عبد الناصر لـ «أمريكا» بعد محاولة شرائه بمليون دولار: «عشم إبليس في الجنة» - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 5:39 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الشروق» تنفرد بحقوق النشر الحصرى لكتاب «برج القاهرة.. أول مهمة للمخابرات العامة المصرية»(2)

عبد الناصر لـ «أمريكا» بعد محاولة شرائه بمليون دولار: «عشم إبليس في الجنة»

الرئيس الراحل جمال عبد الناصر
الرئيس الراحل جمال عبد الناصر
إعداد: إسماعيل الأشول
نشر في: الأحد 29 سبتمبر 2013 - 10:11 ص | آخر تحديث: الأحد 29 سبتمبر 2013 - 2:49 م

• ناصر يقرر استغلال المبلغ فاقترحوا عليه إقامة فندق أو بناء مدارس أو توسيع طريق الإسكندرية الصحراوى

• استقر الرأى على بناء برج يكون معبرًا عن اعتزاز المصريين بكرامتهم.. ويمكن استغلاله فى تركيب معدات لمحطة إرسال إذاعى سرية

• جزيرة الزمالك تفوز بموقع البناء فى منافسة مع قلعة صلاح الدين ومنطقة الأهرام

 

في الحلقة الأولى، من كتاب «برج القاهرة.. أول مهمة قومية للمخابرات العامة المصرية» الذى سيصدر قريبًا تناولنا قصة تأسيس جهاز المخابرات العامة المصرية، ثم لقاء حسن التهامى مستشار الرئيس جمال عبدالناصر، بمايلز كوبلن، كبير عملاء المخابرات الأمريكية بالشرق الأوسط، وحقيبة الدولارات التى تسلمها التهامى من كوبلن، على أن يسلمها للرئيس جمال عبد الناصر كمساعدة من حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، لعبد الناصر «لينفقها كما يشاء» باعتباره رئيسا لإحدى الدول الصديقة بحسب تعبير كوبلن، وما كان ذلك إلا محاولة لتقديم رشوة لرئيس مصر لاستمالته لصف سياسات الولايات المتحدة، والتخلى عن دعم حركات التحرر الوطنى فى أفريقيا.

وفى السطور القادمة نواصل عرض الكتاب بحسب نص مؤلفه اللواء دكتور عادل شاهين، وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية الأسبق.

بعدما تسلم التهامى الحقيبة، انتابته حيرة شديدة، بشأن ما سيفعله وكيفية تسليمها للرئيس عبدالناصر.

أدى حسن التهامى صلاة الفجر بعدما وصل ليلا لمنزله من لقاء كوبلن بفندق سميراميس، وبدأ يحتسى كوبا من الشاى مع مداعبة أصابعه لمؤشر راديو صغير كان بجانب سريره ليستمع لآخر الأخبار العالمية والإقليمية والمحلية، وما إن أشرق نور الصباح حتى قام وارتدى ملابسه وكانت الساعة قد أشارت عقاربها إلى السابعة صباحا فأمسك بالتليفون وطلب مكتب على صبرى مدير مكتب الرئيس، وبالطبع لم يكن قد وصل إلى مكتبه بعد، فرد (المناوب) بأن على صبرى على وصول. وبعد مضى حوالى ربع ساعة دق جرس التليفون وكان المتحدث على صبرى، وبعد تبادل تحية الصباح طلب حسن التهامى أن تتاح له فرصة لقاء الرئيس لأمر مهم ولو لخمس دقائق.. ووعد على صبرى بإخطار الرئيس فور تواجده فى مكتبه. وانتهى الاتصال التليفونى على أمل انتظار اتصال آخر من على صبرى يخطره بموعد مقابلته مع الرئيس جمال عبدالناصر.

مايلز كوبلن

عبدالناصر والمال الأمريكى

لم يتأخر الاتصال المنتظر وحدد موعد اللقاء حسن التهامى وفى التوقيت المحدد كان التهامى قد وصل إلى مكتب على صبرى فى الدور الأرضى فى المبنى المقابل لمنزل الرئيس وبعد استفسار من على صبرى عن الحقيبة برفقته والتى ستكون معه فور لقائه مع الرئيس أفاد بأنه يعلم ما بداخلها وهى كلها (أوراق مهمة) ويمكن أن تكون أنت بصحبتى أثناء الدخول للرئيس وقام بفتحها حيث اطلع عليها صبرى، والذى عقدت المفاجأة لسانه ثم بعد دقائق نظر إلى حسن التهامى وأشار إلى الحقيبة وقال متوقعا.. دى عشان محاولة انقلاب من إحدى الدول العربية!

وهنا ضحك التهامى ورد قائلا: اصبر.. لا حديث إلا بعد مقابلة الرئيس.

وفى تمام الحادية عشرة من صباح ذلك اليوم كان الاثنان على صبرى والتهامى وبرفقتهما الحقيبة المجهولة حتى هذه اللحظة يدلفان إلى مكتب الرئيس.

علي صبري

حوار مع الرئيس

فى بداية اللقاء بادر الرئيس بعد الترحيب بحسن التهامى وفى حضور على صبرى بتوجيه استفسار إلى حسن التهامى: ماذا بداخل هذه الحقيبة يا حسن؟

واستطرد الرئيس: هل هى قنبلة لاغتيالى وضحك الجميع؟

ورد التهامى قائلا: إنها سيادة الرئيس مليون دولار أمريكى مرسلة من الحكومة الأمريكية لسيادتك شخصيا وقد تسلمتها من ضابط المخابرات الأمريكى مايلز كوبلن كبير ضباط المخابرات الأمريكية فى الشرق الأوسط وحسب ما علمت منه أنها هدية تقدمها الحكومة الأمريكية لسيادتك وتقدم مثلها كمساعدة شخصية لبعض رؤساء الدول الصديقة.

الرئيس عبدالناصر: هى ليست هدية يا حسن.. إنها قنبلة لاغتيال ذمتى المالية.. لاغتيالى معنويا ولا انتم شايفين إيه؟

حسن التهامى: هو كده يا فندم.. وأكد هذا المعنى على صبرى.. والذى استأذن بعد دقائق فى الانصراف وخرج من المكتب تاركا الرئيس عبدالناصر وحسن التهامى.

قبل انتهاء لقاء حسن التهامى مع الرئيس عبدالناصر بشأن حقيبة العطية المالية الأمريكية سأل الرئيس: هل عددت يا حسن المبلغ الموجود بالحقيبة؟

حسن التهامى: سيادة الرئيس مايلز كوبلن قال لى إنها مليون دولار وقد قمت بعد المبلغ بنفسى فوجدته ناقصا 25 دولارا.

الرئيس: يا حسن اقفل الحقيبة، وخلى الفلوس دى عندك أو تحت سيطرتك لحين التفكير فى أسلوب الرد المناسب على وقاحة المخابرات الأمريكية، هذه الفلوس كما دخلت بيتى ومكتبى اليوم تخرج فورا وتحفظ عليها حتى نفكر فى أحسن اسلوب للرد.

حسن التهامى: حاضر يافندم.. سأتحفظ عليها بمعرفتى.

الرئيس: اقعد مع زكريا محيى الدين المشرف العام على المخابرات وابحثوا معا ماذا نفعل بهذه الفلوس وبحيث يكون الرد رسالة موجعة عبر السنين تعبر عن الخزى والعار للمخابرات الأمريكية وأكيد هى صاحبة الفكرة وورطت الحكومة الأمريكية فيها.

وأيضا أرى أن يكون الرد معبرا عن عزة الشعب المصرى وكرامته التى لا تشترى ولا تباع.

وأضاف الرئيس: عاوز رد فى ظرف أسبوعين من الآن ولا يعلن عن هذا الموضوع.

وتابع الرئيس عبدالناصر: وطبعا هم الأمريكان بيقدموا هذه العطية المالية كإغراء لنا لنوقف مساندتنا لثوار الجزائر وحركات التحرير الأفريقية.. وهم يقولون لنا بهذه الحقيبة.. انها مقدمة للمزيد.. ولكن هيهات لهم أن يبلغوا ما يتمنون. إنه عشم إبليس فى الجنة.

انصرف حسن التهامى من مكتب الرئيس وفى يده تلك الحقيبة، وقد انفرجت أساريره وانفك عنه التوتر وبدا مرتاحا نفسيا لموقف الرئيس وانه قد خرج من الأزمة دون أى لوم.

وأخذ يحدث نفسه خلال رجوعه إلى منزله: الآن يا حسن إلى المهمة الأصعب التى كلفنى بها الرئيس.. ولكن قبل ذلك لابد من إخفاء هذه الحقيبة لدى شخصية أمينة فأنا كثير الحركة والسفر إلى خارج البلاد وفى اليوم التالى هداه تفكيره إلى الاستعانة بيسرى الجزار ضابط المخابرات العامة الذى يعرفه جيدا ويثق فيه.

وبعد لقاء الرئيس رتب حسن التهامى لقاء مع زكريا محيى الدين المشرف العام على المخابرات العامة وأبلغه بأمر الحقيبة الصادر لهما من الرئيس جمال عبدالناصر بالبحث فى اختيار أنسب أسلوب للرد بما يحقق ما طلبه الرئيس وأن أمامهما مهلة أسبوعين لإبلاغ الرئيس بمقترحاتهما، وفى نهاية اللقاء أخطره أنه يفكر فى الاستعانة بضابط المخابرات المصرى يسرى الجزار فى إخفاء الحقيبة لحين طلبها مرة أخرى، ولم يمانع زكريا محيى الدين فى ذلك.

يسري الجزار

 

يسرى الجزار والحقيبة

وما إن وصل حسن التهامى إلى منزله بعد لقائه مع المشرف العام على المخابرات العامة هاتف يسرى الجزار وطلب منه المرور عليه فى المنزل، وفعلا حضر يسرى الجزار فى التوقيت المحدد وعلى الفور سلمه الحقيبة مغلقة وطلب منه الاحتفاظ بها فى منزله لحين طلبها منه مرة اخرى وعدم تسليمها لشخص غيره وامتثل يسرى الجزار لهذا الأمر وخرج حاملا الحقيبة المجهولة بالنسبة له فهو لا يدرى ماذا بداخلها ولم يقل له حسن التهامى شيئا إلا الاحتفاظ بها لحين طلبها مع المحافظة عليها.

ومرت الأيام وتوالت الأسابيع ولم يطلب حسن التهامى من يسرى الجزار إعادة الحقيبة، وبدأ الشك يساوره فى أمر هذه الحقيبة الغامضة وعما قد يكون بداخلها.

ترى هل بداخلها مواد مخدرة؟! هل أسلحة أو مواد متفجرة؟! وبعد أن تملك منه الشك والخوف من عواقب عدم معرفته بما هو داخل هذه الحقيبة استجمع قواه وعزم على فتح هذه الحقيبة ليعرف ما بداخلها ليطمئن قلبه.. وكانت المفاجأة التى عقدت لسانه أنها مليئة بأوراق بنكنوت خضراء دولارات أمريكية، وعلى الفور أغلق تلك الحقيبة وأعادها إلى حيث كان يخبئها داخل دولابه الخاص بحجرة نومه. ونهض فورا إلى التليفون وفى ثوان معدودة كان يخاطب حسن التهامى.

يسرى الجزار: إيه يافندم المصيبة اللى أنت مدهالى أخبيها عندى فى بيتى.. إيه يافندم الحكاية بالضبط!

التهامى، قابل هذا التساؤل بضحك متوال وأضاف: (معلش يا يسرى فى ظرف يوم أو اثنين على الأكثر هقولك إيه الحكاية بالضبط).

ومضى يومان كان يسرى الجزار فيهما فى أسوأ حالاته النفسية فهو يحتفظ بحقيبة مليئة بالدولارات لا يعرف عن مصدرها شيئا إلا أنه تسلمها من حسن التهامى وطلب منه التحفظ عليها، وقفز إلى ذهنه أن هذا المبلغ ربما كان بهدف إحداث انقلاب عسكرى، ولم يقطع هذه الحيرة إلا اتصال تليفونى جاءه من التهامى يدعوه إلى لقاء عاجل بدون الحقيبة فى مقر مبنى المخابرات العامة فى الملحق الخلفى لمبنى مجلس الوزراء بشارع مجلس الأمة.

اجتماع مهم

فى التوقيت المحدد كان زكريا محيى الدين المشرف العام على المخابرات العامة وقتها وحسن التهامى ويسرى الجزار قد بدأ بينهم اجتماع مغلق علم خلاله يسرى الجزار بقصة الحقيبة الغامضة منذ البداية فهدأت نفسه وهدأت أعصابه وأبدى تحمسا بالغا فى تنفيذ تكليف الرئيس جمال عبدالناصر، وخلال هذا الاجتماع طرحت عدة اقتراحات كانت كلها تدور حول إمكانية استخدام هذا المبلغ فى تشييد مبنى يظل شاهدا عبر السنين على واقعة العطية المالية التاريخية التى كانت المخابرات الأمريكية تستهدف من ورائها أن تجنى إحدى ثمرتين؛ إما امتثال جمال عبدالناصر لما تمليه عليه السياسة الأمريكية نتيجة إغرائه بالمال ومن ثم إيقاف مساندته لثوار الجزائر والحركات التحررية الأخرى فى أفريقيا، وإما كسر قامة زعامته واغتياله معنوياته باختراق ذمته المالية بقبوله هذا المال لشخصه.

كما نوقشت عدة اقتراحات من بينها أنه يمكن استثمار هذا المبلغ فى بناء عمارة شاهقة تكون ملكا للدولة أو بناء عدة مدارس أو تجديد عدد من الكبارى الواقعة على ضفاف النيل أو استخدامه فى توسيع الطريق الصحراوى بين القاهرة والاسكندرية وفى نهاية المطاف استقر الرأى على بناء معلم سياحى يكون شاهدا ومعبرا عن اعتزاز المصريين بكرامتهم وبأن عزة مصر وكرامتها تعلو وتسمو على أى مصالح شخصية مهما كان حجمها وخصوصا أنه يمكن الاستفادة بهذا المعلم السياحى فى تركيب معدات لمحطة إرسال إذاعى سرية.

وهنا ثار النقاش بين المجتمعين: هل يكون البناء فندقا أو يكون على شكل مركز سياحى متعدد الخدمات، وبعد مناقشة مستفيضة استقر الرأى على أن يكون المبنى المقترح على شكل برج سياحى يطلق عليه (برج القاهرة).

وانتهى الاجتماع مع استقرار الرأى على قيام حسن التهامى بإبلاغ الرئيس جمال عبدالناصر بما استقروا عليه من اقتراح بناء برج سياحى فى القاهرة، وهذا ما تم بالفعل وقد استحسن الرئيس هذا الاقتراح وأمر الرئيس بالبدء فورا فى دراسة المشروع واختيار المكان المناسب له.

حسن التهامي

مهمة تاريخية

لم يمض وقت طويل بعد موافقة الرئيس جمال عبدالناصر على بناء برج سياحى فى القاهرة حتى كلف حسن التهامى، ويسرى الجزار بالبدء فورا فى حصر عدد من الأماكن التى تصلح لإقامة هذا البرج داخل القاهرة وبحيث يكون مَعْلمًا سياحيا يضاف إلى المعالم السياحة الأخرى فى العاصمة.

واستشعر الجزار أن هذا التكليف غير مسبوق وليس له خبرات سابقة فى هذا المجال، ومن ثم جال بخاطره أن يستشير أحد أصدقائه، وهو مهندس زراعى يعمل فى وزارة الزراعة وكان مسئولا عن تنمية الحدائق الموجودة بجزيرة الزمالك، ومقر عمله على مقربة من قصر النبيل عباس حليم بالجزيرة فتوجه على الفور إلى هناك حيث قابل هذ الصديق وأفضى إليه بأنه مكلف أن يبحث عن أفضل الأماكن فى القاهرة لإقامة برج سياحى، وأنه فى حيرة من أمره؛ هل يتوجه إلى اختيار مكان بالقرب من أهرامات الجيزة أم يختار مكانا بالقرب من قلعة صلاح الدين أم من الأفضل أن يقام فى أى مكان على ضفاف النيل بالقاهرة.

وهنا انزعج الصديق من هذه الاختيارات وقال موجها كلامه إلى يسرى الجزار:

يوجد مكان فريد من نوعه يتفوق على كل ما ذكرته، وعلى الفور قاطعه الجزار مستفسرا: أين أين؟

فرد المهندس: هنا فى هذه المنطقة فى جزيرة الزمالك تلك منطقة سياحية رائعة وإقامة مثل هذا البرج السياحى هنا سيكون معلما سياحيا رائعا وخاصة أن ذلك سيكون على مقربة من أفخم فنادق القاهرة على ضفاف النيل.

كانت هذه الإجابة الفورية للمهندس الزراعى قد بددت الحيرة التى تنتاب يسرى الجزار فى بحثه عن اختيار المكان المناسب لإقامة البرج، وأخذ يتلفت يمينا ويسارا ويطالع بنظره كافة تفاصيل المنطقة محاولا تحديد مكان يكون أكثر مناسبة فى المنطقة وفعلا حدد المكان المقترح.. وكاد يطير فرحا بهذا الإنجاز.

فى مساء نفس اليوم هاتف حسن التهامى وأخبره بالمكان المفتوح فى جزيرة الزمالك وكان الرد تأييدا واستحسانا للاختيار، كما كلف حسن التهامى يسرى الجزار بالبحث عن مهندس معمارى كبير يستطيع إنجاز هذا العمل.

وفى صباح اليوم التالى كان يسرى الجزار قد قابل أيضا زكريا محيى الدين المشرف العام على المخابرات العامة وأحاطه علما بما توصل إليه، وحصل على تأييده.

وقد علم الجزار بعد ذلك أن زكريا محيى الدين المشرف العام على المخابرات العامة قد عرض اقتراح إقامة مبنى البرج فى منطقة جزيرة الزمالك على الرئيس جمال عبدالناصر الذى وافق وأيد هذا الاقتراح وأوصى الرئيس بالسير قدما فى المشروع مع تذليل أى عقبات.

مشكلة كبيرة

وبدأ الجزار أولى خطوات تنفيذ هذا التكليف ومن منطلق اتباع المنهج العلمى ذهب إلى أكبر أساتذة العمارة والإنشاءات فى جامعة القاهرة، وكانت إجابتهم: أن البناء فى هذه المنطقة يحتاج إلى معالجة فنية وحقن للتربة وهذا أمر كانت تكلفته عالية فى هذا الوقت، ومن ثم فإنهم يفضلون البحث عن منطقة أخرى، ولقد برروا ذلك بأن منطقة الجزيرة المطلوب بناء البرج عليها أرضها رسوبية نتيجة تراكم الطمى لمئات السنين.

وفى محاولة استقصاء أخرى ذهب الجزار إلى أساتذة العمارة والإنشاءات فى جامعة الإسكندرية فسمع نفس الكلام من أساتذة الهندسة بجامعة الإسكندرية.

ورجع الجزار من الإسكندرية وقد ملأته الحيرة فآراء أساتذة العمارة فى كلية الهندسة جامعة القاهرة وكلية الهندسة جامعة الإسكندرية صادمة وتوصى باستحالة التنفيذ وبدأ يحدث نفسه من جديد كيف يتصرف وهو يحمل هذا التكليف بعد هذا الذى سمعه من الأساتذة المتخصصين.. هل يعود إلى حسن التهامى ويبلغه بما سمعه من أساتذة الهندسة حتى يبلغ الرئيس جمال عبدالناصر أن هذه الفكرة من أساسها يستحيل تنفيذها فى هذا المكان المقترح أم ماذا يفعل!.. وظل ساكتا كاتما همه فى نفسه وعاد إليه التوتر من جديد، وأمضى ثلاثة أيام يفكر ويفكر.. كيف يتصرف!

وفجأة قفز إلى فكره لماذا لا يوسع من دائرة الاستقصاء مع جميع أصحاب شركات الهندسة الإنشائية لعله يجد مخرجا.

 

«الحلقة الأولى»

 برج القاهرة أول مهمة قومية للمخابرات العامة المصرية



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك