الظاهرة.. والاستثناء

ليلى إبراهيم شلبي
ليلى إبراهيم شلبي

آخر تحديث: الإثنين 1 يونيو 2009 - 10:18 ص بتوقيت القاهرة

 هالنى أن قرأت هذا الأسبوع فى زاوية ببريد القراء فى جريدة يومية لها مصداقيتها رسالة من قارئ موقع باسمه يقول فيها: «انتشرت ظاهرة اختطاف الأطفال صغار السن بهدف ذبحهم واستئصال أعضائهم البشرية وبيعها بواسطة أطباء ماتت ضمائرهم وتجردت منهم مشاعر الرحمة والإنسانية، ونسوا وقوفهم أمام الله عزوجل وحسابهم عما اقترفوه فى حق هؤلاء الضحايا وأسرهم، وبالفعل تشترك معهم فى تنفيذ هذا الجرم فئات ضالة من أفراد المجتمع هم ليسوا ببشر، وقد تسبب ذلك فى إحداث ذعر لعديد من الأسر المصرية خوفا على أبنائهم... إلى نهاية الرسالة المفزعة والتى يطالب فيها بتغليط العقوبة على الأطباء الذين يرتكبون تلك الجريمة!!.

أفزعتنى الرسالة وأصابتنى للحظة بالارتباك الذهنى فهل هناك بالفعل من زملاء تلك المهنة السامية من يرتكب هذا الجرم؟، أعلم أن هناك بعض جرائم كارثية ارتكبها أطباء منها أستاذ الغدد الصماء الذى نحر شريكيه فى تجارة كانا يعملان بها معا فهل انسحب الذنب على كل الأطباء؟.

استئصال أعضاء واستخدامها أمر يتطلب جهدا علميا وتقنية طبية لا يمكن أن تتوافر لمجرم أو تحدث فى ظل جريمة اختطاف إنسان، فإذا فرضنا جدلا أن مجرما تمكن من قتل طفل فإنه بصورة غير مباشرة يقتل أعضاءه ويعرضها للموات، فاستئصال كبد من متوفى مثلا يجب أن يتم بصورة تضمن سلامة صفاته التشريحية والوظيفية ثم ينتقل إلى وسط يعد بصورة بالغة التعقيد حتى يظل محتفظا بخواصه ويتم نقله فى أسرع وقت ممكن لمريض آخر يحتاجه فى ظل ظروف تعقيم مشددة، بالطبع يحتاج الأمر لفريق من أطباء على أعلى مستوى من التخصص، جراحون أكفاء وأطباء تخدير وباطنيون وطاقم تمريض ومساعدون هل يمكن أن يشارك كل هؤلاء فى جريمة لها هذا القدر من البشاعة.

أتمنى لو أعاد النظر فى تلك الرسالة: كاتبها والذى سمح بنشرها فإنها بلا شك مسئولية أدبية تجب مراجعتها، نعم عرف المجتمع المصرى أنواعا من الجرائم لم يعرفها من قبل وأظن أن دراسة دوافعها ونتائجها أمر يجب أن يتفرغ له أصحاب الشأن الاجتماعى والعاملون به ربما كان عندهم بعضا من الحل.

يظل أيضا نشر أخبار الجرائم فى سياقها أمرا واجبا فإخفاء الحقائق لا يلغيها لكن تضخيمها وتناول تفاصيلها وتعميمها أمر يستحق الحزم مع من يروج له.

تظل الجريمة استثناء وهناك بالطبع فارق بين الظاهرة والاستثناء.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved