أوميكرون والاقتصاد العالمى.. ثلاثة أسئلة رئيسية
أحمد شكري رشاد
آخر تحديث:
الأحد 2 يناير 2022 - 8:20 م
بتوقيت القاهرة
من بعد ظهور فيروس الكورونا فى العالم أصبحت الأخبار الطبية هى المحدد الرئيسى لحالة الاقتصاد العالمى.. كما تحولت السياسة الصحية وسياسة التطعيمات إلى سياسة اقتصادية، كما ذكرت غيتا غوبيناث ــ كبيرة الاقتصاديين فى صندوق النقد الدولى. لأن أى نظام صحى له قدرة على استيعاب عدد معين من حالات الكورونا وإذا ارتفع عدد الحالات عن قدرة النظام الصحى على استيعابها، تضطر الدول إلى تطبيق الإغلاق الشامل للسيطرة على عدد الإصابات وتحد من حركة الأفراد ومن ثم تتعطل الحركة الاقتصادية ويظهر الركود والانكماش. وهناك دول أكثر تشددا فى التعامل مع عدد الحالات مثل الصين التى تطبق سياسة صفر كورونا والتى تعنى مع ظهور حالات جديدة يتم تطبيق الإغلاقات وتقيد الحركة وعدم السماح بالدخول والخروج من المدينة المصابة.
عندما تزداد حالة الغموض وعدم اليقين حول مستقبل الاقتصاد، يلجأ علماء الاقتصاد إلى تصميم سيناريوهات اقتصادية مختلفة منها المتفائل ومنها المتشائم ومنها المحايد فى محاولة لتحديد مسار الاقتصاد. ما زالت حالة الغموض حول مسار الاقتصاد مستمرة بعد ظهور المتحور أوميكرون. لكن هناك 3 أسئلة رئيسية حول أوميكرون ستحدد الوضع الاقتصادى فى الفترة القادمة.
السؤال الأول هو: ما هى سرعة انتشار المتحور أوميكرون؟
السؤال الثانى: هل تعتبر أعراض أوميكرون أشد أم أخف من أعراض النسخ السابقة من الفيروس؟
والسؤال الأخير: ما هى قدرة التطعيمات على صد أوميكرون؟
لدينا الآن بعض الإجابات الأولية على تلك الأسئلة. لا يوجد خلاف حول إجابة السؤال الأول وأن أوميكرون سريع الانتشار بالمقارنة مع المتحورات السابقة. إن النظر إلى أرقام الحالات يعكس بوضوح تلك الحقيقة. على سبيل المثال، فى 1 ديسمبر 2021 أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن رصد أول إصابة بمتحور أوميكرون وكان عدد الإصابات فى حدود 82 ألف إصابة يوميا. وفى ظرف 20 يوما ارتفع عدد الإصابات فى الولايات المتحدة من 82 ألف إصابة يوميا إلى 164 ألف إصابة يوميا. وكان 75% من تلك الإصابات نتيجة لمتحور أوميكرون.
أما عن شدة المرض وقدرته على زيادة عدد الإصابات التى تتطلب الدخول إلى المستشفيات، فهناك أخبار إيجابية بأن أوميكرون أقل خطورة من المتحور دلتا، وأن احتمال دخول المستشفى بسبب المتحور أوميكرون أقل ثلاث مرات بالمقارنة مع المتحورات السابقة حسب الدراسة التى أجريت على الحالات فى الدنمارك.
أما بخصوص قدرة التطعيمات على صد أوميكرون فتبدو الأخبار غير إيجابية. على الأقل على مستوى الدول النامية. ما تظهره أبحاث أن التطعيمات التى تعتمد على تكنولوجيا mRNA مثل فايزر ومودرنا هى الوحيدة القادرة على توفير درجة من الحماية ضد أوميكرون مع حصول على جرعة ثالثة معززة. ومن الممكن جرعة تنشيطية رابعة حسب وزير الصحة الألمانى. أما التطعيمات الأخرى التى تعتمد عليها الدول النامية بكثافة وتمثل 70% من إجمالى التطعيمات حول العالم، فيبدو أنها لن تكون قادرة على توليد أجسام مضادة أمام أوميكرون. مما قد يتسبب فى ارتباك فى سرعة معدلات التطعيم.
وعن الجانب الاقتصادى، أصبح العالم اليوم يزداد صلابة فى التعامل مع موجات الكورونا بالمقارنة مع مارس 2020. ولكن من المتوقع أن يكون هناك تأثير سلبى على الاقتصاد العالمى خلال الربع الأول من 2022. ولقد حذرت مديرة صندوق النقد بأنه سيتم مراجعة معدلات النمو للاقتصاد العالمى بعد انتشار أوميكرون. لكن سيكون هناك تباين فى تأثير أوميكرون على اقتصاديات الدول. فالدول التى تعتمد على السياحة والنقل ستتأثر بدرجة أكبر من الدول الأخرى، حيث إنه من المتوقع أن يستمر الضغط على القطاع السياحى وقطاع الطيران حول العالم خلال موسم إجازات نهاية السنة والربع الأول من 2022 فى ظل إعادة تقيد حركة السفر بين الدول. على سبيل المثال، منعت فرنسا دخول السياح من بريطانيا لقضاء إجازات رأس السنة فى ظل انتشار أوميكرون فى بريطانيا. مما تسبب فى ضغوطات هائلة على قطاع الفنادق فى فرنسا. كما تم تأجيل منتدى الاقتصاد العالمى فى سويسرا. من ناحية أخرى، رفعت شركة الطيران راين اير توقعاتها للخسائر فى عام 2022 بعد ظهور أوميكرون. على مستوى التضخم والأسعار، سيتسبب أوميكرون فى ارتباك فى عمل سلاسل الإمداد لفترة قصيرة خصوصا مع استمرار سياسة الصين المتشددة مع الكورونا مما قد يتسبب فى إغلاق بعض الموانئ الصينية، وبالتالى تتأثر أسعار السلع.
إن أوميكرون عثرة فى طريق الاقتصاد العالمى سيتأثر بها لفترة قصيرة ولكن سيقوم منها بسرعة. لكن الدرس الذى فهمه العالم بوضوح هو أن الفيروسات لا تحترم حدود الدول، أن لا أحد فى العالم فى أمان من الوباء حتى يكون الجميع فى أمان من الوباء، وأن استئثار الدول المتقدمة بالتطعيمات لن يفيد، وأن توزيع التطعيمات على الجميع هو الطريق الأمثل.