«تمردوا فإن الأرض تحني رأسها للمتمردين».. كانت هذه الكلمات شاهدة على مولد حركة تمرد، في أبريل 2013، لسحب الثقة من الرئيس الأسبق محمد مرسي.
«مقهى بوسط القاهرة.. الانطلاقة»
عقد مجموعة من الشباب النية على تكوين حركة شبابية على مستوى الجمهورية، بدأت بصفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، عقب جلسة بمقهى وسط العاصمة.
اتفق الأطراف على التعبير عن آرائهم لرفض نظام جماعة الإخوان، ومحاولة البحث عن ثورة 25 يناير التي ذهبت أدراج الرياح مع مرسي.
«انتفاضة عاصري الليمون»
منذ تاريخ تأسيسها، شرعت حركة تمرد في أبريل 2013، ممثلة في عدد من الشباب أبرزهم محمود بدر، وحسن شاهين، ومحمد عبد العزيز، ومحب دوس، ومعهم عدد من الشابات في جمع توكيلات على مستوى الجمهورية من جميع المصريين تنص على موافقتهم على إسقاط الرئيس المنتخب محمد مرسي، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
الأهداف السابقة وجدت لها ثقة في الشارع المصري، وتجاوز عدد الموقعين على استمارات تمرد مليونين، بحسب تصريحات لبدر، بتاريخ 12 مايو 2013، حتى وصل إلى ما يقرب من 22 مليون توقيع قبل 30 يونيو بأيام.
ومن أبرز تصريحات محمود بدر، مؤسس الحركة في ذلك الوقت، أنه كان من «عاصري الليمون» نسبة إلى الاسم الذي أطلق على من انتخبوا مرسي دون اقتناع خوفًا من فوز الفريق أحمد شفيق بمنصب الرئاسة، باعتباره آخر رئيس للوزراء في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، حتى لا يعاد إنتاج نظام مبارك الذي أسقطته ثورة 25 يناير 2011.
«مصر تترقب تصحيح المسار»
تزايدت حدة الأزمة السياسية في مصر مع اقتراب موعد 30 يونيو 2013، الذي حددته المعارضة المصرية وعلى رأسها حملة تمرد كموعدٍ لاندلاع تظاهرات ضد حكم الإخوان في جميع ميادين مصر.
وقامت تمرد بتوسيع مدى أنشطتها إلى المحافظات لحشد الشعب وحثه على التظاهر والتعبير عن رأيه، وبلغ ذلك أقصى نجاحه في 23 يونيو 2013..
«مرسى يحذر من الانقسام»
نتيجة لعدد من المناوشات وأعمال عنف شهدتها مصر، بين فريقي تأييد ومعارضو مرسي، خرج الرئيس المعزول في 27 يونيو 2013، بخطاب بالتزامن مع ذكرى مرور عام على حكمه بلهجة تحذير من خطر الانقسام في المجتمع المصري، في محاولة لاحتواء غضب الشارع المصري قبل أيام محدودة من اليوم المرتقب للتظاهر ضده استجابة لدعوات تمرد.
«22 مليون ضد مرسي»
وفي 29 يونيو 2013، حبس المصريون أنفاسهم قبل ساعات من انطلاق مظاهرات حاشدة تطالب مرسي بالدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة، في أجواء شديدة التوتر قد تمهد لأعمال عنف خطيرة.
فيما تمسكت حركة تمرد بسحب الثقة من الدكتور محمد مرسي، خلال الفترة الماضية، مؤكدة رفضها التام لأي حلول تسمح ببقاء الرئيس مرسي في السلطة.
«30 يونيو.. ملايين تتمرد»
مع بداية نهار 30 يونيو 2013، توافدت أعداد كبيرة إلى ميدان التحرير ومحيط قصر الاتحادية، وفي مقدمتهم حملة تمرد لتصل الأعداد في نهاية اليوم، بحسب الأرقام المعلنة، إلى قرابة 30 مليون متظاهر، في معظم مدن وقرى الجمهورية، وسط تجاهل كامل من جانب مؤسسة الرئاسة لاحتواء الأزمة.
«مهلة 48 ساعة»
لم يكن المجلس العسكري بعيدًا عن الأحداث، وصدر بيان عنه بلسان القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي، آنذاك، أعلن فيه عن مهلة 48 ساعة لجميع الأطراف، وضرورة الاستجابة لمطالب المتظاهرين بالميادين في إطار حماية الشرعية الشعبية.
هذا البيان أشادت به حركة تمرد ووصفته بالدور الوطني للجيش المصري، مؤكدة أنه لن يكون طرفا في الصراع السياسي وأنه سينحاز للإرادة الشعبية.
«تمرد بعد عزل مرسي»
بدورها، تحدث كل من محمد نبوي ومحب دوس لـ«بوابة الشروق»، وهما من مؤسسي حركة تمرد، لمعرفة ماذا حدث للحركة بعد عام من سقوط نظام مرسي.
محمد نبوي، المتحدث باسم حركة تمرد، تحدث قائلا إن الحركة شاركت في كتابة خارطة المستقبل التي تم إعلانها في 3 يوليو، والتي شهدت سقوط أول قتيل من أعضائها برصاص الإخوان في منطقة بين السرايات بالجيزة.
وأشار إلى أن خارطة الطريق حققت أهداف الحملة التي نادت بها وهي عزل الدكتور محمد مرسي، وتعيين رئيس المحكمة الدستورية رئيسًا مؤقتًا للجمهورية وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
«26 يوليو.. جمعة التفويض»
كما أكد محمد نبوي أن الحركة شاركت في جمعة التفويض على مستوى الجمهورية، يوم 26 يوليو 2013، لحث المواطنين على مواجهة المخاطر التي تواجههم وتفويض القوات المسلحة والداخلية في محاربتها للإرهاب.
وأشار إلى أنه كان يجب دعم الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع، آنذاك، لإحباط المخططات الأجنبية تجاه مصر، وأنه كان هناك إصرار لكسر الأجندة الأمريكية.
«تمرد في قلب الخمسين»
وقال نبوي إن الحملة نظمت مؤتمرات على مستوى الجمهورية من النوبة للإسكندرية لحث المواطنين على المشاركة في الاستفتاء على دستور 2013 المعدل، وتوعيتهم بضرورة التصويت بـ«نعم» على الدستور، مؤكدًا رضا الحملة على عمل اللجنة وأدائهم داخلها، خصوصًا أنها شاركت في إعادة صياغتها.
«تعديل خارطة المستقبل»
محمد نبوي المتحدث باسم تمرد، واصل حديثه، مشيرًا إلى أن تعديل خارطة المستقبل كان أمرًا ضروريًا لتلبية نداء الشارع بإجراء الانتخابات الرئاسية أولا ويعقبها البرلمانية.
ولفت إلى أن تدخل الدكتور محمد البرادعي، أثناء وضع خارطة المستقبل بصفته ممثل جبهة الإنقاذ، ودفعه بضرورة إجراء الانتخابات البرلمانية أولا، «وهو ما يعتبر مخالفًا لإرادة الشارع»، دفع حركة تمرد إلى الضغط لتعديل خارطة الطريق والبدء بالانتخابات الرئاسية.
«علاقة تمرد بالسيسي»
وعن علاقة حركة تمرد بالمشير عبدالفتاح السيسي، أكد نبوي أن الحملة اتخذت موقفًا واضحًا تجاه المشير من البداية، عندما قررت دعمه في الانتخابات الرئاسية دون انتظار المقابل.
ولفت إلى أن أعضاء تمرد كانت تجمعهم اجتماعات بالمشير السيسي، منذ بداية حملته الانتخابية شبة يومية، إلا أنها انقطعت منذ حفل تنصيبه وحتى الآن لم نلتقيه.
«كوميديا ساخرة»
وصف محمد نبوي القرار الذي اتخذه محب دوس أحد الأعضاء المؤسسين بحملة تمرد ومجموعة من رفاقه بفصل سبعة من أعضاء الحملة بأنها «كوميديا ساخرة»، لافتًا إلى أن دوس تقدم باستقالته عقب بيان 3 يوليو وتم نشره في إحدى الجرائد طالب فيها بإنهاء الحملة، لكننا رفضنا وأبلغناه أن لدينا الكثير لنقدمه للوطن.
وأرجع نبوي قرار «دوس» إلى إحساسهم بعدم تواجدهم بالساحة السياسية، فقرروا اتخاذ مواقف معادية تجاه الحملة.
«انفصال الرفقاء»
ونوه نبوي كذلك إلى أن الحملة عقدت اجتماعًا لاستطلاع أعضائها، حول مرشحهم للانتخابات الرئاسية بحضور محمد عبدالعزيز وحسن شاهين، والذي أسفر استطلاع الرأي عن دعم المشير عبدالفتاح السيسي رئيسًا للجمهورية بأغلبية ساحقة.
وأضاف أنهم فوجئوا بحضور محمد عبدالعزيز وحسن شاهين في اليوم التالي مؤتمرًا صحفيًا لحمدين صباحي خاصا بالانتخابات الرئاسية وهو ما يخالف للقرار التنظيمي للحملة، ما ترتب عليه فصلهم من الحملة.
«تمرد تتحول لكيان سياسي»
المتحدث باسم حملة تمرد أكد أن الحملة انتهت من جمع التوكيلات اللازمة للإعلان عن حزب الحركة الشعبية العربية «تمرد» وسيتم تقديمها للجنة شؤون الأحزاب، وسيتم عقد مؤتمر صحفي خلال أيام لإعلان البرنامج الانتخابي للحزب، بالإضافة إلى مشاركتهم في أحد التحالفات الكبرى لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة.
«صدمة بيان 3 يوليو»
أما محب دوس، أحد مؤسسي حملة تمرد، فأشار إلى أن الحملة وضعت خارطة المستقبل، منذ إعلان تأسيسها، وتضمنت محاكمات ثورية لنظامي مبارك والإخوان والعزل السياسي للنظامين، وجمعية تأسيسية لوضع الدستور، وعزل الدكتور محمد مرسي وتولى رئيس المحكمة الدستورية مهام الرئاسة لحين انتخاب رئيس جديد.
كما أشار، خلال حديثه لـ«بوابة الشروق» إلى أنهم فوجئوا بخارطة مستقبل مختلفة تم إعلانها في 3 يوليو 2013، من قبل القوات المسلحة، دون الاستناد إلى مطالبهم سوى مطلب عزل مرسي وتولي رئيس المحكمة الدستورية الرئاسة.
وأضاف محب أن لقاء الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع، آنذاك، الذي تم بين محمود بدر وحسن شاهين ومحمد عبد العزيز أعضاء الحملة، لم يكن بتفويض من قبل اللجنة المركزية، وأنهم اتخذوا القرار منفردًا.
«كثيرون حول السلطة.. لا أحد حول الوطن»
واصل محب دوس، تصريحاته لـ«بوابة الشروق»، مؤكدًا أنه عقب ثورة 30 يونيو انفرد سبع من أعضاء الحملة بقرار تحويل الحملة إلى حركة سياسية، تمهيدًا لإعلانها حزب وهم «محمود بدر، ومحمد نبوي، ومحمد عبدالعزيز، ومي وهبة، وحسن شاهين، وخالد القاضي، ومحمد هيكل».
وأوضح أن قرارهم جاء مخالفًا للبيان الأول للحملة الذي استند إلى مقولة (غاندي): «رأيت كثير حول السلطة ولم أر واحدًا حول الوطن»، في إشارة واضحة بأننا لن نسعى وراء السلطة.
«تصحيح المسار»
واستكمل دوس، حديثه، لافتًا إلى أنهم فضلوا الصمت في فترة ما من بيان القوات المسلحة في 3 يوليو 2013 بعزل الدكتور مرسي وحتى الانتخابات الرئاسية، نظرًا للظروف التي كانت تمر بها البلاد، خصوصًا في محاربتها للإرهاب، ومخاطر اقتصادية.
وأضاف: « إلا أنه عقب إصدار قانون التظاهر تم عقد مؤتمر صحفي تحت عنوان (تمرد تصيح المسار)، وتمت إحالة السبعة أعضاء للتحقيق، لخروجهم عن القواعد الأساسية للحملة وإعلاء مصالحهم الشخصية على مصلحة الوطن».
«الانشقاق الثاني»
عقب إعلان المرشح حمدين صباحي خوضه الانتخابات الرئاسية، وإعلان محمد عبدالعزيز وحسن شاهين دعمهما له، على خلاف ما أعلنه محمود بدر ومحمد نبوي الذين قررا دعم المشير عبدالفتاح السيسي لرئاسة الجمهورية، انشق عبدالعزيز وشاهين، وفقًا لما أكده محب دوس.
«انتهاء التمرد وبداية العمل»
وشدد محب دوس على أنه بانتهاء الانتخابات الرئاسية، انتهت حملة تمرد، لكونها نادت بانتخابات رئاسية مبكرة، وهو ما تحقق على أرض الواقع.
وأشار إلى أنه تم عقد مؤتمر صحفي بمقر الحملة الرئيسي بوسط العاصمة لإعلان انتهاء الحملة عقب تحقيق أهدافها، مؤكدًا أنه لا يصح استخدام اسم الحملة مرة أخرى لأن من يستخدمه يعتبر متاجرًا.
وأعلن دوس تبرأه هو وزملاؤه من أفعال أعضاء الحركة السبع «محمود بدر، ومحمد نبوي، ومحمد عبدالعزيز، ومي وهبة، وحسن شاهين، وخالد القاضي، ومحمد هيكل»، مؤكدًا تركهم الحكم للشعب المصري على مواقفهم السياسية.
وأضاف محب أن شباب الحملة سيشاركون في بناة المستقبل، ولكن بأسماء جديدة وذلك عن طريق شقين أحدهما سياسي والآخر اقتصادي.