إلى الثوار: هذه إنجازات تحققت
معتز بالله عبد الفتاح
آخر تحديث:
الثلاثاء 1 مارس 2011 - 12:01 م
بتوقيت القاهرة
كان لى حوار مع عدد من أصدقائى على الفيس بوك بعد عدة مكالمات بث لى فيه الكثيرون إحساسهم بالإحباط بل وربما اعتقادهم بأن الثورة لم تحقق الكثير أو أن هناك من يجهضها أو يلتف حولها.
والحقيقة أنا أخالف هؤلاء جميعا، وأعتقد أن المصريين منجزون فوق العادة (overachievers) فقد حققوا فى شهر ما احتاج الإيرانيون أن يحققوه فى 4 شهور وبتكلفة 60 ألف شهيد. والسبب فى ذلك يرجع للدور الرائع الذى لعبه المجلس الأعلى للقوات المسلحة من ناحية ولنبل شبابنا وشعبنا الثائر.
ولنتذكر ما أنجزه الثائرون حتى الآن على مستوى العمل السياسى المباشر: أولا، لا تمديد، ولا توريث ليس لمبارك الشخص أو العائلة، ولكن ستفاخرون وستروون لأبنائكم كيف أنكم ثرتم وضحيتم لتضمنوا ألا تمديد أو توريث فى مصر بعد الآن. ثانيا، تتهاوى عناصر الفساد واستغلال المال العام تباعا، ولا تنام أعين الجبناء.
ثالثا، تم حل كل المجالس التى كانت تمثل على الشعب بدلا من أن تمثله سواء كانت مجلس الشعب أو الشورى أو المحليات أو اتحادات الطلبة.
رابعا، والأهم من كل ذلك اكتشاف المصريين لروح مصر داخلهم. إن القوى المعنوية لأى شعب هى واحدة من عناصر القوة الشاملة للدولة. هذا الشعور الراسخ بأن مصر وطن الجميع وتراجع عبارات الطائفية وارتفاع الدين فوق مواضع النزاع والفرقة. شركاؤنا فى الوطن الذين اختاروا المسيحية ديانة لهم، لهم منا كل التقدير حتى وإن خالفناهم فى العقيدة وخالفونا فى الطقوس.
وعلينا أن نقف بحزم، ولكن بأدب واحترام، لكل من يحاول تفتيت وحدتنا بسبب تفسيرات ضحلة للدين. المتدين الحقيقى يعلم ويتصرف على أساس أن الله هو الذى سمح بهذا التنوع الديني، ولو أراد غير ذلك لجعلنا جميعا أمة واحدة على دين واحد. وهو على ذلك قدير.
أخيرا، لابد من تفهم ما يقوم به المجلس الأعلى للقوات المسلحة، فقد وجدوا أنفسهم فجأة وبدون أى استعداد سابق لإدارة شئون جميع مرافق الدولة وملفاتها. فهناك ملف تأمين الأكل والشرب ومقومات الحياة اليومية فضلا عن مواجهة الانفلات الأمنى الداخلى وهو الملف الذى فوضه المجلس الأعلى للقوات المسلحة للحكومة المؤقتة. وهناك ثانيا أولوية تأمين حدود مصر والتزامات مصر الخارجية وتأمين حياة المصريين فى الخارج (مثلما هو الحال مع المصريين فى ليبيا). وهى مهام يشرف عليها المجلس العسكرى بنفسه. وهناك ثالثا ملف الإصلاح السياسى والدستورى وقد فوض فيه المجلس الدستورى الانتقالى (وقد اختار فيه أسماء لم يكن بينهم أى اسم من المجلس الذى عينه الرئيس السابق). وهناك رابعا ملف مواجهة الفساد وقد تركه للنائب العام والقضاء لإدارى وجهاز الكسب غير المشروع والجهاز المركزى للمحاسبات، وأطلق هذه الأجهزة كى تتصرف بوحى من القانون دون سقف بما فى ذلك محاسبة رئيس الجمهورية السابق نفسه. ولكن يرى الثائرون أن كامل مطالبهم لم تتحقق بعد رغما عن منطقيتها.
إذن هذه مكاسب كثيرة جدا، ربما لا يدركها من يعيشون فى حالة اضطراب تحت ضغط اللحظة بما فيها ريبة وشك وقلق. إن مصر ما بعد 25 يناير كسائل خرج من إناء ضخم كان يعيش فيه آسنا راكدا وفجأة انكسر الإناء. ونحن الآن فى مرحلة إعادة تشكيل الأطر المؤسسية التى تستوعب هذا السائل دون أن يفقد القدرة على الفكر والفعل والحركة والفوران. والثورة ضد الاستبداد والإفساد والاستحمار حالة دائمة. دمتم ودامت مصر بخير.