ماذا تريد تركيا من السوريين؟
بسمة قضماني
آخر تحديث:
الأحد 2 أكتوبر 2011 - 9:15 ص
بتوقيت القاهرة
بقى موقف تركيا من الأزمة السورية مترددا وملتبسا لعدة أشهر منذ اندلاع الثورة الشعبية فيها لكنه يبدو ان حكومة اردوغان تتجه نحو بلورة موقف أوضح فى الأيام الأخيرة.
الاعتبار الذى يحدد مواقف عديدة أخذتها الحكومة التركية فى الأشهر السابقة هو حرصها على استقرار سوريا وبقاؤها كبلد موحد يحكمه نظام سياسى قادر على السيطرة على وحدة الأرض والمجتمع ككيان. فكل ما ومن يهدد ذلك يشكل خطرا يثير قلق أنقرة. كانت الحكومة التركية منزعجة من القمع الذى مارسته السلطة فى سوريا منذ بداية الانتفاضة لكنها كانت ترى ان نظام الأسد يشكل ضمانا للاستقرار.
الآن وصلت تركيا إلى قناعة بأن وجود نظام الأسد هو نفسه أصبح السبب الرئيسى فى عدم الاستقرار بعد ان اتضح لها ان النظام يؤجج الطائفية ويدفع الثوار إلى حمل السلاح ويرغم الجيش على توجيه سلاحه على الشعب مما يدفع عناصره إلى الانشقاق ويهدده بالانقسام.
ثم رأت تركيا ان الأسد وأعوانه مستعدين للدخول فى اللعبة الخطرة التى سبق ولعبها الأب حافظ عندما كان يلجأ إلى منطق «على وعلى أعدائى» ويدعم حركة العمال الكردية المتطرفة داخل الأراضى التركية لزعزعة الاستقرار فى تركيا. فقبل ان يذهب وزير الخارجية احمد داود اوغلو إلى دمشق معلنا انه كان يحمل رسالة قاسية إلى الرئيس السورى أسرعت مستشارة بشار السيدة بثينة شعبان لتقول ان الوزير سوف يسمع كلاما أقسى وكانت الرسالة التهديد بإشعال النيران فى المناطق الكردية من خلال دعم حركة العمال فيها من جديد. هكذا تعود حليمة إلى عادتها القديمة وتكتشف تركيا أردوغان ما كانت تعلمه الحكومات التركية السابقة من تجرباتها مع الأسد الأب.
لقد انطلقت تركيا الآن لتوضح موقفها تماما فهى على ما يبدو قطعت اتصالاتها مع النظام وأوضح الموقف رئيس الوزراء أردوغان فى خطابه فى الأمم المتحدة الذى تحدث فيه عن تنحى الرئيس السورى. وكانت هناك اتصالات مكثفة فى الأيام الأخيرة بين انقرة والدول الغربية وكل المؤشرات تدل على ان الدول الكبرى ترى ان اى خطوة قد تقرر القيام بها سوف تكون عن طريق تركيا.
اما بالنسبة لطبيعة هذه الخطوات فهناك مجموعة من العقوبات الاقتصادية التى قررت تركيا تطبيقها ومساعيها لإقناع الدول الأعضاء فى مجلس الأمن بالتصويت على قرار يدين النظام ويوجه له إنذارا من المجموعة الدولية قد يمهد الطريق لقرارات أكثر قسوة فى مهلة زمنية محددة.
اما بالنسبة لطبيعة هذه الإجراءات فإن تركيا مثل كل الدول التى أخذت موقفا واضحا من النظام السورى جميعها توجه رسالة واضحة وملحة إلى المعارضة السورية مطالبة إياها بتوحد صفوفها لكى تشكل شريكا بديلا تخاطبه الجهات الدولية وتصبح قادرة على بلورة وصياغة أولويات تعكس رغبة الشعب الذى يموت يوميا فى سوريا.
هذه هى الآن المسئولية التاريخية التى تواجهها المعارضة بعد توحيدها.