فجر اللقاء الذى جرى بين رئيس الوزراء فى حكومة حماس (المقالة) إسماعيل هنية، ومرشد جماعة الإخوان المسلمين، الدكتور محمد بديع، فى المركز العام للجماعة بالمقطم، أمس الأول، جدلا واسعا بين المتابعين للمشهد السياسى المصرى، خاصة أن اللقاء جاء عقب لقاء جمع هنية ورئيس الجمهورية محمد مرسى فى قصر الاتحادية.
ففى الوقت الذى رأى فيه البعض أن لقاء هنية وبديع «أمر عادى، يندرج فى باب الزيارات الشرفية»، ذهب فريق آخر إلى أنه «تأكيد لدور مكتب الإرشاد فى المشاركة فى إدارة البلاد، واتخاذ القرارات السياسية، بعيدا عن مؤسسات الدولة، فى الوقت الذى لا يتمتع فيه مرشد بصفة سياسية أو دبلوماسية، تخوله حق لقاء وفود عربية أو أجنبية»، وذلك بعد سلسلة طويلة من لقاءات جمعته وسفراء دول أجنبية.
ولا يعد الدور الحالى الذى يمارسه مكتب إرشاد الإخوان المسلمين، وليد اللحظة، إذ امتد من قبل الثورة، وأسفر فى النهاية عن أن يخرج من بين صفوفه رئيس الجمهورية، محمد مرسى، الذى ظل عضوا به لمدة قاربت الست سنوات، كان خلالها مشرفا على العديد من الملفات المهمة، ومن بينها القسم السياسى، وقطاع القاهرة الكبرى، خاصة فى الفترة التى أعقبت سجن نائب المرشد خيرت الشاطر، ليخرج بعدها من المكتب، رئيسا لحزب الحرية والعدالة، الذى حل محل القسم السياسى للجماعة.
لم يكن مرسى هو عضو مكتب الإرشاد الوحيد الذى حظى بمنصب رفيع، بل سبقه رئيس مجلس الشعب (المنحل) سعد الكتاتنى، الذى تولى رئاسة البرلمان المصرى، فى واقعة كانت الأولى من نوعها فى تاريخ الحياة السياسية المصرية.
عضو آخر بالمكتب كان على موعد مع المناصب الرفيعة فى الدولة، لولا أن حالت دون ذلك «موانع قانونية»، تسببت فى أن يخرج مستبعدا من سباق الرئاسة، وأخرى «سياسية» باعدت بينه وبين منصب رئيس الوزراء. والحديث هنا عن نائب مرشد الجماعة، خيرت الشاطر، الذى كانت جميع التسريبات والتقارير الصحفية المصرية والأجنبية تؤكد قرب توليه المنصب.
وتتوالى بعد ذلك ترشيحات أعضاء مكتب الإرشاد لتولى المناصب المهمة للدولة، تارة للكفاءة، كما تعلن قيادة الجماعة، وتارة لأنهم من أهل الثقة، ويأتى فى مقدمة هذه الترشيحات طرح اسم عضو المكتب، عصام الحداد الذى تم اختياره بالتعيين عقب الثورة، ليكون رئيسا لديوان رئيس لجمهورية، ليكون خليفة لتلك الشخصية المثيرة للجدل فى نظام مبارك، زكريا عزمى الذى يقبع خلف القضبان حاليا.
جدير بالذكر أن الحداد كان عضو مكتب الإرشاد المكلف بالإشراف على الحملة الرئاسية لمحمد مرسى خلال المعركة الانتخابية، نظرا لما يتمتع به من شبكة علاقات واسعة داخل مصر وخارجها دفعت به فى البداية لتولى مسئولية لجنة العلاقات الخارجية بالحزب، وكانت وراء اتهامات دائمة له من جانب جهاز أمن الدولة المنحل فى عهد نظام الرئيس المخلوع بأنه «حلقة الوصل بين مكتب الإرشاد والتنظيم الدولى للجماعة».
سلسلة الترشيحات لم تتوقف عند ذلك الحد، إذ جاء التشكيل الوزارى، ليطرح حزب الحرية والعدالة ـ الذراع السياسية للجماعة ـ اسم عضو المكتب، والأمين العام السابق لنقابة المهندسين محمد على بشر، لحقيبة الكهرباء، وقبله طرحت الأمانة العامة للتخطيط بالحزب والمكلفة بإعداد قوائم الترشيحات للحقائب الوزارية، اسم عضو المكتب الدكتور محمود أبوزيد، أستاذ الأوعية الدموية، ضمن مجموعة من الأسماء لتولى حقيبة وزارة الصحة.
مع كل استحقاق أو تشكيل أى هيئة داخل الدولة بعد الثورة أصبح أعضاء المكتب فى مقدمة هذه الترشيحات، وكان آخر هذه الاستحقاقات، انتخاب الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، الذى فاز 3 من أعضاء المكتب بعضويتها، وهم المتحدث الرسمى باسم الجماعة السابق محمود غزلان، وعميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر فرع المنصورة عبدالرحمن البر، بالإضافة إلى الدكتور محمد على بشر.
دور مكتب الارشاد لم يتوقف عند هذا الحد بل امتد ليشمل ترشيح الشخصيات المختلفة من داخل الجماعة وخارجها لتولى حقائب وزارية، وكان ترشيح الأمين العام للهيئة الشرعية، الدكتور فى الهندسة الكيميائية محمد يسرى إبراهيم، الذى يتمتع بعلاقة قوية، مع نائب المرشد خيرت الشاطر لتولى حقيبة الأوقاف، الذى سبق له أن خسر معركة الانتخابات البرلمانية أمام مصطفى النجار، أحد شباب الجماعة المنشقين بدائرة مدينة نصر.