فى مواجهة كارهى الحياة .. التمسك بالأضداد!
عمرو حمزاوي
آخر تحديث:
الثلاثاء 3 فبراير 2015 - 8:45 ص
بتوقيت القاهرة
لا يتردد كارهو الحياة أبدا قبل سفك الدماء، لا يترددون أبدا وهم يفرضون مشاهد القتل والذبح والخراب والدمار على ضمير البشرية المعاصرة. تفجيرات انتحارية فى العراق، ذبح لرهائن فى سوريا، هجمات إرهابية فى مصر، قتل مستمر فى اليمن وليبيا، عنف دموى فى أفغانستان وبعض المناطق الباكستانية، اغتيال لصحفيين فى فرنسا، تحذيرات متواترة من الحكومات الغربية بشأن أعمال إرهابية محتملة وتصعيد للإجراءات الأمنية؛ هكذا أصبح إيقاع عالمنا اليوم، هكذا تعيش اليوم الشعوب والمجتمعات فى ملامسة دائمة للمخاوف وللتهديدات، هكذا يحقق اليوم كارهو الحياة انتصارهم الأكبر وينتشون لمواصلة سفك الدماء وإشاعة الخراب.
ستواجه البشرية المعاصرة كارهى الحياة بحرب على الإرهاب، وبأدوات عسكرية وأمنية، وبحرص بعض الحكومات على المزج بين الادوات العسكرية والأمنية وبين الأدوات التنموية والمجتمعية والقانونية وبإهمال البعض الآخر له، وبتنسيق متجاوز لحدود الدول الوطنية يتسق مع عولمة المخاوف والتهديدات، وبخليط من الرؤى والأفكار والأطروحات القديمة والجديدة بشأن تقييم كفاءة وفاعلية الأدوات المستخدمة للتخليص البشرية من كارهى الحياة وضرورة إحداث التوازن بين الحقوق والحريات وسيادة القانون وبين مقتضيات مواجهة الإرهاب، وبمجال عام فى الديمقراطيات تفضل أغلبية أطرافه إحداث التوازن هذا وبمجال عام فى السلطويات وعموم الشعوب والمجتمعات التى تغيب عنها الإدارة الديمقراطية لشئونها ينزع نحو تغليب الأمنى على كل ما عداه. وأغلب الظن أن البشرية المعاصرة ستتمكن من احتواء الموجة الإرهابية الراهنة، ومن الحد من مشاهد القتل والذبح والخراب والدمار، وستظل قائمة بعض ساحات سفك الدماء هنا وهناك ومنها ستتبلور فى المستقبل موجات إرهابية جديدة تقودها مجموعات جديدة من كارهى الحياة – تماما كما شهد العالم فى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى، وكما تابع الكثير منا توالى موجات الإرهاب فى أعقاب 11 سبتمبر 2011 والغزو الأمريكى لأفغانستان والعراق.
أغلب الظن أن ظواهر الإرهاب والعنف ومشاهد سفك الدماء والخراب هى ذات ارتباط عضوى بالبشرية التى نحن جزء منها، وأن حقيقة تعاقبها وكذلك استمرار المخاوف والتهديدات الناتجة عنها لا نهاية ممكنة لها طالما تواصل التطرف الكاره للحياة والكاره للآخر، وتواصل الترويج له عبر فاعلين مختلفين وبمقولات تزعم زيفا الاستناد إلى الدين أو تعد أيضا زيفا بالعدل، وتواصلت قابلية بيئات مجتمعية مختلفة للتطرف ومروجيه ومن ثم لكارهى الحياة ولسفاكى الدماء بسبب مظالم متراكمة وانتهاكات متكررة ومطالب مشروعة لا يستجاب لها وعدل إنسانى أو اجتماعى غائب. أغلب الظن أن عجز البشرية عن القضاء التام على الإرهاب والعنف يرتبط عضويا بعجزها الممتد عن إعمال القيم العليا المتمثلة فى العدل والحق والحرية والسلم فى كافة مجالات حياتنا، عن صناعة السعادة لأغلبية شعوبها ومجتمعاتها بالتخلص من المظالم والانتهاكات والكثير من الشرور الأخرى، عن الإنصات إلى صوت المعرفة الروحية والعقلية أن المساواة بين بنى البشر ضرورة لتعايشهم السلمى جميعا.
إذا كان هذا هو حال البشرية دون شك وحال بشريتنا المعاصرة دون جدال، فإن مسئوليتنا الإنسانية ونحن نواجه كارهى الحياة وسفاكى الدماء وظواهر الإرهاب والعنف المتجددة دوما تحتم علينا التمسك وبقوة بنقائضها، بالجمال وبحب الحياة، بالسلمية وقبول الآخر والبحث عن التوافق، بساحات العدل والحق والحرية غير المكتملة، بنقاشاتنا الأخرى عن العلم والتنمية والتقدم، باستمتاعنا بالإبداع الفكرى والثقافى والفنى الذى ينقلنا بعيدا عن مشاهد القتل والذبح والخراب والدمار ولو لومضات قصيرة.
غدا .. هامش جديد للديمقراطية فى مصر.