- البرلمان يلجأ إلى «التجاهل والتعتيم» لإسدال الستار على السجال.. والأعضاء يقرون المادة 97 «بصعوبة»
- مجلس الدولة يعتبر نسبة تشكيل الائتلافات «تعجيزية».. والبرلمان يرد رسميًا بتجاهل التوصية
علمت «الشروق» أن صراعا خفيا دار بين رئيس مجلس النواب على عبدالعال ورئيس قسم التشريع والفتوى بمجلس الدولة المستشار محمود رسلان، وذلك حول مصير الملاحظات التى أبداها المجلس على لائحة البرلمان، وتحديدا مادة بعينها تسببت فى تصاعد الأمور بينهما لدرجة تطلبت تدخلا من أطراف أخرى على رأسهم مستشارو مجلس الدولة الموجودون بمجلس النواب.
مصادر مطلعة بالأمانة العامة لمجلس النواب أشارت إلى أن حالة من الانزعاج سيطرت على عبدالعال بعد ورود عدد كبير من الملاحظات التى اعدها قسم الفتوى والتشريع على اللائحة الداخلية للبرلمان فى أمور متعلقة بمخالفات دستورية وأخطاء فى الصياغة، خاصة أن إرسال اللائحة لمراجعتها من مجلس الدولة كانت محل جدل واسع تحت القبة.
اعترض مجلس الدولة على عدد من مواد لائحة البرلمان فى مذكرة بلغت 14 صفحة، احتوت على ملاحظات حول عدم جواز إلزام مجلس الدولة بمدى زمنى «30 يوما» لنظر القوانين، وعدم خضوع المخصصات المالية للنواب إلى الضرائب، وعدم إدراج موزانة البرلمان كـ«رقم واحد»، وعدم مراجعة الجهاز المركزى لموازنة المجلس، والنسبة التعجيزية لتشكيل الائتلافات بـ 25 %، وعودة النواب من ضباط الجيش والشرطة لأعمالهم الوظيفية، والمساواة بين النواب الموظفين فى الحكومة والقطاع الخاص.
تعامل عبدالعال وأعضاء لجنة «إعداد اللائحة» بمرونة مع ملاحظات مجلس الدولة بشكل عام، حتى وصلوا إلى «الاعتراض» الذى تمت صياغته بشكل تفصيلى من مجلس الدولة حول المادة «97» باللائحة الداخلية للبرلمان، والتى توقف عندها عبدالعال غاضبا، بعدما قال عنها مجلس الدولة فى مذكرة الملاحظات ما هو نصه: كان لمعالجة المشروع المعروض لنظام الائتلافات البرلمانية نصيب وافر من المناقشات التى دارت بقسم الفتوى والتشريع، واستبان له أن تنظيم هذه المسألة يشوبه ملاحظات وجب رصدها.
المادة سالفة الذكر سبق وأن تسببت فى مشكلات واسعة أثناء مناقشة وتمرير مواد اللائحة بالجلسات العامة، وتسببت فى انسحاب غاضب لـ 100 نائب بعدما تقدم القيادى بائتلاف «دعم مصر» طاهر أبوزيد بمقترح زيادة النسبة من 20 % لـ 25 %، بعدما توافقت أحزاب المصريين الأحرار والوفد على أن تكون نسبة 15%.
بصعوبة بالغة تمكن مجلس النواب من إقرار المواد الخاصة بتشكيل الائتلافات وتحديدا «97» الخاصة بتشكيل الائتلافات، وقد وافقت باقى الكتل المؤثرة تحت القبة على ذلك، بعدما تم منحهم ميزات أخرى خاصة بتوسعة هيئة مكتب النواب وتمثيل الهيئات البرلمانية فى اللجنة العامة للمجلس بـ«عضوين فقط» بدلا من 5 أعضاء؛ ليفاجأ رئيس مجلس النواب ورئيس لجنة إعداد اللائحة بأن المادة عادت مجددا لتشكل صداعا لهم، ولكن هذه المرة من خلال ما صرح به رئيس قسم الفتوى والتشريع المستشار محمود رسلان الذى قال للصحفيين أثناء مؤتمر استعراض اعتراضاته على اللائحة: نسبة الـ 25% «مبالغ فيها بشدة»، وقد اطلع قسم التشريع فى هذا الشأن على تجارب دول مثل فرنسا والمغرب وتونس وغيرها، ووجد ان نسبة الـ25% والتى تعادل 150 عضوا كشرط لتشكيل الائتلاف فى البرلمان المصرى، ليس له أى مثيل فى أى دول، فعلى سبيل المثال فى فرنسا يمكن تكوين ائتلاف من 15 عضوا فقط بالرغم من أن عدد أعضاء البرلمان الفرنسى قد يزيد على عدد أعضاء البرلمان المصرى.
وذكر رسلان فى مذكرته من خلال «7 فقرات كاملة» تحدثت عن المادة الخاصة بالائتلافات: للائتلافات دور بالغ الأهمية يتمثل فى مكنة ترشيحه لرئيس مجلس الوزراء لتشكيل الحكومة، ولذلك يجب أن تمثل تلك الائتلافات صورة من صور التعددية السياسية التى أفرزتها الممارسات البرلمانية، كجوهر للديمقراطية ونواة لوجودها، فتتعدد بها بدائل المواطن للاختيار، ويتوارى أمامها نزعات التحكم والاستبداد، وتقيم بطبيعتها رقابة مجتمعية وسياسية ذاتية، تفيد منها الأقلية قبل الأغلبية، فتتمخض بذلك أدوات كفالتها مرتكزا لجميع الحقوق الدستورية.
المصادر تؤكد دخول رئيس البرلمان على عبدالعال بعد هذه اللحظة فى صدام قوى مع رسلان، وطالبه بالتراجع عن المطالبة بتعديل هذه المادة، ليرفض الأخير متمسكا برأيه، وأن عددا من الاتصالات والمراسلات بين الطرفين أزهرت تباينا حادا فى وجهات النظر وتصاعدا لافتا فى اللهجة.
وتكشف المصادر عن ان الأمور تطورت إلى حد غير مسبوق، وصلت إلى تلويح رئيس البرلمان على عبدالعال بإجراء «تعديل دستورى» يدخل «نسبة معينة» على المادة 146 بالدستور التى يتحدث نصها عن: اختيار الحكومة من الحزب أو الائتلاف «الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب»، مهددا باستبدال العبارة السابقة بنسبة محددة، ضمن جملة تغييرات يدعو لها بالدستور المصرى.
وأشارت المصادر إلى تصريح خرج به المستشار بهاء أبوشقة فى اليوم التالى قال فيه: الدستور المصرى به مواد ملغمة، ولابد من إعادة النظر فيها مرة أخرى، ولابد من إجراء تعديل الدستور طبقا للواقع الذى سيفرض تعديل الدستور الحالى».
وتحتوى لائحة البرلمان على 4 مواد جديدة تنظم مسألة تعديل الدستور بناءت على طلب أعضاء المجلس، وهى المواد: 140، 141، 142، 143، 144، وهى المواد التى تلقى «رسلان» تهديدا بالبدء فى تحريكها وفرض وجهة نظر مجلس النواب على توصية مجلس الدولة الخاصة بالائتلافات.
«التجاهل والتعتيم» هو ما استخدمه «البرلمان» لإسدال الستار على هذا السجال الذى دار مع مجلس الدولة، فبعد اجتماع موسع لأعضاء لجنة إعداد اللائحة مساء أمس الأول، خرجوا ليلعنوا ما وافقوا عليه من ملاحظات وما تمسكوا به، دون أى إشارة تذكر للاعتراض على مادة الائتلافات.
حيث استجاب البرلمان لجميع ملاحظات مجلس الدولة، ملعنا تحفظه على المادة رقم 440 الخاصة بإدارج موازنة مجلس النواب كـ«رقم واحد»، وتعديل باقى المواد، ليتجاهل البرلمان ملاحظات المجلس بشأن مادة الائتلافات بشكل واضح.