لا للمحاكمات العسكرية

أحمد الصاوى
أحمد الصاوى

آخر تحديث: الأربعاء 2 نوفمبر 2011 - 9:10 ص بتوقيت القاهرة

مرة أخرى: لم تقم الثورة قطعا، حتى يتحول مثولك أمام القضاء العسكرى إلى شىء عادى، أنت تعرف ذلك ورجال المجلس العسكرى أنفسهم يدركون ذلك، لكن المؤكد أن هناك فجوة حقيقية بين الإدراكات والقناعات، وبين الممارسات.

 

من يحب العسكر عليه أن ينصح بوقف ذلك، دفاعا عن سمعة المؤسسة العسكرية وحتى لا يوضع فى تاريخ حكمها القصير خلال الفترة الانتقالية ما يشير إلى أنها توسعت فى الاستثناء، وتخطت بالأرقام ما سبقها من ديكتاتورية فى هذا الشأن، وأزهقت قيمة العدل ولا عدل فى مثول مواطن مدنى أمام قاض أو محقق عسكرى، ليحاكم أو يحقق معه وفق إجراءات تخلو من الضمانات القانونية الأساسية التى يقرها القانون الطبيعى والمواثيق الدولية.

 

المجلس العسكرى نفسه يدرك أن قضاءه استثنائى وخالٍ من الضمانات الواجب توفيرها للمدنيين وسبق أن رفض إحالة قضايا مثل «موقعة الجمل وقتل الثوار» للقضاء العسكرى لذات الأسباب، هذا فى القضايا العادية التى فيها خصوم متباينين، فما بالك إذا كان الخصم هو الجيش، وأحد أطراف القضية الأساسية هو أحد أفرع الجيش ممثلة فى «الشرطة العسكرية» كما فى قضية أحداث ماسبيرو التى يحاكم فيها علاء عبدالفتاح وبهاء صابر وآخرين، هل تعتقد أن المحاكمات العسكرية للمدنيين الخالية من الضمانات والجيش حكم فيها وليس طرفا، يمكن أن تتوافر فيها أى ضمانات حين يكون طرف؟!

 

كنت أتمنى أن يتصرف المجلس العسكرى فى هذه القضية تحديدا تصرفا سياسيا، وأن يكلف المجلس الأعلى للقضاء بتشكيل محكمة مستقلة بمدعى خاص، تتولى التحقيق فى القضية، ويكون الجميع أمامها سواء دون النظر إلى مدنيته أو عسكريته، وتملك محاسبة أى شخص، مادام أن المجلس العسكرى مثلنا جميعا لا يرغب إلا فى الحقيقة من أجل الله والوطن، ولديه كما يعلن استعداد لمحاسبة أى منسوب له تثبت إدانته فى هذه القضية بأى شكل من الأشكال.

 

مثل هذا الإجراء إلى جانب أنه يحقق العدالة المطلقة والمجردة والعمياء التى ننشدها، يحمى المؤسسة العسكرية وسمعتها ويصونها من أية هزات فى الاعتبار، أو من الدخول كمؤسسة فى خصومة مع أطراف أخرى تكون فيها فى النهاية خصما وحكما فى ذات الوقت.

 

من جديد: المحاكمات العسكرية للمدنيين ليست فى صالح الجيش، تخصم منه ولا تحقق له شيئا لكنها على العكس تضيف للأطراف الأخرى، وقضية أحداث ماسبيرو لا يجب أن يتولاها القضاء العسكرى مهما كان المبرر القانونى لهذا الاختصاص على الأقل استشعارا للحرج وابعادا للشبهات، لذلك ربما يكون علاء عبدالفتاح بموقفه الرافض لإحالته لنيابة عسكرية، أحرص على الجيش ممن يشجعونه على التوسع فى هذه الإحالات، فلا تقنعنى بعد اليوم أن هناك من يزعم حرصه على الجيش وهو يروج للمحاكمات العسكرية للمدنيين، هما فعلان لا يلتقيان لو تعلمون..!

 

sawyelsawy@yahoo.com

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved