أخلاقيات الطب فى الصحافة
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الإثنين 2 مايو 2011 - 8:49 ص
بتوقيت القاهرة
من الظواهر الإيجابية فى وسائل الإعلام حديثة العهد الاهتمام بصحة الإنسان المصرى والبيئة التى يعيش فيها. أصبحنا نطالع صفحات متخصصة تتحدث عن الأمراض وطرق الوقاية منها ومقومات الغذاء الصحى وارتباطه بأمراض مزمنة كالسكر وارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين وما إلى غير ذلك من موضوعات تتحدث عن معلومات علمية مؤكدة تفيد الإنسان من معرفتها ويستفيد من تطبيقها.
لكن تلك الظاهرة الإيجابية فيما يبدو تم اختطافها ــ إذا استخدمنا مفردات الساعة ــ يتضح ما أعنى فى عدة قضايا طبية استخدمت فيها المعلومات العلمية بصورة تضر أكثر مما تنفع فى أيامنا الحالية.
حرب الإنترفيرون العلاج الوحيد الذى يعرفه 9 ملايين مصرى إذا صح الرقم المتداول ــ لم تهتم الصحافة بفيروس سى: طرق الوقاية منه وانتقال عدواه وتداعيات الإصابة به على الإنسان المصرى إنما اشعلت نارا لا يعرفها إلا المريض نفسه. المحلى أم المستورد؟ أيهما أكثر فاعلية؟ لماذا تتحيز وزارة الصحة للمحلى منه؟ هل لأن تكلفته أرخص بغض النظر عن صحة وسلامة الإنسان المصرى؟ اختفت تماما القضية الأساسية، فلم يجب أحد عن السؤال الأهم: لماذا تأتى نسبة الإصابة بفيروس سى فى مصر أعلى من كل دول العالم.
انشغل الجميع بوقائع حرب ضروس بين شركات الأدوية العالمية على سوق الإنترفيرون فى مصر ولم يصدر بحث علمى مستوفيا لكل شروط البحث العلمى المتعارف عليها عالميا ليقول الكلمة الفصل. أما آخر أبحاثنا المصرية العلمية الذى نشرته الصحف قبل أن يناقش فى مؤتمر المجموعة المصرية لدراسة الجديد فى أمراض الكبد القادم فيقرر أن فاعلية الإنترفيرون لا تزيد على 20٪ فى علاج فيروس سى على مدى عشرين عاما هى خبرة أستاذ الكبد المعروف!!
وقد شجع هذا الاتجاه الجديد الصحافة ووسائل الإعلام على استخدام المعلومات الطبية والعلمية بصورة لا تعكس فهما لها أو احتراما لدقتها. الراصد لعناوين الصحف فى الآونة الأخيرة يمكنه أن يجد الكثير من الأخطاء التى وصفت الحالة المرضية للرئيس السابق، بداية من ضرورة أن يوقع الكشف الطبى عليه كبير أطباء الطب الشرعى إلى أخطاء اللغة ووصف حالته الصحية وتوصيف ما يعانى منه. الارتجاف الأذينى الذى وصفه أطباء الصحافة بأنه قد يتسبب فى وفاة مفاجئة يعالج إما بالأدوية أو بالصدمة الكهربائية ليستعيد القلب إيقاعه الذاتى ويمكن بعدها أن يعود المريض لمنزله ويعاود زيارة الطبيب للمتابعة أما الوفاة المفاجئة فمعرض لها السليم قبل المريض.
الواقع أننى لا أقصد بكلمتى أى منحى سياسى فى صفحة تهتم بصحة الإنسان وغذائه إنما أطالب بمجلس للقيم الأخلاقية لمهنة الطب يصدر عنه كل ما يسمح بنشره فى وسائل الإعلام المصرية بعد مراجعتها أسوة بكل بلاد العالم المتحضرة وهو تقليد بدأ فى المملكة المتحدة «إنجلترا».