتى لا يقال إنه منحاز لفئة من المجتمع على حساب الأخرى، وكذلك لأن القوات المسلحة هى أفضل الجهات التى يمكنها أن تقف على الحياد من كل القوى الموجودة فى المجتمع دون انحياز لفئة دون الأخرى، فضلا عن أنها ستراعى مدنية الدولة».
«أما النص المتعلق بإمكانية أن يطلب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة إعادة النظر فى عدد من النصوص التى سيتم وضعها عن طريق الجمعية التأسيسية، فوضع تحسبا لوضع نصوص تضر بالأمن القومى للبلاد»، هكذا قال منصور، موضحا أن «هناك كثيرا ممن يحملون شهادات دراسية عالية ولكنهم يفتقدون لرؤى معينة قد تضر بالأمن القومى وذلك ليس تشكيكا فى وطنيتهم ولكن ربما لعدم اندماجهم فى هذا المجال».
واستبعد قيام القوات المسلحة باستغلال ذلك النص من الإعلان الدستورى المكمل لوضع مادة فى الدستور تجعله حاضرا فى المشهد السياسى بشكل مستمر.
وقال «لا يمكن لأى ديكتاتور فى العالم أن يفعل ذلك، والمجلس الأعلى كان لديه الكثير من المبررات التى كان بإمكانه الاستناد إليها لتأجيل أشياء كثيرة إلا أنه لم يفعل، كإمكانية تأجيل إجراء انتخابات مجلس الشعب بسبب أحداث محمد محمود العام الماضى».
وأكد أنه «بمجرد الاستفتاء على الدستور وانتخاب مجلس الشعب يصبح المجلس الأعلى للقوات المسلحة لا علاقة له بالمشهد السياسى».
من جهته، قال مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: «المجلس العسكرى لن يختفى بسهولة عن المشهد السياسى فى مصر.. فهو باق حتى تتم صياغة الدستور وانتخاب مجلس الشعب ومن غير المنتظر أن يتم ذلك قبل 5 أو 6 أشهر من الآن».
وتابع «إذا افترضنا أن الجمعية التأسيسية الحالية ستظل قائمة فإنها ستعمل خلال الشهور الثلاثة القادمة على إعداد الدستور، ليجرى بعدها فى خلال 15 يوما استفتاء شعبى عليه، ثم يعقب ذلك بشهر انتخابات مجلس الشعب، وذلك ما يعنى أن الأمر سيستلزم ما لا يقل عن 4 أشهر».
واستدرك السيد «لكن إذا ما قضت محكمة القضاء الإدارى فى سبتمبر المقبل ببطلان هذه الجمعية، فإنه سيتعين تشكيل جمعية جديدة لتبدأ فى عملها وتستمر فيه لمدة 3 أشهر، إلى آخره وهو ما سيؤدى لإطالة المدة لأكثر من 6 أشهر».
من جهة أخرى، قال السيد: «الإعلان الدستورى المكمل يعطى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحق فى الاعتراض على أى نص فى الدستور الذى ستضعه الجمعية التأسيسية، وهو ما قد يستغله المجلس فى اجتذاب الجمعية لتضمين مواد لها علاقة بوضعه ومواد تهىِّء له توجيه السياسات المتعلقة بالأمن القومى من خلال مجلس الدفاع الوطنى، فضلا عن المواد التى تنظم علاقته برئيس الجمهورية».