لقمان سليم بعد عام # العار لكاتم الصوت
سيد محمود
آخر تحديث:
الثلاثاء 1 فبراير 2022 - 8:45 م
بتوقيت القاهرة
تحل غدا الذكرى السنوية الأولى لاغتيال المثقف والكاتب السياسى اللبنانى الصديق لقمان سليم مؤسس دار الجديد وتبعا لتلك الواقعة الأليمة، أنشأت عائلته ورفاقه عقب استشهاده مؤسسة لقمان سليم التى وإلى جانب حرصها على استمرارية الإرث الفكرى للقمان، فإنّ إحدى مهامها الأساسية توثيق الاغتيالات السياسية فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كذلك دراستها والإحاطة بها من عدة جوانب سواء القانونية أو المجتمعية أو السياسيّة وفتح باب الحوار والنقاش حول خطورة ما نواجهه، إذ إن هذه الممارسات متجذرة فى سياسات الكثير من الأنظمة ونتائجها فادحة على مستقبل المجتمعات.
ورفعت الحملة شعار # العار لكاتم الصوت. أما بالإنجليزية Louderthansilencers #
وقالت المؤسسة فى بيانها إن الهدف الرئيس هو كسر الصمت المرتبط بجريمة الاغتيالات السياسية، فوقع ذلك الصمت بحسب البيان «سلبى بقدر الكواتم التى تستخدم لإخفاء صوت الجريمة».
وعلى الرغم من الاهتمام الواسع الذى رافق عملية الاغتيال وتجلى فى بيانات دعم من أفراد ومؤسسات عربية ودولية فإن الواقع الفعلى يؤكد غياب أى آليات لإجراء تحقيقات جدية حول الواقعة تساهم فى الكشف عن مرتكبى الجريمة التى سبقتها حملات استهدفت الإساءة إلى الراحل ومواقفه الفكرية وكانت أقرب إلى ممارسة للاغتيال المعنوى تطورت فيما بعد إلى جريمة سياسية بشعة متكاملة الأركان بعد مواقف سياسية جريئة أطلقها ضد النظام السياسى الحاكم فى لبنان والسلاح غير الشرعى الموجود لدى بعض القوى السياسية.
ودعت مؤسسة لقمان سليم جميع المعنيين بالموضوع للمشاركة فى الحملة والقيام بالتدوين حول تجارب الاغتيال السياسى ودوافعه وذلك يوم غد الخميس حيث تحل الذكرى، معتبرة أن هذه الوقفة الجامعة المناهضة لثقافة القتل والإفلات من العقاب وللعمل التدريجى على إعادة توجيه البوصلة نحو مجتمعٍ يرفض هذه الممارسات وقضاءٍ يدينها. فعلى اختلاف ضحايا الاغتيالات من مثقفين أو سياسيين وغيرهم والأطراف الضالعة فيه، الاغتيال السياسى منظومة ممنهجة مسمّاها القتل الانتقائى لغايات لا تهدف فحسب إلى إنهاء حياة الضحية بل أيضا إلى تطويع ما تبقى من الأفراد عبر آلية الخوف فهى بمثابة قصاصٍ جامعٍ يمسّنا كلّنا.
وواقع الحال يشير إلى أن عائلة لقمان التى تعمل بكامل أفرادها فى مجالات الفكر والثقافة لم تقصر طوال عام فى التذكير بالأدوار التى أداها الراحل لخدمة الثقافة العربية والإنسانية وتمثلت فى عطاء فكرى ممتد وكتابات مهمة حول التراث والفكر العربى بالاضافة إلى عمله فى مجال النشر والذى نال بسببه تقديرا عالميا وعربيا بعد أن تحول إلى شهيد جسد معاناة أصحاب الكلمة فى عالمنا العربى.
ونالت دار الجديد التى أسسها مع شقيقته الكاتبة رشا الأمير جائزة معرض أبو ظبى للكتاب خلال دورته الماضية ونال اسمه جائزة فولتير التى يمنحها الاتحاد الدولى للناشرين من خلال لجنة حرية النشر التابعة للاتحاد ولعب الناشر المصرى شريف بكر دورا فى تعريف أعضاء الاتحاد بالظروف التى أحاطت بجريمة الاغتيال كاشفا عن الرحلة التى قطعتها دار الجديد كواحدة من أبرز دور النشر العربية التى اعتنت بدعم الأصوات الإبداعية الطليعية فى العالم العربى عبر نشر أعمال خالية من الصراع الأيديولوجى أو الحزبى إلى جانب التعريف بالتراث النهضوى المسكوت عنه والانفتاح على تجارب عالمية كان لها أثر واضح فى رسم ملامح الحداثة العربية فى الثلاثين عاما الأخيرة.
تسلمت رشا الأمير الجائزة نهاية شهر نوفمبر الماضى خلال انعقاد معرض جوادالاخارا الدولى للكتاب فى المكسيك. واستعادت من جديد سيرة لقمان سليم بين رفقاء مهنته التى تستهدف قبل أى شىء إنارة العقول والكشف عن طيور الظلام.
سيعيش لقمان سليم فى سيرته أكثر مما توقع لأن هذه السيرة ارتبطت دوما بالمعرفة والمعرفة لا تموت، وحتى بعد عام من وفاته يعود اسمه مكللا بعطاء جديد تمثل فى تحقيق بديع قدمه لكتاب (نسوان من لبنان) لصحفى لبنانى من زمن النهضة هو إسكندر رياشى المولود فى العام 1890.
وكما أوضح الكاتب حازم صاغية فى المقدمة التى كتبها للكتاب فإن لقمان، وهو يحتفل بإسكندر رياشى، إنما يحتفل بلبنان الملون، فكأنه كان يحدس بأن اللون الواحد والرواية الواحدة يقتلان. وبالفعل ما لبث هذان الواحدان أن انقضا على لقمان نفسه.