يقول السعدنى: لى مع رواية «الإخوة كرامازوف» المأخوذ عنها المسلسل قصة غريبة وهى تطاردنى منذ أن كنت طالبا فى كلية الزراعة عام 1961، فقد رشحت حينها لتجسيد شخصية أحد الابناء على مسرح الجامعة، ولكن عادل امام نصحنى بألا أشارك فى منتخب تمثيل الجامعة، حتى نتفرغ لفريق تمثيل الكلية.. قال ذلك حينها لشعوره أن فريق تمثيل كلية زراعة أهم من منتخب الجامعة وهذا كان حقيقيا لأن هذا الفريق كان يضم محسنة توفيق والمنتصر بالله وشعبان حسين بالاضافة إلى أنا وعادل امام، وكان عبدالعزيز مكاوى هو المخرج..
ورغم انقطاع علاقتى بهذه الرواية لأكثر من 50 عاما فوجئت قبل اندلاع ثورة يناير بأيام باتصال من المنتج محمد السبكى وقال لى «ياعم صلاح احنا هنحول رواية الإخوة كرامازوف إلى مسلسل تليفزيونى ونريدك أن تجسد شخصية الاب»، وكان يكتبها المؤلف أحمد عبدالله، ورغم أننا عقدنا جلسات عمل ووصل الكاتب إلى الحلقة العاشرة، الا أن الثورة وما تبعها من أحداث تسببت فى توقف المشروع لأجل غير مسمى.
المثير أن يأتينى اتصال آخر من المخرج محمد النقلى بعدها بأشهر قليلة ليعرض على نفس المسلسل فضحكت قائلا «ما حكاية هذه الرواية التى تطاردنى خاصة أن الكاتب هذه المرة مختلف وهو شريف حلمى».
لماذا تم تغيير مسار الرواية فيما يتعلق بمشاهد الإلحاد والسكر وفتاة الليل التى كان يعرفها البطل؟
ـ الحقيقة أن مؤلف المسلسل كان ينوى الالتزام بالرواية الاصلية، ولكنى رفضت وجود الشخصية الملحدة فى الاحداث وطلبت استبدالها بشخصية الصحفى المشاغب الذى يجسدها المؤلف نفسه.
وذلك لأن المجتمع لن يقبلها، كما أنى مقتنع أن هذه الشخصية لم تعد موجودة على أرض الواقع، يضاف إلى ذلك أنها غير مناسبة لشهر رمضان، وتم حذف مشاهد السكر وفتاة الليل لنفس الغرض.
تعاملنا مع الرواية بشكل يتناسب معنا كمجتمع شرقى، والمؤلف منحها طابعا مصريا فى واحدة من أسوأ الفترات التى مرت بها مصر، بداية من اختيار الفترة بين 2009 و2010 لتدور فيهما الاحداث، وهما العامين الذان استوحش فيهما الفساد فى نهاية حكم مبارك.
لماذا تفضل العمل الدرامى المأخوذ عن رواية أدبية؟
ـ لأن المسلسلات عندما تؤخذ عن رواية أدبية تكون أهم وأفضل، فالأديب ينسج لشخصياته أحداثا حقيقية يستطيع أن يتحرك كاتب سيناريو المسلسل من خلالها، أما المؤلف الذى يكتب من دماغه أحداثا لـ30 حلقة عادة لا تخرج بشكل لائق.
لكن هذا لا يعمم لأن هناك أساتذه كبار مثل نموذج اسامة أنور عكاشة كانت شخصياته ثرية لأبعد مدى، وكذلك وحيد حامد ومحفوظ عبدالرحمن وفتحية العسال ومحمد صفاء عامر، فنحن فى مصر لدينا الكثير من المؤلفين العظماء.
ولكن الأزمة الحقيقية أن هناك نوعية من الاعمال البلهاء يتم تسليط الضوء عليها وهو ما يسىء للمبدعين المصريين.
الأب المجرد من المشاعر.. هل قدمت هذه الشخصية لأنها أعجبتك على الورق أم لأنها أصبحت ظاهرة فى المجتمع؟
ـ بغض النظر عن الزمن الذى يعيش فيه «سيد الدقاق» بطل المسلسل، هو شخصية «سيكوباتيه» ميتة المشاعر والإحساس، ولا يرى الا نفسه فى الحياة.
هذه الشخصية شديدة القبح، واعرف أنها لا تطاق من الحلقة الاولى، لذلك كنت حريصا عند تجسيدها وبذلت فيها جهدا مضاعفا حتى يتقبل الجمهور متابعة المسلسل ولا يرفضه، وهذا جعلنى مطالبا بأن أجعل المتفرج يكره الشخصية التى أقدمها وفى الوقت نفسه يحب متابعتها، لأن بعض ضعاف النفوس أحيانا تقع فى حب الخطيئة وتغرم بها، وهذا كان اكثر ما يشغلنى عند تقديم هذه الشخصية.
إلى أى ترى أن الشخصية منتشرة فى المجتمع المصرى؟
ـ المجتمع المصرى لم يعد كما هو، وأتذكر أننى قلت ذات مرة للفنان عادل امام صديق عمرى «أنا حاسس إننا نمنا 40 سنة زى اهل الكهف وقمنا على مصر تانية غير اللى كنا عايشين فيها ايام الستينيات» وقلت ذلك لأن المجتمع الذى نعيشه الان فعلا لا يحمل اى تشابه مع مصر زمان.
المواطن المصرى اختلف، والشخص الذى كنا نصفه بابن بلد وجدع وكان يجسده دائما على الشاشة الفنان محمد رضا، اختفى تماما وأصبح الان «ندل وحرامى وبلطجى».
وأصبح هناك نموذج أسوأ وأقبح من سيد الدقاق، لأننا الان عندنا فى مصر ابناء يقتلون أباءهم وامهاتهم وهذا لم يكن فى قاموس الشخصية المصرية ابدا.
الرجل المزواج.. أصبح تيمة درامية حاليا؟
قاطعنى قائلا: هذه ليست قضيتنا الرئيسية فى المسلسل، ولكن لأننا نقدم فى المسلسل شخصية تحمل كل الصفات السيئة، فكانت مؤهلة لأن تظهر محبة للنساء من باب «الطفاسة»، فمثلا أعجبته السكرتيرة التى تغازله فتزوجها، وكذلك طمع فى زوجة منافسه فى السوق فيسعى إلى سرقتها منه، ولكن كل ذلك فى اطار اظهار الشخصية بشكل قبيح، وليس لمناقشة قضية تعدد الزوجات.
كيف تشعر بالمنافسة وسط هذا الكم الكبير من المسلسلات؟
ـ ربنا يزيد ويبارك.. وفيما يتعلق بالمنافسة لا أؤمن بهذه الكلمة تماما فيما يخص المسلسلات وتحديدا فى رمضان، فنحن لسنا فى «الأوليمبياد» حتى نتنافس على من يفوز.
فالمسألة تنحصر فى «تورتة» اعلانات تصل إلى مئات الملايين، توزع على محطات بعينها، وتخدم أعمالا بعينها، لذلك كل ممثل يجتهد أما النجاح والفشل فهو من عندالله.
فالاعلانات هى ما يتحكم فى كل شىء فى المسلسلات والبرامج.
ماذا تشاهد فى رمضان؟
ـ لأنى أجلس على «الكنبة» كثيرا وأعتبر نفسى «الكنباوى الاصلى فى مصر» أتابع بعض الاعمال، منها «فرقة ناجى عطا الله» لعادل امام لأنه من أميز الاعمال على الشاشة، وأعتبر نفسى من جمهوره وعاشقا لأعماله.
وأتابع مسلسل «عمر» بشكل يومى للمخرج المتألق حاتم على، وفخور بالشيوخ والفقهاء الذين أجازوا تجسيد الصحابة فى العمل، وأرى أنه ذلك سيفتح الباب إلى تقديم مزيد من الشخصيات الاسلامية العظيمة التى كانت مستبعدة ومحرم تقديمها على الشاشة.
ومسلسل «نابليون والمحروسة» للمخرج التونسى شوقى الماجرى وهو عمل متميز لتناوله الحملة الفرنسية على مصر، وهى حقبة تاريخية مهمة.
ومسلسلات محمود عبدالعزيز، ويحيى الفخرانى، لكن ما يدهشنى أنى لم أشاهد مسلسل نور الشريف ولا اعرف لماذا ظلم فى مواعيد عرضه؟.
ماذا عن الدعاء الذى سجلته بصوتك لإذاعته فى رمضان؟
ـ قبل أيام كان يجلس إلى جوارى نجلى أحمد السعدنى وسألنى إذا كنت أقبل فى أن أسجل دعاء لرمضان أم لا، فقلت له ومن يرفض أن يفعل ذلك.
فقال لى إن هناك شابا لا يعرف عنه شيئا سيأتى ليسجل الدعاء، وسجلت الدعاء، ولا اعرف ان كان سيذاع أم لا، هذا كل ما حدث.
قبل نهاية الحوار فجر الفنان صلاح السعدنى مفاجأة بالكشف عن نيته الترشح فى انتخابات مجلس ادارة النادى الاهلى المقبلة، واكد أن خوض هذه التجربة مشروط بترشح المهندس ابراهيم المعلم رئيس مجلس ادارة الشروق لمنصب رئيس النادى.
وتابع: انا شخصيا متحمس جدا للمعلم ومقتنع أنه الاصلح لقيادة النادى الاهلى فى المرحلة الحالية، وبالمناسبة أقنعت المستشار صفاء عامر بأن يكون معى على قائمة المعلم فى الانتخابات، لكن للأسف المعلم لم يحسم قراره حتى هذه اللحظة.