عن بعض الرعب في أيامنا

محمد المخزنجي
محمد المخزنجي

آخر تحديث: الأحد 2 فبراير 2025 - 10:35 ص بتوقيت القاهرة

على غفلة.. فوجئت بضوضاء على صفحات جرائد و مواقع السوشيال ميديا، تضعنى فى التباس عن مشاركتى فى تأليف «رواية رعب» مع ممثلة أو مغنية اسمها دوللى شاهين (صدقًا وجدتنى لا أعرفها وإن بدا الاسم قد مر أمامى دون تذكر كينونة صاحبته)، وقد صرَّحت صاحبة هذا الاسم بأن كتابها «الأول» هو رواية رعب شاركها فيها «الكاتب الكبير محمد المخزنجى»، وأزعجنى ذلك إذ أدركت أن هذا سيضعنى موضع الاشتباه قبل التبيُّن، برغم أن الخبر نُشر مع صورة تجمع عدة أشخاص بينهم محمد المخزنجى المُشار إليه، وهو كاتب روايات رعب لم أقرأها لأننى لم ولا أقرأ هذا النوع من الكتابات ناهيك عن كتابتها، اللهم إلا القصص التى أخذ عنها ملك سينما الرعب «هيتشكوك» أفلامه، وقد قرأتها فى سن مبكرة ضمن استكشافى المبكر لأطياف كتابة القصة، وكانت مكتوبة باحترافية تضارع احترافية أفلام هيتشكوك، وما عدا ذلك، وبعد ذلك، لم تجذبنى أبدًا قراءة أو كتابة قصص أو روايات الرعب، لإدراكى أن هناك رعبًا أعمق فى سياق ظاهر وباطن الحياة البشرية، رعب ليس فى حاجة إلى شياطين أو عفاريت أو خوارق، خاصة فى هذه الأيام خارقة الشيطنة والعفرته.

لهذا، ولاستيائى مما يمكن أن يثيره الخبر من التباس، بحثت عبر الإنترنت عمن تكون «دوللى شاهين» التى يقحمنى الخبر فى شبهة تأليف كتاب «مشترك» معها، وتضاعف استيائى! تضاعف استيائى لكننى قدرت أن أترك الالتباس يمر، لكنه تطاول وصار موضع نقاش فيما ينبغى ألا يكون فيه نقاش بالنسبة لى، وفى مرارة هذا الالتباس استدعت ذاكرتى سوابق هذا الخلط الذى حاولت تصحيحه وتقنينه حتى لا يتكرر معى ولا مع غيرى حال تشابه الأسماء. فمنذ سنوات ظهر شاعر عامية من المنوفية باسم «محمد المخزنجى»، رشح نفسه لمجلس إدارة اتحاد الكتاب، ووجدت سيلًا من الاتصالات يزعجنى إذ يطلب متصلون ومتصلات من المرشحين أن أعطيهم صوتى لأنهم سيعطونى أصواتهم! وفى البداية كنت أُفهِمهم أننى لست الشخص المقصود، لأننى لا أرشح نفسى ولا حتى أدلى بصوتى فى أى انتخابات لأسباب تخصنى. ونجح «محمد المخزنجى» شاعر العامية وصار عضوًا فى إدارة هذا الاتحاد. لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فقد تكرر الخلط بوضعى فى فعاليات ومواقف ليست لى. عندئذ اتصلت برئيس اتحاد الكتاب الدكتور علاء عبدالهادى وطلبت منه تفعيل العرف المتبع - لدينا ولدى غيرنا - فى إزالة هذا الالتباس حال تشابه الأسماء، ومنه وضع اسم أو حرف متوسط بين مقطعى أسم الكاتب الأحدث يميزه عن سابقه. وتفهم الدكتور علاء ذلك ووعد بأنه سيحاول تصحيح الأمر. لكن الأمر استمر، وقلت «دعه يمر» إذ سيميز وصف الشاعر أحد الاسمين. لكن حدث أمر محزن إذ توفى محمد المخزنجى الشاعر فى سن مبكرة إثر مرض خاطف، وحزنت له ولأسرته ومحبيه إذ كان فيما يبدو طيبًا وكريمًا، لكن حزنى شابه بعض الانزعاج إذ قرأت نعيى فى بعض الصحف العربية التى فصَّلت الخبر الملتبس بمعلومات عنى وعن كتبى! وتلقيت مكالمات من أصدقاء وأقارب ملهوفين صدمهم خبر موتى.. المفاجئ! عندها منعنى جلال الموت، وتألمى للراحل وذويه من أى توضيح أو تصحيح للخبر. أما محمد المخزنجى كاتب روايات الرعب، فلا بد أن أذكر له لمحة طيبة فى هذا الالتباس، إذ قصده بعض القراء والقارئات فى حفل توقيع كتاب له وهم يظنون أنه أنا! وبلمحة نزاهة أقدرها له أوضح لطالبى توقيعه أنه ليس «الكاتب الكبير» الذى يقصدونه. هذا جميل ونزيه، ومن ثم تركت الالتباس ليفصل فيه نوعًا الكتابة المختلفة بيننا. لكن «نكشة» الإزعاج فى هذا الالتباس آثرت الانفجار، فقد فوجئت منذ بضع سنوات بمن يهنئنى وبمن يغمز فى أمرى، نتيجة إعلان فوزى بجائزة «كاتارا» القطرية عن رواية رعب اسمها «الرديف»! وأفزعنى هذا الالتباس، الذى خلطت أخباره بينى وبين محمد المخزنجى كاتب الرعب، ولا يزال الخلط مستمرًا، حتى فى موسوعة «ويكيبيديا». وحدثت ضوضاء تغمز فيما أبديته ولا أزال من قناعة بعدم التقدم لأية جوائز، مصرية وغير مصرية، على اعتبار أن كبرياء الكاتب يوجب ألا يلتمس الجائزة بل تذهب إليه أية جائزة، بتقدير نزيه من لجنة اختيار يتسم أعضاؤها بالنزاهة والاستقلال عن أى سلطة ثقافية أو سياسية. كما أن الغمز طال جائزة «كاتارا» نفسها على اعتبار أنها كانت فى بدايتها تبحث عن «اسم مصرى» لتُفحم به دعاوى مقاطعة الجائزة من المصريين لانحيازات قطرية للإخوان المسلمين حينها. «ديلِّما» عجيبة غريبة وجدت اسمى يُقحَم فيها. وقلت دعها تمر. وقد مرت سنوات دون خلط، حتى ظهرت رواية «رعب دُللى والمخزنجى» مستبقة معرض القاهرة الدولى للكتاب الحالى ومتصاعدة معه، ولى فيه أكثر من كتاب، وقد أفزعنى أن هناك حالات عديدة أبلغنى بها أصدقاء عن قراء اشتروا كتبًا ظنوها لى لمجرد أنها تحمل اسم «محمد المخزنجى»، وعندما بدأوا تصفحها اكتشفوا أن ما يقرأونه لا يمت لى بصلة، فتولاهم الاستغراب وشىء من الشعور بالخديعة، وربما أن بعضهم ظننى مَرَقت أو تغيرت! فماذا أفعل؟ فكرت وتريثت، لكننى لم أستطع إطالة التريث، خاصة وقد وجدت نفسى فى معمعة مُسيئة بكل ملابساتها، تتواصل وتتكرس، وتستحق لفت النظر،على الأقل، فيما لم يعد يستحق حسن الظن.. نعم، فكاتب الرعب المُشار إليه فى هذا الالتباس اسمه الثلاثى محمد محمود المخزنجى، وقد أصدر عمله الأول عام 2016 تحت عنوان «جريمة فى زجاجة»، فما الذى جعله يختزل اسمه بعد ذلك؟ وتقدم باسم «محمد المخزنجى» لجائزة كاتارا؟ أمر يثير، على الأقل، التساؤل. أما ما يتجاوز التساؤل إلى وجوب إعلان الضيق، فهو هذه الجلبة عن رواية ألفها مع هذه الممثلة أو المغنية التى لا أعرفها ووضعتنى فى التباس يؤلمنى. ومن ثم.. كتبت هذه السطور لنفض الغبار، وهو غبار ما كان ممكنًا حدوثه، لو كانت هناك نزاهة حقيقية تجعل الكاتب الأحدث إذ تشابه اسمه الثنائى مع كاتب سبقه بربع قرن، أن يظهر باسمه الثلاثى تنحية للاشتباه واعتزازا بذاته. أو على الأقل يضيف حرفًا يتوسط اسمه الثنائى، فيدل عليه وعلى ما يكتب. وهذا إجراء متبع لاحظته لدى الكتاب المنتمين إلى اتحاد الكتاب العرب فى سوريا الحبيبة حين مُنِحت عضويته. أما اتحاد الكتاب المصريين، وبرغم أن القضية فى صلب مهامه إنسانيًا وإبداعيًا وقانونيًا، وبرغم المودة التى تربطنى برئيسه الدكتورعلاء عبدالهادى، فإننى وعطفـًا على سابق ما أثرته معه عن هذه القضية عينها منذ سنوات، لا أنتظر شيئًا يخصنى، فهذه السطور إعلان يكفى قضيتى ويكفينى، لكن الأمر حرى بالتقنين واجتناب الفوضى والإساءة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved