هل نحارب إثيوبيا؟!
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
السبت 1 مايو 2010 - 8:53 ص
بتوقيت القاهرة
سؤال مباشر: هل نشن حربا ضد إثيوبيا لمنعها هى ودول حوض النيل السبع من التوقيع فى 14 مايو الجارى على الاتفاقية الإطارية التى ستؤثر على حصة مصر السنوية من المياه؟
الإجابة صعبة ومعقدة، ولكن ينبغى أن نتنبه إلى أن الخطأ القاتل الذى سنرتكبه هو التلويح بالحرب ضد بلد كبير بحجم إثيوبيا أو بقية البلدان التى نقول فى البيانات والخطابات والمؤتمرات إنهم أشقاء وأصدقاء ويربطنا شريان واحد.
بعض الكتاب والمحللين تتلبسهم روح عنترية فى كثير من الأوقات ويطلقون تهديدات صارخة ضد بلدان حوض النيل، ولا يدركون أن كل ما يقال تتم ترجمته وتحريفه وتضخيمه باعتباره يمثل وجهة نظر كل المصريين.
وإذا أضفنا هؤلاء الذين ينفخون فى النار إلى إحساس كثير من الأفارقة أننا نتعالى عليهم وننظر إليهم نظرة دونية لربما أدركنا خطورة التلويح بشن الحرب.
بالطبع من المهم أحيانا التلويح عبر وسائل الإعلام لكل من يفكر فى المساس بحصتنا المائية بأن كل الخيارات متاحة، لكن علينا أن نكون عقلاء ولا نفكر فى التلويح بأسلحة ردع لن نستخدمها فى الواقع.. لأن البديل سيكون كارثيا، ويعطى بعض الدول الأفريقية الحجة الكاملة لكى تتحول إلى عدو ظاهر لنا.
ومع فارق القياس وإذا كانت إسرائيل بكل قوتها وجبروتها وعدوانها قد فشلت أن تخضع قطاع غزة الصابر المجاهد، فهل سنتمكن من احتلال كل حوض النيل لكى نجبرهم على عدم التوقيع على الاتفاق؟
ما هو واضح أننا فى اللحظة التى سنطلق فيها رصاصة واحدة ضد هذه البلدان سنخسرها لمدد طويلة.. وبالتالى علينا أن نفكر فى سيناريوهات أخرى، ربما تكون أوقع من شن الحرب.
أخشى أن تكون كلمات المسئول السودانى لـ«الشروق» قبل أيام صحيحة حينما قال إن الخيارات المصرية ــ السودانية فى هذا الشأن محدودة، لكن هل الخيارات تنحصر فقط إما فى شن الحرب أو الاستسلام للواقع؟
بالطبع لا وهنا يكمن الطريق الثالث وخلاصته مزيج من الخطوات التى تتضمن أولا فهم الملف جيدا، ومن معنا ومن يلعب ضدنا، وبعدها يمكن التفكير فى الاستجابة لبعض المطالب الأفريقية، لكن فى كل الأحوال علينا تعميق علاقتنا فى سائر المجالات معهم بحيث تصل هذه البلدان إلى قناعة حقيقية مفادها أن استمرار علاقتها الجيدة مع مصر أفضل لها كثيرا من التضحية بها.
ثم من قال إن الحرب فقط هى بالصواريخ والدبابات والطائرات.
هناك وسائل كثيرة جربنا استخدامها فى الماضى وثبت نجاحها بصورة باهرة، ولن تكلفنا الكثير.. علينا أن نفكر قليلا فى الطريقة الإيرانية.. فهى لم تطلق طلقة واحدة فى العراق أو لبنان أو فلسطين.. لكنها اللاعب الرئيسى هناك.
فى يوم من الأيام كنا على علاقة طيبة مع كل القوى السياسية الحاكمة والمعارضة فى أفريقيا وحوض النيل.. كانت القاهرة هى الحضن المفتوح للجميع.. كانت الحكومات الأفريقية تتمنى الرضاء المصرى.. ما الذى حدث؟
سؤال صعب سيعيدنا للماضى بكل شجونه.. وبما أننا ننظر للمستقبل فربما وجب علينا التفكير فى بعض طرق الماضى!