فراشات أحرقتها الأضواء
حسن المستكاوي
آخر تحديث:
السبت 2 أبريل 2016 - 9:50 م
بتوقيت القاهرة
** قلت إنى أشم رائحة الخطيب فى رمضان صبحى. والكلمة مختارة بعناية، فالرائحة ليست نسخة، فكل وردة لها رائحة. حتى الورد البلدى الأصلى، تختلف رائحته باختلاف اللون أيضا.. وقد شممت رائحة الخطيب فى رمضان صبحى بعد العديد من المباريات، وشرحت الفارق بين الاثنين، وهو فارق يتعلق بالزمن، وباللعبة وطبيعتها.. لكن أمام رمضان صبحى طريق وعر وصعب ومجهد وطويل حتى يكون بقيمة الخطيب الذى كان ومازال نجما حتى اليوم. وتلك الرائحة لم أتنسمها فى رمضان صبحى لأنه سجل هدفا فى مرمى نيجيريا. وإنما هى نتيجة مباريات ولمحات فنية وبدنية متكررة، ودور فى فريقه، ومساندات من جانب زملاء له فى الملعب. فما أخشاه دائما أن أقع فى فخ المبالغة. خاصة أن الإعلام كله اعتبر رمضان بطلا لمباراة نيجيريا وحده، وأنه أصبح هدفا لكل أندية العالم، وكل أندية المجرة الشمسية.
** الطريق طويل، لأن النجم المميز عليه أن ينحنى تواضعا أمام موهبته قبل أن ينحنى أمام الناس. فالغرور قاتل. وعلى النجم مهما حقق من نجاحات أن يعلى من قيمة النجاح، فيكون ذلك هو هدفه كل يوم. لكن صورة النجم لا تكتمل إلا بالثقافة والقراءة، والاهتمام بالشأن العام. والثقافة فى تعريفها الذى أعجبنى: أسلوب حياة.. فكيف تتحدث، وكيف تأكل، وكيف تتحاور، وكيف تلعب؟
** أحذر رمضان صبحى الغرور، فلن تساوى شيئا إذا أصابك. وعليك أن تحب الناس كما أحبوك. وأن تكون بسيطا فى كل شىء، فلا تشغلك تسريحة شعرك، عن عدم كفاءة قدمك. ومثل رمضان صبحى هناك نجوم من أصحاب المهارات الفردية الفردية، ومنهم مطصفى فتحى. وكنت فى مباراة تلاعب فيها مصطفى فتحى بلاعبى الفريق المنافس، وغربلهم، وصفته بأنه ميسى. وكان ذلك تعبيرا عن حالة فى مباراة. فهو ليس ميسى. لكنه لاعب موهوب ومميز أيضا، ويجيد التحكم فى الكرة، والفارق بينه وبين أيمن حفنى أن الثانى يسير بالكرة كثيرا بالعرض، بينما مصطفى فتحى يتحرك بها إلى الأمام، ويفكر فى الاقتحام، ويسدد حين يجد الفرصة. وكذلك أيمن حفنى. لكنهما فى أشد الحاجة إلى تدريبات قوة، تضيف على المهارات الفردية. والقوة ليست بالضرورة فى طول القامة، فأقصر لاعبى العالم أبرعهم؟
** كل موهوب وكل نجم عليه أن يتعلم من تجارب الذين لمعوا ثم كانوا مثل الفراشات أحرقتهم الأضواء ولهيبها. فالنجم يدفع ثمن نجوميته بالحرمان من مباهج الحياة، وببذل جهد مضاعف. وعلى النجم أن يفهم أنه لا يلعب وحده ولا ينجح وحده، فكرة القدم الآن أكثر جماعية مما كانت عليه قبل عشرين أو ثلاثين عاما، وحتى ليونيل ميسى، صاحب المهارات الفردية الفذة، لا يستطيع أن يلعب وحده، ولكنه يتألق فى إطار الأداء الجماعى. وقديما كانت المساحات تسمح بالمبارزات الفردية، وبظهور واستعراض المهارات. وعلى الرغم من أن بيليه كان نجم عصره، فإنه لعب بجوار كتيبة مواهب مذهلة، من جارينشا، إلى جاييرزينيو، وديدى وفافا. وكذلك مارادونا نجم زمنه الأول، لعب بجواره عشرات النجوم فى منتخب الأرجنتين، وبرشلونة ونابولى.. وزمن الخطيب بمواهبه وعناصره غير زمن رمضان صبحى بمواهبه وعناصره.. لكنه فى النهاية زمن نجم يحيط به نجوم.