المجموعة الاستشارية لعلماء التعليم في مصر
عمرو هاشم ربيع
آخر تحديث:
الخميس 2 ديسمبر 2021 - 9:05 م
بتوقيت القاهرة
فى 27 نوفمبر الماضى التقى عشرات العلماء والخبراء المعنيين بجودة التعليم فى مصر، فى نادى أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر. الاجتماع الذى عقد بدعوة من الدكتور حسين عويضة أستاذ الاقتصاد الزراعى ورئيس نادى أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر، والدكتور جمال شيحة أستاذ الكبد ورئيس لجنة التعليم السابق بمجلس النواب، دشنت خلاله تأسيس المجموعة الاستشارية لثلة معتبرة من علماء التعليم والبحث العلمى وأصحاب الفكر والرأى والخبرة.
الهدف الرئيس من تأسيس تلك المجموعة مساعدة الدولة المصرية للنهوض بالتعليم العالى وما قبل الجامعى. بعبارة أخرى، ستعمل المجموعة المجتمعة من الآن وفى المستقبل على تقديم المقترحات والمشورة لأجهزة التعليم التنفيذية، بغرض اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإصلاح التعليم، والعمل إن أمكن على تقديم مشروعات التشريعات الخاصة بجودة التعليم إلى مجلس النواب، بحيث تقدم كل ما هو جديد من واقع الخبرات المتراكمة، ومن واقع التجارب الدولية المختلفة.
خلال الاجتماع التمهيدى للمجموعة والذى حضره نحو 50 عالما وأستاذأ جامعيا وخبيرا تربويا، شكلت 9 لجان مختلفة فرعية هى لجنة رسم السياسات المستقبلية فى شأن التعليم الفنى، ولجنة التعليم ما قبل الجامعى، ولجنة التعليم الجامعى، ولجنة البحث العلمى، ولجنة المعاهد العليا الخاصة، ولجنة أوضاع هيئة التدريس، ولجنة التعليم الأزهرى، ولجنة محو الأمية، وأخيرا وليس آخرا لجنة الهوية المصرية والشخصية القومية.
هذا الاجتماع عقد على خلفية ملتقى سابق شارك فيه بعضا من الأساتذة المشاركين فى المجموعة الاستشارية. الملتقى السابق أشرف على عقده مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، وعقد 17 لقاء فى القاهرة وشرم الشيخ والإسكندرية والغردقة، نوقشت خلاله أحوال التعليم، وخرجت عن أعماله كتاب صغير عن كيفية إصلاح التعليم الجامعى، وقدم المجتمعون وقتئذ مشروع قانون لتعديل قانون التعليم العالى إلى مجلس النواب.
فى الأيام القليلة القادمة سيشهد نادى أعضاء هيئة تدريس جامعة الأزهر خلية نحل متواصلة الإنتاج للمجموعة الاستشارية التى تأسست السبت الماضى، عبر لجانها التسع أنفة الذكر، والتى من خلالها ستكون المجموعة برمتها عونا لأجهزة الدولة فى تقديم المقترحات، وطرح البدائل والخيارات المختلفة بشأن أحوال التعليم فى مصر.
قضية التعليم فى مصر هى من القضايا الشائكة والحساسة للغاية، والتى ثبت عبر التاريخ أنه لا يمكن لشخص أو مجموعة أو وزارة أو حتى هيئة واحدة أن تقوم بحمل هذا العبء الضخم وحدها. لذلك جاء تشكيل تلك المجموعة من العلماء والخبراء والمتخصصين كى تكون عونا فى تقديم السياسات البديلة وترشيد القائم منها، ولا تكن مجرد مبرر أو مسوق للسياسات القائمة.
أمورا كثيرة تحتاج فيها الدولة إلى خلاصة فكر ورأى العلماء والمتخصصين والتربويين، ليس فقط لأنهم أصحاب الخبرة، بل لأنهم المعنيين بعملية التدريس، فهم من خاض ويخوض يوميا فى دهاليزها ودياجيرها، وبذلك اكتسب هؤلاء خبرة لا تضاهيها خبرة أخرى فى العمل، لذلك وجب على الدولة أن تنهل من علمهم وتجاربهم، للتعرف على المشكلات المحيطة بالعملية التعليمية، والسبل الكفيلة بالخروج من مشكلاتها بأفضل الحلول والمقترحات البديلة.
ولا يخفى على بال الكثيرين أن ما يرجى من تلك المجموعة ليس مجرد النظر فى مشكلات التعليم المدرسى والجامعى فحسب، بل النظر إلى التحديات الأكبر التى تنال من الثقافة والهوية بغية الخلاص من مناخ الأمية الثقافية (والأبجدية من باب أولى)، بهدف الولوج بالنشىء وبالشباب، وهم قادة المستقبل لهذه الأمة. إذ أنه لا غرو إننا نعيش فى تلك الأيام فى عصر اختلط فيه الحابل بالنابل، وطمست فيه أفكارا، وسادت فيه أفكار بديلة، كنتيجة للمناخ السلبى الذى أفرخته العولمة ودست فيه مجموعة من العادات والتقاليد البالية والدخيلة على المجتمع المصرى والعربى. ومن ثم أصبحت الحاجة ملحة لإعادة رسم خريطة المناهج التعليمية وغير التعليمية، والمعنى بذلك ليس فقط وسائل ومؤسسات التعليم التقليدية، بل وأيضا مجمل وسائل التنشئة الاجتماعية وعلى رأسها الأسرة ومؤسسات الإعلام المختلفة، والتى تتعرض وأحيانا تشارك فى بث يومى وغرس مستمر لكل ما يفضى إلى الأغتراب والتشرذم وبث عادات مستهجنة فى الكلام والملبس والمشرب والمغنى وغيرها من دروب الثقافة والقيم.
المؤكد أيضا فى خضم كل ذلك أن التعليم ومؤسساته المدرسة والمعهد والجامعة لن يكونوا بمنأى عن مرمى دراسات وبحوث ومقترحات وبدائل تلك المجموعة الاستشارية، لا سيما أن المستهدف هنا واحد، وهو الشباب. بعبارة أخرى فإن مشكلات التعليم ما قبل الجامعى بكل تفاصيلها من مناهج ومدرس ومبنى وإدارة تعليمية وطالب وأساليب تقويم، ستكون هى فى صلب بحث تلك المجموعة التى يأمل من مخرجاتها أن تكون عضدا لجميع مؤسسات التعليم فى الدولة والمجتمع.