هل بالفعل النساء نكديات؟


رضوى أسامة

آخر تحديث: الأربعاء 1 أبريل 2009 - 2:31 م بتوقيت القاهرة

 بينما تؤكد هى أن الرجال لا يشعرن بالنساء، يؤكد هو أن النساء نكديات، وأنهن يستثرن الأشياء المحزنة ويقضون الوقت فى تأملها.. عادة ما يتبادل كلا الطرفين الاتهامات خاصة عند الحديث عن المشاعر، فتارة توصف النساء بالرومانسية غير الواقعية ويوصف الذكور بالبرود العاطفى.
لست هنا بصدد الدفاع عن النساء بوصفى أنثى، ولن أدافع حتى من منطلق أن زوجى دفعنى لكتابة هذا المقال بسخريته ووصفه للنساء بأنهن نكديات وسألنى عن الحقيقة العلمية وراء ذلك.
بداية أحب أن أتساءل عن معنى النكد؟.. وأظن أن ما يصفه الرجال بالنكد هو تلك المشاعر السلبية والتى تشمل الحزن والغضب وغيرها من المشاعر السلبية الأخرى والتى يصاحبها سلوك انسحابى أو تصادمى.

السؤال الآخر الذى يطرح نفسه هنا هو هل تقتصر هذه المشاعر السلبية على النساء فقط؟ بالطبع لا فالرجال أيضا يشعرون بالحزن والاكتئاب وينفجرون فى نوبات من الغضب.

وإذا نظرنا للدراسات التى بحثت الفروق بين الذكور والإناث فى درجة شعورهم بالمشاعر السلبية سنجد أنه على الرغم من أن الإناث يشعرن بالمشاعر السلبية بشكل أعلى من الذكور، فإن مشاعرهن الإيجابية أكثر قليلا من الذكور. وهذا يعنى أن النساء كما يخبرن مشاعر سلبية لديهن أوقات أكثر من الرجال يقضونها فى المشاعر الإيجابية.

عامة لست أفضل الحديث عن الفروق ما بين الجنسين وإثبات أفضلية أحدهما على الآخر، بقدر اهتمامى بكيفية تكيف كل منهما مع الآخر واحترامه لمشاعره، وعلى الرغم من ذلك فإن هذا التكيف لن يأتى إلا بفهم الطرفين للفروق الجنسية فيما بينهما. فمثلا فى اللحظة التى يركز فيها الرجل فى التليفزيون أو على الكمبيوتر فهو يقضى تركيزه كله فى ذلك، ينشغل به على حساب الطرف الآخر، فتجد الزوجة التى تهتف فيه أن يترك ما فى يده ويحدثها أو يشاركها فى شىء، بينما هو مستغرق بأكمله فى متابعة ما يفعل، فتشعر هى بالوحدة والغربة والرغبة فى البكاء، ويتغير مزاجها خاصة إذا كانت مضغوطة وتحتاج إلى الحديث فى هذه اللحظة. وبينما هى تنفجر فى البكاء بعد محاولات عدة لإقناعه بترك ما فى يده الآن أو بالحديث معها، سنجده وقد اندهش بشدة من تغيرها المفاجئ وصراخها غير المتوقع وتغير حالتها المزاجية.

يتكرر ذلك المشهد فى كثير من البيوت وأراه يتكرر فى حديث الصديقات وحتى فى سخرية الأزواج من زوجاتهم واتهامهم بإثارة النكد وهو الأمر الذى شغل عددا من الباحثين ببحث الفروق فى المخ البشرى لكل من الذكر والأنثى وفهم تلك الاختلافات، وأشارت نتائج الدراسات أن الرجال لا تستطيع التركيز فى أكثر من شىء على عكس النساء، ففى الوقت الذى ينشغل فيه بالتليفزيون أو الكمبيوتر ويصرف كل تركيزه فيه، ولا يستطيع التركيز فى شىء آخر معه، تستطيع النساء فعل ذلك بمنتهى السهولة، فتجد المرأة التى تتحدث فى التليفون وتطبخ وتتابع ما يفعله ابنها من واجبات فى نفس اللحظة.
عدم فهم ذلك الاختلاف هو ما يثير الحزن والغضب فى نفوس النساء بسبب شعورهن بالترك والإهمال، وشعور الرجال بالنكد غير المبرر من زوجاتهم. لكن على الرغم من ذلك فهذا لا يعنى الاستسلام لتلك الاختلافات، فقدراتنا قابلة للتغيير والتطور طوال الوقت، ففهمك لعدم مقدرته على الانشغال بشيئين فى نفس الوقت سيدفعك لتأجيل ما تريدينه قليلا وعدم الانزعاج الشديد، وفهمك لاحتياجها وشعورك بالضغط الواقع عليها سيدفعك لوضعها أولوية وتلبية احتياجاتها.

إن الانشغال باحتياجات الشريك الآخر وتلبيتها أمر مهم وحيوى فى الحياة الزوجية، وذلك على العكس من تركيز كل فرد على احتياجاته الشخصية وطلبها من الطرف الآخر. كل منا يدخل العلاقة وهو منشغل بكيفية حصوله على تلبية احتياجاته، فهى بالتأكيد ستشعره بالدفئ والاهتمام وهو سيكون فارسها الذى يملئها بالحنان والحب.

المرأة ليست كائنا نكديا، كما أن الرجل ليس شخصا أنانيا، كلاهما يحتاج إلى جهود يبذلها لتغيير نفسه واحتواء الطرف الآخر، فالزواج أمر مثير للسعادة وليس للشقاء كما يردد البعض، حيث أثبتت الدراسات أن السعادة التى يشعر بها الأشخاص المتزوجون تفوق بكثير السعادة التى يشعر بها غير المتزوجين، لذا فمن الضرورى العمل على تفهم اختلافاتنا والعمل على إذابتها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved