الإجابة «حرية»
طلعت إسماعيل
آخر تحديث:
الثلاثاء 3 أغسطس 2021 - 11:36 ص
بتوقيت القاهرة
لم يتعلم إخوان تونس درس تداعيات تولى «حماس» السلطة فى غزة، ولا فشل جماعة الإخوان فى مصر عندما سرقوا السلطة لعام كامل، وكررت حركة النهضة «الإخوانية» التونسية، الأخطاء ذاتها، بالسعى إلى الاستئثار بالسلطة، والعمل لصالح «الأهل والعشيرة» على حساب الشعب والدولة، فخرج التوانسة، إلى الشارع مطالبين برحيلها، تماما كما حدث فى مصر فى 30 يونية 2013.
ظن الإخوان فى تونس أن الدولة باتت لقمة سائغة، وقد حان وقت التهامها، والانفراد بصناعة القرار القائم على التحزب لجماعة أثبتت الأيام عدم كفاءة أعضائها، وجهلهم بالعمل السياسى التعددى، وعدم احترام مصلحة المجموع وإن كان على حساب الجماعة، فكانت النتيجة صداما، ليس مع الرئيس قيس سعيّد بل مع الشارع التونسى الذى خرج مطالبا بحل البرلمان ورحيل «الإخوان».
وقبل أن تدخل تونس فى أتون الصراع الأهلى والاحتراب بين مكونات المجتمع، اتخذ الرئيس التونسى فى 25 يوليو الماضى جملة من القرارات المؤلمة فى بلد اعتبر البعض تجربته مع الديمقراطية ستكون مصدر إلهام للمنطقة، فجمد سعيّد جميع سلطات البرلمان ورفع الحصانة عن كل أعضائه، بالتزامن مع إقالة رئيس الوزراء هشام المشيشى من منصبه، وما تلى ذلك من إعفاء لمسئولين من مناصبهم.
حركة النهضة الإخوانية التى يتزعمها رئيس البرلمان المجمد، راشد الغنوشى، سعت عقب قرارات الرئيس إلى التلويح بالعنف، وحاول اعضاؤها اختباره على نطاق محدود، رافعين شعار: «لا للانقلاب على الثورة» لكن ضغوط الشارع المؤيد للرئيس وضعت الحركة عند حدها، بل إن عددا من قادتها انقلبوا على الغنوشى مطالبين بتنحيته عن رئاسة الحركة وتقديم تنازلات تضمن عدم خروجهم من المشهد.
وفى مقابل التأييد الشعبى والدعم والمساندة من أطراف عربية ودولية للرئيس التونسى، عبرت القوى المدنية وقادة الأحزاب الليبرالية، والنقابات العمالية والمهنية، عن خشيتها أن يدفع هذا التأييد سعيد إلى تكريس نفسه «الحاكم بأمره» غير أن الرجل سرعان ما أكد على أن قراراته المستندة إلى المادة 80 من دستور تونس الذى يسمح بهذا النوع من التدابير فى حالة «الخطر الداهم»، قرارات مؤقتة بمدة 30 يوما وجاءت «لإنقاذ تونس، ولإنقاذ الدولة التونسية ولإنقاذ المجتمع التونسى».
ولتهدئة المخاوف الخارجية على مستقبل الحريات والديمقراطية فى تونس قال سعيد لصحفيين من «نيويورك تايمز» إنه لن يبدأ مرحلة جديدة فى حياته «تقوم على الديكتاتورية»، مؤكدا أنه لا خوف على حرية التعبير أو التنظيم فى بلاده وأن ما اتخذه من إجراءات كان وفق الدستور وليس خارجه، فى وقت طالبته واشنطن على لسان مستشار الأمن القومى الأمريكى، جيك سوليفان، بالعودة السريعة إلى المسار الديمقراطى.
الآن يتولى سعيّد سلطة واسعة، ربما تمكنه من تصحيح «المسار السياسى» الذى جنحت إليه تونس فى ظل الصراع مع حركة النهضة، وبما تسبب فى الإضرار بالاوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وأدى إلى تفشى وباء كورونا، كما أنه يحظى بتأييد إقليمى ودولى معقول يمكن أن يساهم فى حل العديد من الأزمات الاقتصادية، غير أن ذلك كله رهن بما سيتخذه من قرارات ومواقف خلال المرحلة الانتقالية المحدودة زمنيا، وردود فعل الشارع عليها.
وحتى تكون الإجابة تونس، كما كان الوضع مع اندلاع ثورات الربيع العربى، لابد من احترام حقيقى لحرية الرأى والتعبير، وضمان حرية الصحافة والإعلام، وتنمية التجرية الديمقراطية التونسية الفتية لا تقويضها، وبما يقطع الطريق أمام الجماعات والحركات الشغوفة بامتطاء السلطة لمصالح شخصية أو فئوية تحت شعارات خادعة دينية كانت أو غير دينية، فرهان الشعوب يجب أن يبقى على الحرية، وأن تكون الإجابة دائما «حرية».