لعب الإعلام دورا رئيسيا فى إسقاط نظام الإخوان بمصر، فلم يقف فى موقع المتابع والناقل والمحلل فقط، وانما تحول إلى قوى مناهضة لسياسات الانقضاض على السلطة وتغيير هوية الدولة، وسلسلة اخفاقات كادت ان تعرض الوطن للانهيار، وعندها قرر كثير من الاعلاميين الانحياز للمصالح الوطنية، والتخلى عن الحياد الذى قد يعرض امن الدولة المصرية للخطر، ودخل الإعلاميون فى مواجهة صريحة مع نظام الاخوان، تجاوز حدود النزاع السياسى إلى حصار الاستوديوهات فى مدينة الانتاج الاعلامى، وتهديدات وصلت إلى التصفية الجسدية، وفى السطور التالية نرصد محطات من هذا النزال ونسجل شهادات لإعلاميين خاضوا تلك المعارك.
وائل الإبراشى: أعلنا الحرب على حكم الجماعة عندما عرَّضوا الأمن القومى للخطر
• لم نتخيَّل سقوط مرسى بهذه السرعة.. ولكن أخطاء الإخوان وإنكارهم للواقع عجَّل بزوال حكمهم
• 30 يونيو أحبطت مخطط تقليم أذرع الإعلام.. ومرسى توعدنى واختصنى بإشارات فى خطاباته
• حوارات «العاشرة مساءً» مع ساويرس والزند ودحلان أثارت غضب المعزول.. واحتجزوا بهجت فى المطار لمساومته على إبعادى
«عندما يتعرض أمن الوطن للخطر لا تحدثنى عن حياد إعلامى»، بتلك العبارة بدأ الإعلامى وائل الإبراشى حديثه معنا عن إعلان الإعلام المصرى الحرب ضد نظام الإخوان، وقال إن البدايات الأولى مع حكم محمد مرسى جعلتنى أنتقل إلى خندق الإعلام المقاتل، وذلك بعد أن شعرت بوجود خطر حقيقى على أمن البلاد، فى ظل حكم جماعة الإخوان.
أكد أن الإعلام بعد المائة يوم الأولى، لتولى مرسى رئاسة الجمهورية، بدأ فى ممارسة المعارضة التقليدية ضد نظام المستبد، ومع استمرار ممارسات الجماعة، التى وصلت إلى تهديد الأمن القومى المصرى، تحول إلى المعارضة المقاتلة، وتحولت شاشات التليفزيون إلى ساحات لمواجهة نظام تحول من الاستبداد إلى تهديد أمن الوطن.
وأشار الإبراشى إلى الإعلان الدستورى الذى أصدره مرسى ليحصن قراراته ضد أى طعن قضائى؛ ليتحول هو من رئيس جمهورية إلى إلهٍ، لا يستطيع أحد أن يحاسبه أو يقاضيه.
وقال إنه ترتب على هذا الإعلان الدستورى أن خرج الناس ضده فى الاتحادية للتعبير عن رفضهم، واستدعى هو ميليشيات الجماعة كبديل لسلطة الدولة، ليضع البلاد على شفا حرب أهلية.
وأضاف الإبراشى أن الأخطاء توالت بعد ذلك واحدا بعد الآخر، ووضع مرسى نفسه فى صدام بين مؤسسات الدولة، بدءاً بالقضاء ثم الشرطة، وانتهى بالتضييق على الفنانين والمبدعين، وكل صاحب رأى يخالفه.
وعلق الإبراشى قائلا: «هنا تأكدت أن ولاء الإخوان لأهداف التنظيم الدولى، وليس للدولة المصرية، وبحكم وجودهم فى السلطة فإن معلومات الأمن القومى تذهب لهذا التنظيم الذى يضم عناصر تنتمى لأكثر من دولة، وفى هذه اللحظة أدركت وجوب رحيل مرسى ونظامه عن الحكم».
ويستطرد قائلا: «المسألة كانت تسير بخطوات سريعة ومتلاحقة، ففى البداية كنت ممن أعلنوا مساندتهم لمرسى فى الانتخابات الرئاسية، وكنت أتمنى أن ينجح، وذلك لأننى كنت أرى هذا نجاحاً لثورة 25 يناير، وأن نجاح أحمد شفيق يعد ضياعاً لها، وبالفعل ساندت مرسى بعد توليه لمدة شهر كامل، والتزمت الحياد حتى تنتهى المائة يوم الأولى، ولكن مرسى لم يحقق الوعود التى قطعها على نفسه، وتوالت حوادث السكك الحديدية وغيرها، وهنا تحولت إلى المعارضة؛ لأننى رأيت أن الحياد فى ظل هذه الأحداث خيانة للوطن».
ويضيف: إبان هذا التحول فى موقفه أزعج مرسى كثيرا، وجعله يسأل من حوله عن تغير موقفه، وبعد فترة أخذ فى مهاجمة الإعلام، واختصه فى ثلاث مرات بتلميحات عبر الخطابات التى كان يلقيها فى مناسبات مختلفة.
وأرجع الإبراشى هجوم الرئيس المعزول عليه إلى اعتراضه على حلقات قدمها فى برنامجه، ومنها الحلقة التى استضاف فيها رجل الأعمال نجيب ساويرس فى منفاه الاختيارى فى لندن، بعد تهديده والتضييق عليه، وأشار إلى هجوم مرسى على الإعلام بعد الحلقة، التعليق الذى قال فيه: «واحد يجيب رجل أعمال هارب من الضرايب علشان يهاجمنى على الشاشة».
كذلك أشار الإبراشى إلى حالة الغضب التى أصابت المعزول بعد استضافة القيادى الفلسطينى محمد دحلان فى «العاشرة مساءً»، الذى كشف عن أسرار العلاقة بين حركة حماس والإخوان المسلمين فى مصر، التى ظهرت كواليسها أثناء اتفاقية الهدنة التى تمت بين إسرائيل وحماس برعاية من محمد مرسى شخصيا، والوثيقة الموقعة بينهم التى وصفت أعمال المقاومة الفلسطينية بالأعمال العدائية، فى واقعة تعد هى الأولى فى تاريخ القضية الفلسطينية.
وقال إن الرئيس المعزول غضب غضبا شديدا وهاجم الإعلام فى خطاب له، وقال: «إعلام يأتى بمحمد دحلان ليهاجم مصر».
وأضاف أنه خلال معركة الإعلان الدستورى المكمل الذى أصدره مرسى لتحصين قراراته شنت الجماعة هجوما حادا على القضاء، وأهان ابن محمد مرسى القضاء المصرى فى كلمة نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعى، ووصف القضاة الذين يرفضون الإعلان الدستورى بأنهم يرقصون ويطلبون من الرئيس سحب الإعلان الدستورى المكمل.
وفى تعليق للمستشار أحمد الزند على هذا الكلام فى حوار له مع برنامج «العاشرة مساء»،قال: «إذا كان رب البيت بالدف ضاربا فشيمة أهل البيت الرقص، وإن كان ده ابن محمد مرسى فماذا تتوقع منه؟!»، وحسب وائل الإبراشى فإن هذا التعبير أثار محمد مرسى بشدة، ودفعه لمهاجمته لمرة ثالثة فى خطاب له، وكشف عن نيته لإغلاق قناة دريم.
وكشف الإبراشى عن محاولة أيمن نور تنبيهه بموقف مرسى منه، وقال: «أيمن نور عندما كان زميلا وصديقا أخبرنى بأن مرسى مشغول بموقفى منه، لأننى أنا تحديدا كنت مؤيدا له فى وقت سابق، وكان ردى عليه بأن مرسى عاهدنا على أن يكون خادما لهذا الشعب، ولكنه تحول إلى ديكتاتور، واختطف الوطن لصالح التنظيم الدولى».
وأوضح الإبراشى أنه قبل 30 يونيو بأيام قليلة كانت الجماعة تعد لتصفية الإعلام الخاص، وكان هناك إعداد حملة اعتقالات لعدد من الإعلاميين وفرض حراسات على القنوات، وكثيرون نصحونا بمغادرة البلاد، ولكن لم يستجب معظم الزملاء الذين وقفوا فى مواجهة الإخوان إلى آخر لحظة.
ويذكر هنا وائل الإبراشى أن احتمالات تعرضهم للتصفية الجسدية كانت واردة بقوة، خاصة بعد حصار مدينة الإنتاج الإعلامى، وتعليق الإخوان لصورهم فى المشانق، والبعض لجأ للإقامة فى فندق مدينة الإنتاج الإعلامى، خوفا على سلامتهم وسلامة أسرهم، ولكنه أصر على البقاء فى منزله، ولم يكن هناك حارس واحد أمام البيت، مؤكدا أن الإعلاميين كانوا سيتعرضون لخطر شديد، خاصة أنهم لن يحملوا السلاح فى مواجهة قضية سياسية أو وطنية.
وعن مدى إيمانه بنجاح 30w يونيو فى الإطاحة بنظام الإخوان، قال الإبراشى إنه لم يكن هناك من يتوقع سقوط الإخوان بهذه السرعة، أو بهذه السهولة، رغم إيمانه المسبق بأن 30 يونيو ستكون ثورة حاشدة، ولكن تخيلت أن مرسى سيلجأ للدهاء فى اللحظة الأخيرة، وسيوافق على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وبالتوازى سيكون هناك تكتيك سياسى ينقض من خلاله على المعارضة.
أما السيناريو الثانى، فكان أن يلجأ الإخوان إلى العنف ويقوموا بتحريك الميليشيات الموجودة فى رابعة العدوية، لتقع فى مواجهة مع مظاهرات 30 يونيو، وبالتالى ينزل الجيش وندخل فى دوامة من العنف.
ولكن حماقة الإخوان، حسب قول الإبراشى، جعلتهم لا يقدرون الموقف بحجمه الحقيقى، ويرفضون الواقع، وينكرون مشهد ميدان التحرير، ويقولون إنه بضعة آلاف لا تتجاوز المليون أو المليونين، وكان هذا سببا فى سقوط نظامهم.
وعلق قائلا: «إنكار الواقع حماقة يسقط بسببها أى حاكم، ولكن إنكار مرسى للواقع أفاد مصر كثيرا، وساهم فى خروجها من تلك المحنة التى ألمت بها تحت حكم الجماعة».
وفى سياق حديثه عن الضغوط التى تعرض لها فى هذه المعارك التى استمرت إلى ما يقرب من عام، كشف الإبراشى عن واقعة احتجاز الدكتور أحمد بهجت فى المطار ومنعه من السفر، ومساومته على السماح له بالسفر فى مهمة العمل التى كان متجها إليها، مقابل التخلى عن بقاء وائل الإبراشى فى القناة، ولكن د. بهجت قال لهم إنه ليس سهلا إبعاد مذيع عن شاشة القناة، وقال لهم أمهلونى لحين عودته من الخارج لمناقشة الأمر.
وأضاف أن الرئيس المعزول ونظامه شن حروبا على قناة دريم، مشيرا إلى وقف بث القناة على الهواء من استوديوهات دريم، رغم حصول القناة على موافقة بذلك، والمعركة التى خاضها مع وزير إعلامه صلاح عبد المقصود، التى شهدت تراشقا على الهواء بينهما فى البرنامج، والتى أغضبت مرسى لدرجة أنه توعد بعدم خروج القناة على الهواء مرة أخرى، وقال وقتها: «الواد أبو شعر أبيض ده مش هسيبه».
وأكد الإبراشى على حجم الضغوط التى تمت ممارستها على القنوات الخاصة، والثمن الذى دفعته مقابل مواقفها، وقال إن مرسى قبل 30 يونيو كان يدبر لقطع أذرع الإعلام المصرى بعد سيطرته على الإعلام الرسمى.
وكذلك أكد أن القنوات كانت مشاركة فى مظاهرات 30 يونيو وما بعدها من أحداث، مثل فض اعتصامى رابعة العدوية وميدان النهضة، وكانت الكاميرات تنقل على الهواء الفعاليات التى نظمتها القوى الثورية بالشوارع والميادين فى بث مباشر، وساهمت فى تحفيز الناس على النزول للميادين والمشاركة فى التظاهر، لرفض حكم تنظيم الإخوان حتى سقط.
ماسبيرو رفض حكم الإخوان وأعلن العصيان قبل 30 يونيو
• راديو مصر فضح تدخلات الرئاسة فى إدارة برامجه..وقناة الأخبار رفضت الرضوخ لتحيز الوزير لجماعته
• الاعتداء على المتظاهرين بالاتحادية لحظة فارقة استقال على إثرها الأمير وعبد الرحمن والشاعر
ماسبيرو الذى عانى خلال فترة الثورة من اتهامات الانحياز لنظام مبارك والتعتيم على أحداث الشارع، دفع العاملىن فيه إلى رفض أية ممارسات من شأنها الإيقاع به تحت طائلة هذه الاتهامات مرة أخرى، وخلال فترة إدارة المجلس العسكرى للبلاد تحرر إعلاميو ماسبيرو من التبعية لسلطة الحكومة، وفتحوا المجال امام ظهور كل التيارات السياسية وطرح قضايا الشارع دون تحفظ أو مواربة.
وفى فترة حكم الاخوان خاض إعلاميو ماسبيرو العديد من المعارك ضد النظام الجديد الذى بدأ عهده بمحاولات السيطرة على إعلام الدولة وتسخير لخدمة بناء دولة الجماعة، وعمل الوزير الاخوانى صلاح عبدالمقصود بعد توليه حقيبة الإعلام على إخضاع قيادات ماسبيرو وجعلهم يمتثلون إلى مخططات التنظيم، كما أجرى تعديلات فى قيادات العمل الإعلامى وصفها العاملون فى ماسبيرو آنذاك بأخونة الإعلام الرسمى.
وبدأ الصدام بين إعلاميى ماسبيرو ونظام الإخوان مع قرار عبدالمقصود باستضافة عناصر من حزب الحرية والعدالة فى كل البرامج التى تناقش أمورا تتعلق بالسياسة، وذلك بدعوى إحداث حالة من التوازن بين الرأى والرأى الآخر، واعتبر قرار وزير الإعلام الإخوانى أن جماعة الحرية والعدالة هى الممثل الرسمى للأحزاب الإسلامية التى شكلت رقم فاعلا فى المعادلة السياسية قبل 30 يونيو، وأخذ فى مراقبة برامج الهواء من مكتبه وإصدار تعليمات لغرف التحكم بالاستوديوهات، ويطالب بإنهاء بعض البرامج قبل موعدها، وإحالة العاملين فيها للتحقيق ووقفهم عن العمل، ومنها برنامج المنوعات «السكوت ممنوع» على قناة نايل لايف الذى تم إيقافه بعد حلقة استضافت المنتج السينمائى محمد العدل هاجم فيها سياسات حكومة هشام قنديل فى التعامل مع الفن، واتهم نظام الإخوان بمعاداة الفن والفنانين، وأعلن الإعلامى جمال الشاعر استقالته على الهواء مباشرة، وذلك بعدما هدده صلاح عبدالمقصود بقطع الهواء عن الاستوديو احتجاجا على انتقاد ضيوف البرنامج لسياسات الجماعة.
اعتبر العاملون فى ماسبيرو ممارسات عبدالمقصود تدخلا سافرا وأعلنوا رفضه، وفى المقابل تعرض عدد منهم لقرارات الوقف عن العمل الذى كان إحدى الوسائل للضغط عليهم وإخضاعهم لسياسات الجماعة، ومنهم الإعلامية هالة فهمى التى تم إيقافها بعد أن احتجت على الإعلان الدستورى المكمل الذى أصدره الرئيس المعزول محمد مرسى وظهرت على الشاشة حاملة كفنها، كذلك طالت قرارات الوقف الإعلامية بثينة كامل بسبب أدائها لقراءة النشرة الذى ابدت من خلاله تشكيكا فى مصداقية الخبر، كذلك تم إيقاف طاقم تحرير الفترة الإخبارية براديو مصر والتى كانت مكلفة بنقل وقائع افتتاح الرئيس المعزول بعض المشروعات، وذلك بعد أن تلقى عبدالمقصود ملاحظات من قيادات فى الجماعة.
أما الواقعة التى كان لها تأثير كبير فى سير الأمور داخل ماسبيرو، والتى تشكل على أثرها تيار معارض قوى ضد هيمنة الإخوان فكانت مع الاعتداء على المتظاهرين المناهضين للإعلان الدستورى المكمل أمام قصر الاتحادية، والتى استقال على أثرها رئيس التليفزيون آنذاك عصام الأمير، ومن بعده رئيس قطاع القنوات المتخصصة على عبدالرحمن احتجاجا على قتل المتظاهرين أمام قصر الاتحادية.
وكشف الأمير وقتها عن سياسة الكيل بمكيالين التى وضعت البلاد على شفا حرب أهلية، وتسخير كل الإمكانيات لتغطية مظاهرات دعم نظام الاخوان التى نظمتها تيارات اسلامية فى ميدان نهضة مصر بالجيزة، والتى تم إدارة التغطية الاعلامية لها من مكتب الوزير، واستخدمت فيها طائرات لأول مرة، بينما تم التعتيم على مظاهرات القوى الوطنية فى الاتحادية والجرائم التى ترتكب من جانب ميليشيات الجماعة.
ومع الإرهاصات الأولى لثورة 30 يونيو ظهرت معارضه قوية وصلت المناوشات بين الإعلامين وإلى الاستوديوهات فى قطاع الأخبار، واشتعلت المعركة مع تدخلات أحمد عبدالعزيز المستشار الإعلامى للرئيس المعزول الذى حضر لماسبيرو وطلب الجلوس للعاملين فى قناة الأخبار وراديو مصر، وطالبهم بالحيادية وعرض وجهتى النظر، والحرص على وجود عناصر من الحرية والعدالة فى مواجهة الضيوف من التيارات السياسية المختلفة.
وبعدها بأيام كشفت المذيعة سارة عبدالبارى فى راديو مصر عن مزيد من التدخلات عندما أعلنت عبر برنامجها الصباحى عن تدخل رئاسة الجمهورية فى اختيار الضيوف والموضوعات المطروحة، وشكرت رئاسة الجمهورية على الهواء مباشرة على قيامها بإعداد الحلقة والاتفاق مع الضيوف.
وفى جمعة الشرعية التى نظمتها جماعة الإخوان فى 28 يونيو الماضى فى رابعة العدوية، شهدت استوديوهات قناة الأخبار العديد من المناوشات ضد محاولات وزير الإعلام وأعوانه الضغط فى اتجاه إبراز أعداد المتظاهرين، وقام رئيس قطاع الهندسة الإذاعية عمر الخفيف بأرسال 3 سيارات إذاعة خارجية وعدد من سيارات الـ sng ، لنقل المظاهرة عبر قنوات التليفزيون المصرى، وهو ما استفز العاملين فى قناة الأخبار خاصة فى ظل التضييق على تغطية المظاهرات الأخرى فى الشارع المصرى. ووصلت المعركة لذروتها فى 30 يونيو، وذلك بعد أن رفض عبد المقصود تقسيم الشاشة لعرض المظاهرات التى خرجت فى المدن المصرية، وطلب الاكتفاء بالنقل من ميدان التحرير وقصر الاتحادية مع الإبقاء على نافذة ثالثة على اعتصام رابعة العدوية، وهو ما رفضه العاملون فى قناة الأخبار الذين أغلقوا أبواب الاستوديو وقاموا بتقديم التغطية المهنية رغم التهديدات التى استمرت طوال اليوم بقطع الإرسال وتسويد الشاشة.
يوسف الحسينى: 28 أبريل 2013 يوم فارق فى تاريخ الثورة ضد الجماعة
• الإعلام قام بدور بطولى غير مسبوق فى التاريخ بفضل ظهير شعبى أمده بمستندات وفيديوهات تفضح نظام الإخوان
• طاردتنى ميليشيات الإخوان فى مدينة نصر ..وخرجت فى حقيبة سيارة بعد حصارهم لمدينة الإنتاج الإعلامى
• شاهدت استهداف الجماعة للنشطاء فى أحداث الاتحادية ..وتأكدت أنها تحولت من فصيل سياسى إلى تنظيم إرهابى
• اتهمت مرسى والبلتاجى بالتورط فى قتل الثوار ..وتلقيت تهديدات من عبدالرحمن عز على الهواء
قال الإعلامى يوسف الحسينى: بالتأكيد من وجهة نظرى فإن محمد مرسى لم يكن من المفروض ان يحكم، ولكن بعد ان جاءت نتائج الانتخابات لصالحه، وتم إعلانه رئيسا لمصر فى 30 يونيو لم يكن امامنا الا ان ننتظر ماذا سيفعل؟ وكيف سيحكم؟، ووقتها انتظرنا المائة يوم التى تحدث عنها فى خطاباته، وعندما انقضت المائة يوم بدأ الاعلام فى محاسبة الرئيس، وسؤاله عن الوعود التى قطعها على نفسه، وتحدث عن مظاهرات «كشف الحساب» التى نظمتها القوى الثورية، ولكن جاءت ردود أفعال جماعة الاخوان بشكل فيه تعالٍ، وتجاهل للواقع، فخرجت مظاهرات «مصر مش عزبة» التى نظمتها جبهة الإنقاذ الوطنى والتيار الشعبى، وهنا بدأ عنف تنظيم الاخوان.
اثناء إقامة منصة فى ميدان التحرير ضمن الاستعداد لمظاهرة «مصر مش عزبة» خرجت عناصر من التنظيم مدعومين ببعض التيارات السلفية المؤيدة للجماعة، وقاموا فى الساعة 12:30 ظهرا بتحطيم المنصة والاعتداء بالضرب على شباب الميدان بالضرب بالشوم والعصى والاسلحة البيضاء.
ويعلق الحسينى على تلك الواقعة بأنها كانت كاشفة لنوايا الجماعة التى ستتخذ من العنف وسيلة لفرض رأيها بالقوة، واشار الى انه كان شاهد عيان، حيث نزل الى ميدان التحرير فى السادسة والنصف مساء، وشاهد عمليات الكر والفر التى استمرت لساعات، وهنا أدرك أن نظام الإخوان لابد أن يرحل وفى اسرع وقت، وذلك بعد ان لجأ لاستخدام العنف عن طريق مؤيديه فى مواجهة المختلفين معه سياسيا.
والمعروف ان النظام السياسى يستخدم ادواته كسلطة، ويستعين بمؤسسات الدولة فى التعامل مع المتظاهرين، مثل الاستعانة بالداخلية لتقويض المظاهرات، ولكن تحريك ميليشياته لقمع المختلفين معه سياسيا كلام فارغ لا يمكن قبوله.
ويشير الحسينى هنا إلى اتخاذ القوى الوطنية القرار بأن الإخوان يجب ان يرحلوا عن الحكم، واصبحت هناك حالة استنفار فى الشارع ضد الجماعة، وعبر الاعلام عن هذه الحالة، ولعب دورا كبيرا فى كشف ممارساتها للسيطرة على مفاصل الدولة.
وينتقل يوسف الحسينى لمرحلة حاسمة من نضال الإعلاميين ضد حكم الجماعة والتى يؤرخها بالخامس من شهر ديسمبر 2012، ومظاهرات الاتحادية الأولى التى رصد خلالها جهاز الاتصالات أعلى إشارة فى مصر بما يعبر عن حجم الحشد الذى وجد لرفض الاعلان الدستورى الذى اصدره محمد مرسى.
ويعلق الحسينى قائلا: «المسألة تخطت كل الحدود فى مظاهرات الاتحادية بعد ان اصبحت عمليات القتل منظمة، وبعد ان ظهرت عناصر إخوانية فى الاشتباكات لتشير للميلشيات على النشطاء الذين تم استهدافهم، ومنهم الحسينى ابوضيف الذى تم قتله لأنه صور بكاميرته وجوه هؤلاء الذين أداروا عمليات الاغتيال اثناء المظاهرة».
واضاف أنه ظل امام الاتحادية فى هذا اليوم حتى الساعات الاولى من فجر اليوم التالى، وذهب مباشرة الى الاستوديو، ليدلى بشهادته على الهواء مباشرة فى برنامج «صباح أون»، ووجه الاتهامات لهؤلاء بالاسم، وانه شاهد فى هذا اليوم تغريدة لعبدالرحمن عز على صفحته بتويتر تنذر باللجوء للعنف، وقال انه قرأ هذه التغريدة على الهواء قبل ان يزيلها عز، والتى قال فى هاشتاج بعنوان تأديب ان هناك أشخاصا سيأتون من سيناء، وبالفعل حدثت مذبحة فى الثانية من ظهر اليوم التالى بما يؤكد فكرة ان عمليات القتل كانت تسير وقف مخطط.
واشار يوسف الحسينى الى ان هناك عناصر من الجماعة كانت تشير فى المظاهرات الى احمد دومة ونوارة نجم والحسينى ابوضيف.
وألمح مذيع «اون تى فى» إلى انه اثناء الحلقة تلقى تغريدة على تويتر تحمل عنوان والدته، وعنوان سكنه، قال انه ادرك وقتها هذه الاشارة، وعلى الفور ابلغ والدته وزوجته بأنه لن يعود للبيت ولن يذهب لبيت والدته حتى تتضح الصورة، وفضل ان يكون تعقبه بعيدا عن أهله حتى لا يصابوا من جراء ذلك، خاصة أنه علم بأنه ضمن قائمة تضم 70 شخصية يتم استصدار قرار باعتقالهم بتهمة قلب نظام الحكم.
وتنقل حسب قوله بين منازل اصدقائه وظل هكذا من بيت لآخر لمدة خمسة ايام حتى استطاع توفير مسكن آمن قريب من الاستوديو فى مدينة الإنتاج الإعلامى.
وعن الدخول والخروج من مدينة الإنتاج الإعلامى قال انها كانت المغامرة اليومية، وبخاصة عندما أحكمت الجماعة حصارها على ابواب مدينة الإنتاج الإعلامى، حيث كانت تتم مناورات ليتمكن من الدخول، والانتظار لساعات طويلة حتى يؤمن خروجه، وقال انه رفض الإقامة بفندق مدينة الانتاج الاعلامى كما فعل بعض الزملاء.
ويعلق يوسف الحسينى قائلا: «اعتبرت ان تاريخ 5 ديسمبر نهاية شرعية حكم الاخوان، وقلت يسقط حكم مرسى الذى فقد شرعيته، واننا عرفنا من هو الطرف الثالث الذى ارتكب كل الجرائم التى شهدتها مصر فى الفترة السابقة»
واستطرد: «اتهمت على الهواء مباشرة محمد مرسى ومحمد البلتاجى وحملتهم مسئولية إراقة الدماء امام قصر الرئاسة».
وأكد ان الإعلام المصرى تحرك منذ هذه اللحظة مع الأغلبية التى اصبحت رافضة لحكم الاخوان. وكشف الحسينى عن معلومات وصلته عبر مصادر رفيعة المستوى ان مرسى طلب من الجيش التدخل لفض المظاهرات لكن عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع آنذاك رفض، وقال له ان الجيش لو نزل للشارع سينزل ليحمى إرادة الشعب.
وشدد الحسينى على الدور الذى لعبه الإعلام المصرى فى تلك الفترة واصفا اياه بالدور البطولى، وقال ان الإعلام وقف امام تسليم الوطن، ورفض الاستسلام، والتحم مع الشارع السياسى، وفى تلك المرحلة تحول للكشف ما يفعله الإخوان، وابراز كل سقطات الجماعة، والاخطاء الكبيرة التى وقع فيها نظامهم، والتى كانت بمثابة مادة ثرية وفرتها الجماعة بمزيد من الاخطاء الكبيرة.
وهذا النشاط الإعلامى ألهب حرب الفيديوهات والتى اصبح يصورها المواطنون فى كل مكان، ويضعونها على مواقع التواصل الاجتماعى، واستخدمتها فرق العمل بالبرامج التى اخذت فى متابعتها وتنقيتها واختيار أقواها وأكثرها دقة ووضوح لتكون مادة قوية لها تأثيرها على الشاشة، وبفضلها زادت جرعة الغضب التى حركت الناس فى الشارع، وزادت من الحشد فى المظاهرات التى كانت ايضا لها مساحة كبيرة على الشاشة، وما يحدث فى العاصمة اصبح له صدى كبير فى الاقاليم.
وقال ان هذه الحالة هى التى ساعدت فى ظهور حركة تمرد فى 28 ابريل، والتى وقف الإعلام الى جوارها، واخذ فى تغطية اخبارها، وكان محمود بدر ضيفا على برنامجه فى يوم الاعلان عن حملة تمرد.
ويؤكد يوسف الحسينى ان الإعلام لعب دورا بطوليا خلال العشرة ايام الاخيرة قبل سقوط نظام الاخوان، وهو ما لم يحدث فى تاريخ الإعلام المصرى، كما لم يسبق ان قام الإعلام بأى دولة اخرى بمثل هذا الدور ضد نظام قابض على السلطة.
ويستدرك الحسينى قائلا ان ما ساعد الاعلاميين فى القيام بمثل هذه المهمة الخطيرة هو وجود ظهير شعبى قوى يؤازره، ويسانده ويمده بالمعلومات والوثائق والفيديوهات التى كانت وقود الغضب الذى اشتعل فى ميادين مصر كلها، فالناس كانوا هم البطل الحقيقى فى مشهد ثورة 30 يونيو ، مشيرا الى للمخاطر التى تعرض لها الشباب الذى نزل الشارع لجمع التوقيعات على استمارة تمرد، وتعريض حياتهم لخطر الجماعة التى هاجمت بعض مقار الحملة، واستخدمت اساليب العنف والحرق والتكسير فى مواجهة محاولة هؤلاء الشباب التعبير عن رأيهم فى نظام الحكم.
ونفى الحسينى ان يكون الحدث الذى تعرض له فى تلك الأيام مدبرا من جانب تنظيم الاخوان وقال انه كان قضاء وقدرا، ولكن اعتقد البعض انه حادث مدبر بسبب تزامنه مع حالة الحصار التى فرضتها الجماعة على الإعلاميين، وحصارهم لمدينة الانتاج الإعلامى.
واضاف أنه اثناء هروبه من بيته تعرض لمحاولة اعتداء فى مدينة نصر عندما اكتشف مجموعة من شباب الاخوان على شخصيته، وطاردوه فى شارع عباس العقاد الى ان تمكن من الفرار مع صديقة شادى طه نائب رئيس حزب الغد، والذى كان يخفيه فى منزله، وبعد هذه الواقعة اضطر الى تغيير مكان إقامته خوفا من تعقبه.
وذكر انه فى احد الايام خرج من مدينة الانتاج الإعلامى فى حقيبة سيارة صديق له، وذلك بعد ان أحكمت الجماعة حصارها لأبواب المدينة، وعلقوا صور المشانق الشهيرة مهددين بتصفية الاعلاميين جسديا.