آمال فريد: أين موقعها فى قانون التأمين الصحى؟
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الجمعة 1 ديسمبر 2017 - 9:25 م
بتوقيت القاهرة
لقد أسمعت لو ناديت حيا .. ولكن لا حياة لمن تنادى: كثيرا ما استخدمت هذا التعبير كثيرا أيضا ما دق رأسى بلا استئذان كلما بذلت جهدا أو توقعت خيرا فانفرط العقد ونالنى الإحباط.
بحثت كثيرا عن قائل هذا البيت العبقرى فلم أصل إليه وإن توقفت أمام أسماء كثيرة من الممكن أن يكون كل منهم قائله: منهم بشار بن برد الفصيح المشاغب الهجاء الذى حلت بصيرته محل بصره حتى أنه عزا ذكاءه للعمى حين قال واصفا نفسه: «وعميت جنينا والذكاء من العمى» لذا فأنا أميل إلى أنه قائل البيت الذى أظنه لسان حالنا جميعا الآن.
هذا الصباح اتصل الحديث بينى وصديقة أثيرة لدى تعيش فى دبى لكن قلبها معلق بالقاهرة تعيش أحداثها قبل أن تقع مستنفرة دائما للمعاونة. كانت قد نشرت صورة للممثلة آمال فريد تطالب الدولة برعايتها فى شيخوختها، داهمنى شعور قاتم وأنا أطالع الصورة: أين تلك الصورة من تلك الشابة الجميلة الموهوبة التى احتلت بطولة أفلام كثيرة. أذكرها جيدا فقد كانت طاقة من البهجة الملونة فى أفلام الأبيض والأسود أجمل ما أخرجت الشاشة الفضية فى عز مجد السينما المصرية. صورة داكنة باردة لسيدة مسنة ذاهلة تعقد منديلا باهتا على رأسها تشخص للمجهول فى انتظار النهاية وحيدة! هل هى بالفعل تلك التى يوما ما كانت حبيبة عبدالحليم حافظ الناعمة التى تتفجر حيوية وحرارة فى ملابسها الجريئة وقصة شعرها الشبيهة بالصبيان والتى كانت موضة أيامها «الألجرسون». دققت النظر فاستطعت بصعوبة أن ألمح بعضا من ألق ملامحها التى غابت تماما تحت ركام السن الذى تقدم والشيخوخة التى كبلتها بلا رحمة فانحسر عن وجهها ماء الشباب الذى كان يشير نتائج تعداد مصر الأخير إلى أن عدد سكلانها ما دون عدد المقيمين بالخارج وأطفال الشوارع ٩٤ مليونا و٧٩٨ ألف نسمة حيث كان تعدد المقيمين بالخارج ٩٫٤ مليون.
أما عن المسنين فى بلادى فقد بلغت نسبتهم ٦٫٩ بالمائة من إجمالى السكان وهم وفق تعريف التعدد من تخطو الستين من أعمارهم.
سبعة ملايين من المسنين والمسنات يعيشون بيننا. نسبة منهم ضئيلة تتوافر لها حياة كريمة فى ظل مستوى اجتماعى يكفل لهم احتياجاتهم المادية.
فما هو مصير السواد الأعظم منهم الذى لا حول له ولا قوة وعليه أن يلقى مصير آمال فريد من التجاهل والإهمال حتى يستجدى ما يعينه على الحياة. مع الأيام يزداد احتياجه وتقل موارده؟
* أين موقع المسنين على خريطة الضمان الاجتماعى.. وهل تجدى تلك الجنيهات القليلة التى قد يحصل عليها بعض المحظوظين من معاشات استثنائية أيا كانت توفرها وزارة التضامن الاجتماعى؟
* أين موقع المسنين فى قانون التأمين الصحى الجديد؟ طب الشيخوخة أصبح واقعا فى العالم بأسره فهل يغطى قانون التأمين الصحى تداعيات أمراض الشيخوخة بصورة مستقلة لا تدرج فيها تحت أى مسميات أخرى للأمراض المزمنة؟
* فى بلاد العالم يراعي أن السن محصلة لخبرات نادرة فى أحيان كثيرة وفى بلادى يوم تمام الستين هو الحد الفيصل بين إنسان فى مكان يديره باقتدار ورف ينتظره فى ثلاجة المعاش.
هل هناك من أصحاب الرؤية في الإدارة الحالية من يفكر فى الاستفادة بتلك الخبرات بصورة لا تتعارض مع اعطاء كل الفرص للشباب وتمكينهم «التعبير المستحدث» والوقوف بالمرصاد لظاهرة المستشارين الوهميين.
آمال فريد بصورتها الذاهلة ألقت حجرا فى مياه راكدة وعادت تؤكد لى أنه ربما أصولى تنحدر من نسل من كانت قضيته معركة مع طواحين الهواء فى أرض إسبانيا الممتدة: دون كيشوت النبيل الحالم.