اطلبوا العدل
عمرو حمزاوي
آخر تحديث:
الثلاثاء 1 سبتمبر 2015 - 6:44 ص
بتوقيت القاهرة
يفتقد الدفاع عن الحقوق والحريات فى مصر كامل مصداقيته الأخلاقية والإنسانية والمجتمعية حين يتورط دعاته فى توظيف معايير مزدوجة، وحين يميزون بين ضحايا المظالم والانتهاكات وفقا للهوى الفكرى أو الانحياز الإيديولوجى أو درجة «الخطر» المترتبة على توجيه النقد الموضوعى للحكم المسئول عن الظلم والعصف بسيادة القانون وإماتة العدالة تحت وطأة ضربات السلطوية الجديدة أو احتمالات التعرض المباشر للقمع ما أن تصاغ مطالب بشأن مساءلة ومحاسبة مؤسسات وأجهزة الدولة التى يسيطر عليها الحاكم ويسخرها لفرض الخوف ثقافة وحيدة على المواطنات والمواطنين ويدفعها لمراكمة المظالم والانتهاكات.
يستحق الشباب الذين سلبت حريتهم ويقبعون اليوم خلف أسوار السجون وأماكن الاحتجاز الدفاع عن حقوقهم المهدرة والانتصار لكرامتهم الإنسانية والضغط السلمى المتواصل لضمان إجراءات التقاضى العادل، يستحقون جميعا ذلك دون تمييز بين المعلومة أسمائهم للرأى العام كإسراء الطويل ومن قبلها يارا سلام وعلاء عبدالفتاح وأحمد دومة وأحمد ماهر ومحمد عادل وبين غير المتداولة أسمائهم فى الإعلام وعلى شبكات التواصل الاجتماعى.
يستحق الشباب الدفاع عن حقوقهم وحرياتهم والمطالبة بجبر الضرر الذى أنزل بهم والحرص على توثيق وكشف الانتهاكات التى يتعرضون لها قبل سلب الحرية وبعده فى السجون وأماكن الاحتجاز، دون تمييز بين المنتمين للحركات اليسارية والديمقراطية وبين المنتمين أو المنتسبين للإخوان وغيرهم فى اليمين الدينى. يستحقون تجاوزنا لثقافة الخوف ولهستيريا تبرير القمع وتمرير العقاب الجماعى، ويستحق ذلك أيضا متوسطى العمر والشيوخ القابعين خلف الأسوار وإزائهم نتنصل من إنسانيتنا عندما نصمت على غياب ضمانات التقاضى العادل وعلى حبسهم الاحتياطى الذى تسمح «قوانين الاستثناء» التى تمررها السلطوية بتمديده اللانهائى وعلى معاناتهم من المظالم والانتهاكات فى أماكن الاحتجاز، مجددا دون تمييز أو معايير مزدوجة.
مهما تنوعت أو تعددت الاتهامات التى يواجهونها والعمليات القضائية التى تدون بها أسماؤهم كمتهمين أو مدانين، يستحق عصام سلطان والدكتور عبدالله شحاتة (زميلى فى هيئة تدريس كلية الاقتصاد والعلوم السياسية فى جامعة القاهرة) والمستشار محمود الخضيرى والدكتور سعد الكتاتنى والآلاف المسلوبة حريتهم من المعلومين ومن غير المعلومين للرأى العام الدفاع عن حقهم فى ضمانات التقاضى العادل وفى صون كرامتهم الإنسانية فى السجون وأماكن الاحتجاز وفى حمايتهم من التعذيب ومن المعاملة غير الملتزمة بمعايير الحقوق والحريات وفى الحصول على الرعاية الجسدية والنفسية والصحية اللائقة وفى تمكينهم من التواصل مع ذويهم وصون كرامة ذويهم الإنسانية.
يستحق أيضا جميع ضحايا المظالم والانتهاكات والتمييز، إن بسبب الفكر أو الرأى أو الموقف الرافض للسلطوية الجديدة أو «للدواعى الأمنية» التى تتغول اليوم على قيم العلم والعقل والمساواة والكفاءة والاستقلالية والتى تجهل مضامينها كما حدث أخيرا مع الدكتور المحترم منير مجاهد، الانتصار لحقهم فى العدل والمساواة والحرية وتكافؤ الفرص وفى غل اليد القامعة للحكم وللمؤسسات والأجهزة الرسمية التى تتورط فى القمع والظلم.
انزعوا غطاء الصمت اللعين عنكم، تخلصوا من ثقافة الخوف التى تجدد مكوناتها كما تتجدد خلايا السلطوية، ألقوا بعيدا عن إنسانيتكم المعايير المزدوجة والهستيريا التى تجعل من كيانات بائسة ومن بلادنا أرض حزن وألم وفقدان للأمل، اطلبوا ضمانات التقاضى العادل للجميع وصون الكرامة الإنسانية للجميع والحماية من المظالم والانتهاكات للجميع.