المدارس والجامعات الأمريكية تهاجم القضية الفلسطينية
مواقع عالمية
آخر تحديث:
الإثنين 3 فبراير 2025 - 6:55 م
بتوقيت القاهرة
نشر موقع Consortium News مقالًا للكاتبة أندريا بروير، أوضحت فيه أشكال الهجمات التى يتعرض لها الأساتذة والطلاب فى المدارس والجامعات الأمريكية، بسبب دعمهم للشعب الفلسطينى، وكيف أن مجىء ترامب للحكم سوف يأخذ هذا النهج لمستويات متطرفة ومروعة بشكل لم تعهده الولايات المتحدة من قبل. دعت الكاتبة فى ختام مقالها إلى ضرورة استمرار النضال والاحتجاج نصرة للشعب الفلسطينى، وعدم الاستسلام لمحاولات القمع والانتقام.. نعرض من المقال ما يلى:
قبل أشهر من تولى دونالد ترامب منصبه، كانت التقارير تتوالى بشكل يومى تقريبًا عن الطلاب والأساتذة الذين يخضعون للمحاكمة، بسبب دعمهم للشعب الفلسطينى. إذ أوقفت جامعة نيويورك 11 طالبًا شاركوا فى اعتصام ووزعوا منشورات سلمية. وواجه أحد عشر طالبًا فى كلية سوارثمور خطر الطرد بتهمة الاعتداء، بسبب استخدام مكبر الصوت. كما فصلت كلية إيمرسون 10 من أعضاء هيئة التدريس، وألقت باللوم على الاحتجاجات الداعمة لفلسطين كسبب لانخفاض معدلات الالتحاق بالكلية، ثم استخدمت عمليات التسريح لاستهداف الموظفين المؤيدين لفلسطين، كذلك وضعت أربعة طلاب تحت المراقبة لقيامهم بتوزيع منشورات على رصيف عام. تم أيضًا توجيه إدانة لثلاثة عشر طالبًا فى جامعة برينستون بتهمة التعدى على الحرم الجامعى بعد مشاركتهم فى اعتصام.
فى جامعة ديوك، تم استدعاء سبعة طلاب وأعضاء هيئة تدريس للمثول أمام مجلس قضائى بالجامعة، ودون إخطار أو إجراءات قانونية مستحقة يواجهون الفصل، بسبب مشاركتهم فى احتجاجات سلمية. كما يواجه أساتذة دائمون فى إيمورى محاكمات مماثلة. تم كذلك فصل أساتذة فى كلية مولينبيرج فى كولومبيا وكلية جون جاى وجامعة نيويورك وغيرها، أو أجبروا على المغادرة، بسبب مناصرتهم لحقوق الشعب الفلسطينى.
فُصل أمين مكتبة جامعية بعد تدريس ورشة عمل ناقشوا فيها «استهداف المدارس» فى غزة، وفُصل معلم من رياض الأطفال، بسبب منشور على وسائل التواصل الاجتماعى ينتقد إسرائيل والولايات المتحدة، وعشرات المعلمين من رياض الأطفال تم تعليق وظيفتهم أو معاقبتهم بطريقة أو بأخرى بسبب التحدث عن معاناة الشعب الفلسطينى.
تقول كاتبة المقال (تعمل كـ«باحثة وناشطة» فى جامعة جونزاجا بواشنطن)، إنها هى شخصيًا تخضع لتحقيق، والاتهامات الموجهة إليها تتلخص فى مشاركتها فى احتجاج سلمى نظمه طلاب من أجل فلسطين، وإرسالها رسالة مفتوحة إلى الطلاب (وقع عليها مئات الطلاب) ضد سياسة مكافحة الاحتجاجات التى تنتهجها جامعة جونزاجا. وهناك مجموعة من النتائج المحتملة للتحقيق، بما فى ذلك فصلها من الخدمة.
تؤكد كاتبة المقال إنه من المستحيل معرفة عدد الحالات التى تتعرض للتحقيق، بسبب دعمها للقضية الفلسطينية، ويرجع هذا جزئيًا إلى عدم تسليط وسائل الإعلام الضوء عليها، والطلب من العديد من الأشخاص الذين واجهوا أو يواجهون حاليًا تحقيقات أن يظلوا صامتين ومعزولين حتى لا يعرضوا التحقيق للخطر. كما يلتزم البعض الصمت، لأن وظائفهم وفرص عملهم فى المستقبل أصبحت على المحك.
• • •
تضيف الكاتبة: فى بداية العام الدراسى، أصدرت نحو مائة جامعة تغييرات واسعة النطاق فى سياساتها تحظر بشكل أساسى الاحتجاجات الداعمة لفلسطين. وذهبت بعض الجامعات إلى حد إقامة تحصينات حول الحرم الجامعى بأكمله بنقاط تفتيش وطائرات مراقبة بدون طيار، وإغلاق مناطق التجمع بأسوار، ووضع حراس أمن خارج الفصول الدراسية.
هذه الهجمات السياسية مصممة لسحق حركة تقف إلى جانب أناس ضعيفة، وتخلف تأثيرًا مخيفًا، ليس فقط على أولئك الذين تمارس ضدهم هذه الهجمات، بل وعلى الفكر والخطاب العام بأكمله. وقد حذر بعض الخبراء من أن الولايات المتحدة تشهد الآن نوعًا جديدًا من المكارثية، يتجاوز كثيرًا القمع الذى شهدته فى فترة الخمسينيات.
صحيح المكارثية الجديدة بدأت قبل مجىء ترامب، وقد بدأتها جزئيا مؤسسات التعليم العالى «الليبرالية»، لكن نظام ترامب الاستبدادى سوف يسعى جاهدا إلى أخذ هذا النهج إلى مستويات جديدة متطرفة ومروعة. فبعد أقل من أسبوعين من توليه منصبه، أصدر ترامب أمرًا تنفيذيًا لترحيل الطلاب المؤيدين لفلسطين الذين ليسوا مواطنين، واتخاذ خطوات قوية وغير مسبوقة لحشد كل الموارد الفيدرالية ضد ما وصفه بالحرم الجامعى الملىء بالتطرف والاحتجاجات المؤيدة للمتطرفين الإسلاميين. الأمر التنفيذى الذى أصدره ترامب مأخوذ مباشرة من تقرير «مشروع إستير» الصادر عن مؤسسة التراث اليمينية المتطرفة Heritage Foundation، وهو مخطط تسعى من خلاله الحكومة الفيدرالية والمؤسسات الخاصة لتفكيك حركة التضامن مع فلسطين والمجتمع المدنى الأمريكى الأوسع، تحت ستار مكافحة معاداة السامية.
تستكمل الكاتبة: الحملة القمعية على الطلاب والأساتذة التى يشنها ترامب تشكل اعتداء رئيسيا على حرية التعبير والحرية الأكاديمية. وهى تشكل تهديدا قاتما للديمقراطية والمعارضة وقدرة الناس العاديين على مقاومة كل هجمات الاستبداد والحكم الأوليجاركى. فالدفاع عن الحرية والمساواة للشعب الفلسطينى يتعارض بالضرورة مع المصالح الرأسمالية والإمبريالية الأمريكية والغربية، كما يتعارض مع الأيديولوجيات العنصرية اللاإنسانية (فى حالة فلسطين، العنصرية المعادية للعرب وكراهية الإسلام). ومن ثم، إضفاء الطابع الإنسانى على الشعب الفلسطينى يعنى تحدى الإمبراطورية العنصرية، وهذا هو السبب فى أن رد الفعل العنيف ضد الحركات الداعمة للحياة الفلسطينية كان شديدًا للغاية، واكتسب دعمًا واسع النطاق من أقصى اليمين والتيار الليبرالى، على حد سواء.
• • •
تقول كاتبة المقال إنه عندما تصدر اتهامات بمعاداة السامية ضد من يدعم القضية الفلسطينية، فإن هذا الخلط يشكل خطرًا وقمعًا لليهود أيضًا. فوفقًا لأستاذة التاريخ والدراسات اليهودية آنيليز أورليك، فإن هذا التفسير الخاطئ يسعى إلى فرض موقف سياسى يمينى مؤيد لإسرائيل يتعين على كل اليهود الالتزام به، ويحاول استئصال الهويات اليهودية المتجذرة التى لطالما دافعت عن التعددية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الفئات المضطهدة. وبالفعل تم استهداف اليهود فى حملات قمع مظاهرات فلسطين بالجامعات الأمريكية.
وأشارت الكاتبة إنه فى حين أصبحت حماية الحياة اليهودية ذريعة لاضطهاد أولئك الذين يعبرون عن قلقهم على حياة الشعب الفلسطينى، إلا أنه يتم تجاهل الارتفاع المزعج فى معاداة السامية من أقصى اليمين؛ وفى بعض الأحيان تدافع عنها مجموعات مهمتها المعلنة هى «مكافحة معاداة السامية»! كتبت الكاتبة البريطانية الإسرائيلية راشيل شابى مؤخرًا فى هذا الشأن قائلة: إذا تم استخدام معاداة السامية بشكل صارخ كسلاح سياسى، فإن هذا يخلق انطباعًا بعدم الجدية بشأن هذا الموضوع.
• • •
اختتمت الكاتبة كلامها بالقول: إننا فى حاجة إلى التمسك بمبدأ التحرير الجماعى، والوقوف بأذرع متشابكة ضد المحاولات الرامية إلى تشويه إنسانيتنا. وأنا أجد أملًا هائلًا فى الطلاب والأساتذة الذين تحلوا بالشجاعة الكافية للقيام بذلك، على الرغم من القمع الشديد والانتقام. فالأفعال الشجاعة للناس العاديين هى التى ستوقف المسارات القاسية التى نشهدها.
ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف
النص الأصلي