الملح وطعم الخطر
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الجمعة 1 يوليه 2016 - 8:55 م
بتوقيت القاهرة
هذا الأسبوع ألقت قاضية أمريكية فى نيويورك طعنا تقدمت به المؤسسات العاملة بمجال المطاعم مؤيدة بذلك حكما سبق يقضى بضرورة وضع رمز لملاحة الطعام على قوائم أنواع الأطعمة المختلفة التى تحتوى قدرا من الملح أعلى من الطبيعى فى إشارة لأخطار زيادة عنصر الصوديوم.. أكدت القاضية على ضرورة إضافة تلك العلامة إلى كل طعام تزيد نسبة الصوديوم على ٢٣٠٠ مليجرام وهو ما يمثل الحد الأقصى الذى يجب ألا يتجاوزه الإنسان وفقا لتوصيات أصحاب الشأن الصحى الغذائى من الهيئات العلمية يوازى هذا القدر ملء ملعقتين صغيرتين فإذا تجاوز تحضير الوجبة هذا القدر كان لزاما على أصحاب المطعم إضافة علامة لملاحة الطعام داخل مثلث مرسوم بصورة واضحة. القاضية التى أصدرت الحكم علقت على حكمها بأن «المعلومات قوة وسلطة» فى إشارة إلى أن حكمها يأتى بعد أن وافق مجلس مدينة نيويورك للصحة بالإجماع على هذا الإجراء فى سبتمبر من العام الماضى.
يحتفظ العقل بذكرى مؤثرة لأحد روايات شكسبير وفيها تجيب الأميرة والدها الملك على سؤال كرره على بناته الثلاث بأنها تحبه كقدر حبها للملح كانت تحبه بالفعل فأرادات أن تقرب مثلا بشىء لا يمكن للإنسان الاستغناء عنه. رغم غضبة أبيها إلا أنه كان يعلم أنها الأكثر ولاء بين بناته والأكثر صدقا.
لا يستغنى الإنسان عن الملح لأسباب يعلمها أهمها المذاق الذى يتوه إذا ما غاب الملح وأسباب أخرى كثيرة تجهلها يحاول العلم جاهدا أن يكشف عنها مع الأيام.
علاقة الملح بارتفاع ضغط الدم أصبحت حقيقة علمية مؤكدة لذا فتقليل الملح فى طعام مريض الضغط المرتفع وهبوط كفاءة عضلة القلب واستبداله بما يحسن الطعم من دونه أمر واجب يسبق أسماء الأدوية فى التذكرة الطبية التى يتناولها الحكيم للمريض.
الجديد فى علاقة الملح بالصحة والمرض هو ما أعلنته متزامنة مجموعة من المصادر العلمية المعروفة عن علاقة بين الملح وأمراض جهاز المناعة، رغم أن التجارب مازالت على الفئران إلا أن هناك إشارات واضحة إلى أن الأمر قد يتطابق مع الإنسان.
زيادة نسبة الملح فى الطعام تستنفر خلايا المناعة المعروفة باسم الخلايا (t) لأن تعلن الحرب على أنسجة الجسم الأمر الذى يؤدى لاحتمالات الإصابة بأمراض المناعة الذاتية ومنها مرض السكر من النوع الأول والتصلب المتعدد المتناثر والروماتويد.
يضفى الملح مذاقا فريدا على الطعام يغيب إذا ما انحسرت نسبته لكن من الحكمة ألا نحتكم للمذاق ونتجاهل الصحة. من الحكمة الاعتدال فى تناول الملح. من الواجب أن ننبه للملح من البدايات فإن تنمية المذاق تبدأ بما يتناوله الطفل مباشرة بعد مرحلة الاعتماد الكامل على لبن الأم. تفاصيل صغيرة تلك التى قد تسفر يوما عن مشكلات كبيرة قد يضطر المجتمع لإصدار أحكام بشأنها فما بالنا لا ننتبه إلى مستصغر الشرر قبل أن يغدو معظم النار.