رحلتى للجزائر الرائعة
عزة فهمي
آخر تحديث:
الجمعة 1 نوفمبر 2024 - 6:35 م
بتوقيت القاهرة
(حضور فعاليات برنامج كانيكس ويكإند 2024 - من 16 إلى 19 أكتوبر (الجزائر العاصمة، الجزائر)، وزيارات ميدانية لأهم المدن فى القطاع الحرفى ودراسة إمكانية التعاون بين البلدين الشقيقين برعاية وزارة الخارجية المصرية ووزير السياحة والصناعات التقليدية بالجزائر)..
تم اختيارى كعضو استشارى فى مجلس كبير للابداع للبنوك الإفريقية الكبيرة فى القاهرة لمساعدة المواهب والفنانين فى قارتنا.. نجتمع سنويا فى بلد ما.
هذه السنة كان لقاؤنا فى الجزائر.. البلد العربى الشقيق الذى تمنيت أن أزوره خلال الثلاثين عاما الماضية ولم تتح الفرصة لأسباب كثيرة.
عندما بدأت الطائرة فى الهبوط.. نظرت من النافذة على المساحات الهائلة من الجبال الشاهقة الخضراء التى تغطى الأرض فى الخط الفاصل بين البحر الأحمر المتوسط وخط القارة الإفريقية.
أشاهد مئات المربعات الحمراء والخضراء والبيضاء متناثرة بين هذه الغابات والمساحات الخضراء.. أعداد مهولة من القرى ومدن موصولة ببعضها بطرق ممهدة.
مساحة الجزائر هى ضعف مساحة جمهورية مصر العربية تقريبا بجانبها تونس والمغرب من الجهتين والصحراء الكبرى من الخلف.
السكان الأصليون للجزائر هم قبائل البربر الذين ينقسمون إلى الأمازيغ والطوارق وقبائل أخرى متنوعة مثل الشاوية أولاد نايل.. وأكبر تجمع للطوارق موجود فى جمهورية الجزائر.. حيث يسمونهم (الرجالة الزرق) أو (أهل اللثام).. وكلمة طوارق نسبة إلى «طارق بن زياد».
كونى باحثة وخبيرة للحلى التقليدية فى المنطقة العربية بجانب كونى مصممة.. كانت بالنسبة لى فرصة لزيارة هذا البلد العظيم الذى لا يزال يحتفظ بتقاليده العريقة.. يتكلمون الأمازيغية والفرنسية والعربية فى نفس الوقت.
مشكورة لعبت وزارة الخارجية المصرية دورا هاما جدا لتسهيل مهمتى والتعرف على الصناعات التقليدية والحرفية هناك وقام سفيرنا الشاب «مختار وريده» بدور مهم فعال نشيط لترتيب زيارات ميدانية مهمة لهذا القطاع الحرفى ودراسة إمكانيات التعاون بين البلدين. كان لقاؤنا الأول بالسيد «مختار ديدوش» وزير السياحة والصناعات التقليدية الجزائرى أول محطة لى، فى الجزائر العاصمة، فى مكتبه.. تجمع فريق من المسئولين عن الصناعات التقليدية.. وتقرر زيارة أهم مدينتين بالقرب من العاصمة فى المناطق الجبلية ويشتهرون بصناعة الفضة هما مدينة (تيزى أوزو) ومدينة (بن ينى).
الصباح التالى صحبنى السفير المصرى إلى هناك لزيارة مراكز الصناعات الحرفية فى المنطقة والذى يحمل اسم شهيدين رجل وزوجته كانوا مع المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسى ولكن فى نفس الوقت كانوا من الحرفيين المهرة.. ملحوظة شوارع كثيرة من العاصمة حوائطها موضوع عليها صور شهداء الثورة الجزائرية وأسمائهم بشكل فنى واسم الشهيد واضح على الحوائط.. وذلك حتى لا ينسى الشعب الجزائرى نضاله الطويل وسنوات المقاومة الشعبية الذى يقال إنه فقد بين خمسمائة ألف إلى مليون شهيد.
كانت المفاجأة الكبرى لى فى المركز هو عدد السيدات والفتيات اللائى يعملن فى حرفة الصياغة بأنفسهن ولهم ورش ومحلات. المرأة الأمازيغية تستطيع أن تصنع حليها بنفسها. أجيال تناقلت حرفة الصياغة.. وكثيرا ما تسمى المرأة الأمازيغية (فضة) أو (ذهبية) حبا لهذا المعدن والحلى. أحب أن أنوه أن المرأة القبائلية دخلت هذه الحرفة منذ حوالى 30 عاما بشكل مهنى.. تعمل فى هذه المراكز حوالى 90 صائغة مسجل منهم رسميا فى الحكومة حوالى 40 حرفية. يُقام سنويا مهرجان فى مرتفعات (بن ينى) و(تيزى أوزو) يسمى (مهرجان الفضة) احتفالاً بهذا المعدن الراقى وعلاقتهم به. دعتنى وزارة الثقافة لحضور هذا الاحتفال العام القادم من شهر يوليو.
العائلة فى الجزائر شىء مقدس، لها تقاليدها واحترامها لكبير العائلة هم عصب الأسرة يجتمعون أسبوعيا عند الجد أو الجدة أو كبير العائلة لمناقشة شئون الأسرة والتواصل فى الأمور المهمة. الاحترام الشديد لهذه العادات والاستمرار فى ممارستها شىء رائع أعجبت به كثيرا، هذه العادات التى صمدت أمام هجمة التطور السريع العالمى للتكنولوجيا والحداثة. رأيت شعبا متطورا متفتحا ناجحا متعلما لم ينس أبدا تقاليده وعاداته واحترامه لها.
مدينتان (تيزى أوزو) و(بن ينى) بهما عشرات الحرفيين من الجيل الثالث والرابع الذين يحرصون على الحفاظ على تراث الحلى التقليدية إلى الآن، زرت ورشا كثيرة وتجولت أناقش وأتكلم وأسجل معلومات عن الحلى القبائلية.
قضينا اليوم بأكمله فى هذه المرتفعات الجبلية يصحبنا وفد من وزارة السياحة والصناعات التقليدية زرنا عشرات الحرفيين المهرة.. وجمعت مادة شيقة عن الحلى الأمازيغية.. أنواعها وأشكالها. تتعرف على المرأة فى الطرقات وتعرف حالتها الاجتماعية متزوجة أم عزباء من شكل الحلية التى ترتديها.. لو حملت بعد الزواج وأنجبت ولدا تلبس حليا معينة ولو ولدت بنتا تلبس حليا معينة أخرى. إشارات ورموز وعلامات مهمة متداولة بين القبائل الأمازيغية.. كل حلية ولها رمزها ومدلولها.
رجعت إلى القاهرة أحمل مخزونا رائعا شيقا من هذا البلد الجميل.. الذى سحرنى بجمال الطبيعة والنظافة الفائقة.. وأعجبت جدا بتمسك الجزائريين بأصولهم وتقاليدهم وإصرارهم على حفاظهم على هوية شعب له تاريخ عظيم طويل مشرف.
مصممة الحلى ورائدة الأعمال