بهدوء شديد وبدون مقدمات ولا شروحات ولا تبريرات صدر القرار الجمهورى بتمديد حالة الطوارئ فى البلاد لمدة 3 أشهر إضافية لتمتد هذه الحالة التى هى فى الأصل «مؤقتة وطارئة» إلى عام كامل، ولا أظن أنه سيكون الأخير لأن مصر منذ عرفت النظام الجمهورى بعد ثورة 23 يوليو 1952 وهى تعيش تحت رحمة «حالة الطوارئ» بكل ما تنطوى عليه من انتقاص للحقوق السياسية والقانونية للمواطن.
هذا الهدوء والصمت المصاحب لقرار تمديد حالة الطوارئ 3 أشهر أخرى اعتبارا من السبت 13 يناير 2018 ــ رغم أن هذه الأشهر الثلاثة ستشهد جزءا من انتخابات الرئاسة التى يفترض أنها تتضمن الكثير مما يحظره قانون الطوارئ مثل التجمعات الانتخابية والمسيرات الدعائية ــ يؤكد بوضوح أن «حالة الطوارئ وجدت لتبقى» كما فعل حسنى مبارك عندما أعلنت حالة الطوارئ عقب اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات فى أكتوبر 1981 ولم يتم رفعها إلا بقيام ثورة 25 يناير 2011 المجيدة.
بالطبع فإعلان حالة الطوارئ فى أى دولة أو منطقة أمر وارد تماما وشهدناه فى العديد من الدول المتقدمة والمتخلفة، سواء كان ذلك لمواجهة مخاطر أمنية وعسكرية أو حتى لمواجهة مخاطر طبيعية وكوارث بيئية، لكن هذه الدول، تعرف أيضا قرار «إلغاء حالة الطوارئ» كما تعرف «إعلان حالة الطوارئ». أما فى مصر فإننا نعرف فقط إعلانها بقرار صامت، أما إلغاؤها فيحتاج إلى ثورة شعبية.
وإذا كان الدستور حدد فترة الطوارئ بثلاثة أشهر يتم تجديدها لمرة واحدة وبعد موافقة البرلمان، فالواجب الآن هو مراجعة الموقف الذى استدعى إعلانها وتقييم نتائجها لمعرفة ما إذا كان فرض حالة الطوارئ على البلاد والعباد قد ساهم فى تحسن الموقف أم لا، فإذا كانت الأمور تحسنت والإرهاب تراجع يتم تمديدها لفترة ثانية مدتها 3 أشهر أيضا، وإلا استوجب الأمر البحث عن سبل أخرى لمواجهة المشكلة.
فهل خرج علينا مسئول وقال إن عدد الجرائم الإرهابية التى شهدتها البلاد فى السنة السابقة على إعلان حالة الطوارئ كان «كذا» ثم تراجع هذا العدد بفضل حالة الطوارئ إلى «كذا» وأن الصلاحيات الواسعة التى يوفرها قانون الطوارئ ساهم فى إحباط «كذا» جريمة إرهابية لم يكن فى المقدور إحباطها لولا هذا القانون؟
للأسف الشديد لم يحدث هذا ولا أظنه سيحدث، فقد التفتت السلطة التنفيذية ومعها السلطة التشريعية على الدستور الذى لا يجيز تمديد حالة الطوارئ لأكثر من فترتين مدتهما 6 أشهر، بالسماح بانتهاء حالة الطوارئ لمدة يوم واحد ثم يصدر قرار جمهورى بإعلان حالة الطوارئ مرة أخرى، ثم تمديدها لمرة ثانية، وهكذا دواليك لنكتشف أن النص الدستورى الذى استهدف حماية مصر من «حالة الطوارئ المؤبدة» التى عاشتها على مدى عشرات السنين قبل ثورة 25 يناير المجيدة بلا معنى.
المأساة أن السلطة التنفيذية تصدر قرارها بإعلان حالة الطوارئ ثم تحيله إلى البرلمان الذى يفترض فيه أن يناقش الأمر ويبحثه من جميع جوانبه لكى يحدد مدى الحاجة إليه، لكن ما نراه أن مجلس النواب يقر الإعلان فى دقائق معدودة لا تتناسب أبدا مع خطورة قانون الطوارئ على البلاد والعباد.