حزب الله يسيطر على لبنان.. ولا يسعى ليكون الحاكم السياسي المطلق
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الجمعة 1 نوفمبر 2019 - 8:15 م
بتوقيت القاهرة
«منذ سنوات عديدة، أخذ حزب الله دولة لبنان رهينة ــ أقام جيشا خاصا به، وهو الذى يقرر عمليا سياسة لبنان الأمنية»، هذا ما قاله رئيس الأركان أفيف كوخافى قبل أسبوع فى حديث مع المراسلين العسكريين. يتطرق هذا الكلام إلى موقف الجيش من حجم السيطرة الأمنية لحزب الله على لبنان، وموازين القوة الواضحة التى تميل إلى مصلحته فى مقابل الأجهزة الأمنية الأُخرى، والتى لا تتلاءم مع التمثيل السياسى لحزب الله فى الحكومة اللبنانية. ومع أن هذا صحيح من زاوية السلطة، ومكانة حزب الله فى التمثيل الرسمى فى الحكومة اللبنانية، إلا إن قوته تعززت بصورة كبيرة فى السنوات الأخيرة.
أيضا حتى لو افترضنا أنه فى ظل موازين القوى هذه أن حزب الله كان قادرا على السيطرة عسكريا على لبنان، فإنه ليس من قبيل الصدفة أن الحزب، حتى فى سنوات تعاظم قوته، يختار طريقة أُخرى. بخلاف «حماس» مثلا، يقوم حزب الله بلعبة مزدوجة. فهو يقود جيشا مستقلا فى لبنان، ويسيطر من نواح كثيرة أيضا على الجيش اللبنانى، وله صلات عميقة بالاستخبارات اللبنانية، وهو قوة مهمة وجزء من تعاظم قوة المحور الشيعى فى الشرق الأوسط، عسكريا وفكريا. لكنه لا يسعى لكى يكون الحاكم السياسى المطلق. هذا الفارق هو الذى يسمح للبنان بالاستفادة أيضا من فوائد العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع دول الغرب، بما فيها مساعدة عسكرية تمنحها الولايات المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، يدرك حزب الله جيدا الثمن المرتبط بمسئولية السيطرة وضررها فى دولة لديها تاريخ من الحروب الأهلية وتركيبة ديموغرافية مذهبية معقدة جدا. الافتراض المعقول أنه أيضا بعد استقالة رئيس الحكومة الحريرى، لن يحدث تغيير فى منظومة فكر نصر الله. فى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية يعتقدون، حتى قبل الاستقالة، أنه لن تكون للأحداث الأخيرة انعكاسات أمنية مباشرة على إسرائيل. فهى لن تزيد تهديدات حزب الله ضد إسرائيل فى هذه الفترة بهدف صرف الانتباه، وربما وقف الاضطرابات الداخلية فى الدولة. حتى الآن ليس هذا هو السيناريو المعقول، وأى عملية من هذا النوع يقوم بها حزب الله لديه الكثير ليخسره. الثمن الذى يمكن أن يدفعه فى مثل هذه الحالة، داخليا فى لبنان وفى مواجهة إسرائيل، يمكن أن يكون باهظا جدا.
مع ذلك، ما يحدث فى لبنان له وزنه فى تقدير الوضع الأمنى، بينما كل شىء متوتر ومشدود إزاء إيران، وأيضا حيال حزب الله، حتى قبل الأحداث الأخيرة. العمليات الإسرائيلية فى سورية وضد أهداف أُخرى، أيضا ضد أهداف حزب الله، يمكن أن يكون لها تأثير آخر، ويجب على إسرائيل أن تكون حذرة جدا فى عملياتها ضمن إطار المعركة بين الحروب، كما يسميها الجيش الإسرائيلى.
من غير الممكن إعادة التفكير فى الأحداث العملانية التى حدثت فى الفترة الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله، لكن فى هذا الواقع من المعقول الافتراض أن إحباط هجوم المسيرات والتصعيد الذى نشب بعده، كان يمكن أن يتطور بطريقة مختلفة. كعامل تصعيد أو كعامل كبح؟ ــ هذا عرضة لتأويلات مختلفة، لكن الأكيد الآن أن عامل عدم الاستقرار فى لبنان له وزنه أيضا فى تقدير الجيش الإسرائيلى الجارى للوضع، والمطلوب من إسرائيل أن تكون حذرة جدا وألا تتحول إلى لاعب فاعل فى الاضطرابات فى لبنان.
فى المدى الزمنى البعيد، ستخبرنا الأيام إلى أين سيتدحرج لبنان بسبب الأزمة الأخيرة التى يجب أن نذكر بأنها لم تتحول إلى عنيفة، لكن الرؤية الواقعية لما سُمى خطأ «الربيع العربى»، تُخبر أنه فى نهاية التحركات وأفكار التقدم والليبرالية، الذى تعززت قوته فى منطقتنا فى الأساس هو المحور الشيعى ــ الإيرانى، المعادى والأشد خطرا اليوم على دولة إسرائيل. فى لبنان إمكان حدوث ذلك لا يزال قويا بصفة خاصة، وهذه بالتأكيد ليست بشرى جيدة لدولة إسرائيل.