المنظمون والحاضرون فى الحوار الوطنى
عمرو هاشم ربيع
آخر تحديث:
الخميس 2 يونيو 2022 - 7:30 م
بتوقيت القاهرة
ما زال الجدل والسجال دائرا حول الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى بين القوى والفواعل السياسية فى الدولة والمجتمع المصرى. البعض ينظر إلى الحوار من حيث التوقيت على أن هناك تأخيرا فى الإعداد له، منذ دعوة الرئيس له. ربما هذا الأمر يكون صحيحا، لكن دعنا نفترض أن التأخير هو أمر يراد به أن يكون الحوار ناجحا، ومفضيا لمخرجات تهدف إلى نتائج إيجابية من خلاله.
الشاهد فى الآونة الأخيرة أن هناك تطورا مهما وهو الاعلان عن تشكيل قريب للجنة محايدة لإدارة الحوار. الكلام الآن يدور حول مؤسسة مخلقة تضم عددا من الموالين وعددا مماثلا من المعارضين، ويرأسهم شخصية عامة معتبرة، تلقى قبولا من جميع الأطراف، وتسعى أن تكون على مسافة واحدة من جميع الأطراف ولا نقل الفرقاء.
وعلى أية حال، فإن هذا المقترح على وجاهته وأهميته، إلا أنه لا يجب أن يكون معطلا للحوار، لأن الموضوعية الكاملة والحياد الكامل رغم أهميته سيكون أمرا فى غاية الصعوبة، فلكل طرف قناعاته وأفكاره، التى يمكن إسباغها على التنظيم، رغم أن عباءة الأفكار والقناعات يتحتم خلعها فوق مائدة التنظيم قدر المستطاع.
«عربون المحبة» كما يقال باللهجة العامية المصرية، هو واحد من الشروط التى يطرحها البعض للقبول بالحوار من حيث المبدأ. ما يقال داخل الغرف المغلقة الآن، وأفصح عنه أحد قادة المعارضة المدنية فى حوار تليفزيونى على أحد الفضائيات، هو ضرورة الإفراج عن كم معتبر من المحتجزين، سواء من المحبوسين احتياطيا (عبر قرارات إدارية) أو السجناء (عبر العفو الرئاسى)، قبل بدء الحوار، وذلك فى محاولة للتدليل على جدية الحوار.
على الجانب الآخر، فإن هناك من طلب المشاركة فى الحوار، وهؤلاء بالآلاف. بالطبع يستحيل أن يشارك كل هؤلاء، وإلا سيكون الأمر معطلا، ولن يخرج الحوار بنتائج معتبرة، هذا إذا انتهى وفرغ من جميع الملفات، حيث سيكون النقاش أمرا لا طائل منه سوى السفسطة. من هنا فمن الضرورى أن يكون هناك اختيار جيد، وتمثيل معتبر للفواعل المختلفة، وفى ذات الوقت عدم استبعاد أى تيارات، حتى لا يشبه الحوار تلك الحوارات التى جرت إبان عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وكانت حوارات معروف نتائجها قبل أن تبدأ.
واحد من الأمور المهمة فى تحديد المتحاورين، هو الحديث عن الأطراف المستبعدة، لأن الكلام عن الاستبعاد يجعل المبدأ العام هو المشاركة والتمثيل.
واحد من أسس الاختيار المطروحة هو حضور القوى الاجتماعية للحوار، ليس بصفتها الاجتماعية، بل بصفات أخرى سياسية. هنا تكون الفواعل السياسية كالأحزاب والمجتمع المدنى والنقابات المهنية والعمالية الدور الأكبر والحاسم فى ذلك، بمعنى أن تمثل القوى السياسية فى الحوار نخبة متميزة من رجال الدين والمرأة وذوى الإعاقة والشباب. بعبارة أخرى، الحوار الوطنى المقصود هنا هو حوار سياسى، ولا يراد منه أن ينتهى لحوار بين قوى اجتماعية تمثل بصفتها الاجتماعية، بل تمثل بصفتها السياسية، ولا مانع أن تناقش قضاياها الاجتماعية وهى ترتدى العباءة السياسية. هذا المنطق هو ذاته الذى سبق أن تحدث عنه البعض فى معارضة وجود كوتات اجتماعية فى مجلس النواب، رغم اتفاق القاصى والدانى على أن البرلمان مؤسسة سياسية تقوم بمهام التشريع والرقابة، وليست مؤسسة اجتماعية، وإن كانت المطالب الاجتماعية تطرح تحت قبة البرلمان.
الأمر الآخر فى المشاركة فى الحوار، هو عدم تركز صفات المتحاورين على فصيل دون آخر. هنا من المهم أن لا يكون الاهتمام مركزا على الأحزاب السياسية وتترك الفواعل الأخرى الموجودة فى المجتمع. أولا، لأن الأحزاب السياسية رغم كثرتها فهى بلا شك لا تشكل عضويتها فى أحسن تقدير مليون نسمة من عدد المواطنين المؤهلين للمشاركة فى صفوفها والبالغ تقريبا 67 مليون مواطن هم عدد الناخبين. ثانيا، أن معظم الأحزاب القائمة يغلب عليها صوت الموالاة، ومن ثم لن يخرج الحوار بنتيجة لو مثلت بشكل منفرد أو حتى غالب. ثالثا، أن القوى السياسية الأخرى كالنقابات العمالية والمهنية ومؤسسات المجتمع المدنى خاصة العاملة فى الشأن الدفاعى (الحقوقى) والخدمى لها رؤاها، وصوتها الذى يجب الاستماع إليه، بما فى ذلك القوى النقابية غير المعترف بها، والتى سميت فى وقت ما بالنقابات المستقلة، لأن تلك القوى جميعا لها مطالب، والحوار وظيفته أنه يهدف لتحقيق الرضاء العام.