زمن الكوليرا
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الإثنين 1 نوفمبر 2010 - 10:46 ص
بتوقيت القاهرة
حصدت الكوليرا هذا الأسبوع أرواح مائتين من أهل هاييتى فى هجمة لتلك البكتيريا الضارية التى لم تعرفها تلك البلاد من قبل. تأكدت إصابة ألفين من السكان حتى الآن فى أزمة صحية خطيرة تتعرض لها البلاد بعد كارثة الزلزال الذى ضرب هاييتى بعنف فى يناير الماضى.
الخبر يثير الرعب فى القلوب، فقد بدأت حالات الكوليرا فى الظهور فى منطقة الوسط، الأمر الذى يجعلها على بعد أميال قليلة من المخيمات التى يسكنها من أضيروا من الزلزال فهجروا منازلهم التى تهدمت على من فيها. انتشار المرض فى المخيمات سيعدو كارثة، فظروف المعيشة وتكدس السكان سيمنح انتشاره فرصة سريان النار فى كومة قش.
بدأت أعمال الإغاثة تشق طريقها للأماكن المصابة فكان أول ما اهتمت بتوفيره المعدات التى تضمن مياها نقية للشرب، فالمعروف عن الكوليرا أن أهم وسيلة لانتشارها هى الماء الملوث.
عرفت مصر أهوال الكوليرا عام 1883 حينما اكتشف الطبيب الشجاع روبرت كوخ سبب ذلك الوباء الأسود الذى قبض أرواح أربعين ألفا من المصريين العزل. فى مستشفى الإسكندرية الأميرى استطاع روبرت كوخ عزل ميكروب الكوليرا الذى ينتشر فى شكل ضمات من البكتيريا القاتلة تستولى على شريان الحياة فى جسد الإنسان حينما تصيبه بالإسهال والقىء الهستيرى الذى يفرغ الشرايين والأوردة من محتوى الماء فيها فيهلك الإنسان فى ساعات من الجفاف.
عرفت مصر وباء الكوليرا وأهواله لثلاث مرات متعاقبة. الأولى عام 1883 يليها ما أدى لوفاة خمسة وثلاثين ألفا عام 1902 ومازال الأحياء من مواليد عام 1947 يذكرون الهلاك الذى حمله جنود الانجليز من الهند موطن الكوليرا الأصلى إلى معسكر التل الكبير معهم وكيف اغتال عشرين ألفا من المصريين.
أرجو أن تغفروا لى إشراككم لى فيما يعترينى من هواجس، لكننى حين أرى ما وصلت إليه أحوالنا من غياب لمعايير النظافة وما أعرفه من معلومات عن تلوث المياه أرتعد، فقد تأهلنا لزمن الكوليرا.