نتائج الانتخابات الأخيرة.. معسكر الثورة والمستقبل


علاء شكرالله

آخر تحديث: السبت 2 يونيو 2012 - 8:25 ص بتوقيت القاهرة

بعد ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة أصاب قطاع عريض من الشعب المصرى والكتل السياسية والاجتماعية إحباط شديد عندما وجدوا انفسهم أمام الاختيار بين الاخوان المسلمين وما يعنيه مشروعهم أو الفريق شفيق ممثل العسكر والنظام القديم والجديد والذى بدوره استعاد كما رأينا شبكته الجهنمية من أمن ورأسماليين ممن ارتبطوا بالنظام ورجال الدولة والمحليات.. إلخ، وكأنما لعنة النظام القديم وفزاعته مازالت تسيطر علينا حتى بعد الثورة «إما أنا (أى نظام مبارك) أو الاخوان».

 

ولكن الاحباط من هذا «الاختيار»، ومن عدم فوز الزميل حمدين الصباحى الذى حصل على ما يقرب من 5 ملايين من الاصوات وكان قاب قوسين أو ادنى من ان يكون فى الاعادة بدلا من شفيق، يجب ألا يعمينا عما يحمله هذا من نجاحات لمعسكر الثورة لم أكن اتخيله شخصيا على الاطلاق. ودعونا نعترف ان أغلبنا على الاقل كان يتوقع المكسب فى أحسن الحالات إما لصالح عمر موسى أو أبوالفتوح رغم عدم ارتياحنا للطرفين من جوانب مختلفة خاصة بعد أن أعلن ابو الفتوح تحالفه مع السلفيين (قبل ان يتخلوا عنه) ومعرفتنا بأن موسى هو فى النهاية من النظام القديم وسيعمل أن يحافظ على جوهره ولكن بوجه اكثر تفتحا وديمقراطية.

 

ولكن الاخطر من ذلك أنه يدفعنا الاحباط إلى مواقف عبثية أو عدمية أو خاطئة مثل المقاطعة والاستنكاف والاكتفاء بلوم الشعب أو جلد الذات أو لوم بعضنا البعض أو حرق المقار مثلما حدث لشفيق والذى اقف ضده تماما واشك انه بفعل فاعل مغرض ومعادٍ للثورة ومعسكرها.

 

●●●

 

وفى تقديرى أيضا ان المبالغة فى الرعب من القوتين مع التقليل من قوة المعسكر الديمقراطى يضيف إلى الجو الاحباطى العبثى ذلك، والذى ينعكس فى العديد من المقالات وخاصة الإعلام الاجتماعى. فتصوير أن الإخوان سيكممون الأفواه ويشكلون الميليشيات التى تجلد الناس فى الشوارع فور توليهم الحكم أو أن الفريق شفيق سيأتى مرتديا جواد الفاشية العسكرية ليضع المعارضة فى السجون ويعلق المشانق، هو بعيد جدا عن الحقيقة. فجميع القوى التى ستأتى الآن حتى وإن كان مبارك ذاته لا يمكن لها ان تتعامل مع الشعب والنظام القادم بنفس الطريقة السابقة، فهى تأتى على أرض انتصار ثورة تستمر الآن أكثر من عام ونصف العام وتثبت أنه لا كابح لها بعد وإنها قادرة على التغيير إذ لم تتحسن الأوضاع. ولا أعنى بذلك انه لا توجد خطورة من هذين الطرفين تحديدا لأسباب مختلفة تحتاج فى الحقيقة مجالا أوسع لمناقشتها ولكن التهويل من هذه الخطورة مع التقليل من الثقة بالقوة الأخرى هو ما أعترض عليه وأخالفه بشدة وأشعر بخطر منه.

 

وبقى ان نقيم حقيقة النتيجة ونختار استراتيجية للثورة فى هذه المرحلة الحرجة للغاية والتى لن يرحمنا التاريخ إذا اخفقنا مرة أخرى وعجزنا عن التوحد حول استراتيجية صحيحة تضع فى عين الاعتبار جميع القوى والقدرات وتحقق أهدافا تقدم الثورة للأمام وتعوق المشاريع المعادية لها من التقدم.

 

إن الوجة الآخر للنتيجة هو ان هناك اولا أكثر من 12 مليون ناخب صوت ضد المشروع الاخوانى وضد مشروع النظام السابق ممثلا فى شفيق. فى مقابل 10 ملايين صوتوا للطرفين سابقى الذكر.

 

ثانيا: إذا حسبنا الذى حصل عليها حمدين وأضفنا اليها جميع ممثلى معسكر الثورة من خالد على إلى ابو العز وبسطويسى وصولا إلى جزء مهم للغاية من الذين أعطوا عمر موسى وأبوالفتوح فسنجد أن أصوات المعسكر الذى أطلق عليه الثورى الديمقراطى يمكن يتراوح لوحده ما بين  ثمانية وعشرة ملايين ناخب. إن هذا وكما نرى اليوم وضع معسكر «الثورة الديمقراطى» كالكتلة الحرجة التى يمكن ان ترجح المستقبل وبالتالى أصبح الاطراف السابقة تتنافس على كسب وده.

 

ولكن ما هى نواقصنا سواء فى الماضى أو فى طريقة خوضنا للمعركة الرئاسية والتى مازالت مستمرة. يقينى أن أكبر خطأ هو عجزنا عن تحقيق إرادة موحدة واستراتيجية موحدة للمعسكر الديمقراطى الثورى المنوط به استكمال الثورة حقا والذى أثبتت الانتخابات كما اثبتت شواهد أخرى عديدة أنه موجود وشديد القوة شرط توحده وتبنيه لاستراتيجية نجاح. لقد كان غياب الاتفاق على تمثيل قادر على التحدث باسم الثوار منذ اللحظة الأولى من اضعف النقاط والذى قابله توحد القوتين الأخريين وهما الدولة والإخوان.

 

وعليه فإن المهمة الثورية العاجلة والفورية هى تشكيل مثل هذه الجبهة والتفاوض باسمها مع مرشحى الرئاسة من أجل الحصول على أقصى التنازلات والتوافق على قضايا دستورية أساسية وأوضاع تعكس موازين القوى على الارض الحقيقية.

 

●●●

 

وعلى ضوء هذا أدعم بشدة «وثيقة الدولة المدنية التى تقوم بها احزاب ديمقراطية عديدة وأضيف لذلك تشكيل جبهة موحدة الارادة قادرة على التفاوض بناء على هذه الوثيقة وأعتقد أن الانتصار الذى حققه زميلنا حمدين صباحى يجعله عن حق ممثلا لهذه الجبهة وأقترح انضمام جميع القوى بما فى ذلك حزب البرادعى، وتشكيل جبهة مفتوحة لجميع القوى الديمقراطية الثورية تمثل فيها وتختلف كما تشاء شرط أن توحد ارادتها واستراتيجيتها وتكتيكاتها عند اتخاذ قرارت الفعل المؤثرة.

 

وأدعو هذه الجبهة أن تتحاور مع الطرفين ودعم من سيعد وسيقوم بالفعل بالاتفاق على تعديلات دستورية تعكس الارادة الشعبية الواسعة وجميع فئات الشعب وحكومة وقوانين قادرة على تجسيد ذلك على الارض وتكون أدوات يمكن محاسبتهم وتغيرهم عند مخالفاتها (كما جاء فى الوثيقة المقترحة).

 

إن الاستراتيجية التى أدعو اليها منذ فترة تعتمد على كسب الارض وليس بالضربة القاضية. فالثورة التى افتقدت قيادة موحدة بشكل موضوعى لم يكن لها المقدرة، بشكل منطقى، ان تشكل سلطة ثورية بديلة. وعليها إذا أن تكسب من السلطة والنظام، أى كان نوعها، مكاسب ديمقراطية واجتماعية تفتح المجال أمام نضالها وتوسع لها مسام الحياة والقدرة على التنظيم والوصول إلى الناس ومساعدتهم هم فى تنظيم أنفسهم.

 

●●●

 

فهناك إذن معركتان حاسمتان الاولى والفورية هى استكمال معركة الرئاسة باختيار من سنرجح اعتمادا على ما سيعطيه من ضمانات حقيقية للديمقراطية والعدالة الاجتماعية وهناك ايضا معركة المحليات التى يجب ان نحضر انفسنا كجبهة واحدة لخوضها والعمل على بناء الديمقراطية الشعبية من اسفل، الحل الحقيقى للمستقبل فى مصر والمنطقة العربية والعالم. والضمانة الحقيقية هى استمرار الثورة والتنظيم وتمكين الشعب من المشاركة والمطالبة بحقوقه.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved