العالم العربى: من يتحمل المسئولية عن غزة؟
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الخميس 3 مارس 2016 - 9:55 ص
بتوقيت القاهرة
عادت غزة إلى العناوين الأولى ليس فقط بسبب الأنفاق. لقد توقف رئيس الاستخبارات العسكرية، اللواء هرتسى هليفى، فى تقريره أمام لجنة الخارجية والأمن فى الكنيست، عند التدهور الاقتصادى فى غزة وانعكاساته، والحكومة أيضا تفكر فى هذا الأمر مليا.
إن الوضع الحالى فى غزة ــ نقص فى مياه الشرب والكهرباء، بطالة عالية وأجر لا يقى الجوع، إلى جانب توقف عملية إعادة الاعمار بصورة كاملة ــ هو أيضا العامل الذى سيجعل مئات الغزيين و«الآلاف مستقبلا» مستعدين للمخاطرة بحياتهم من أجل محاولة التسلل إلى إسرائيل للعثور على عمل، وهذه هى الحقيقة المقلقة التى يقصدها رئيس الاستخبارات العسكرية فى كلامه. وبالتأكيد، فإن كابوس إقدام الآلاف من سكان غزة على اقتحام السياج الذى يفصلهم عن إسرائيل، والرد العسكرى الذى يفرضه ذلك، يمكن أن يدهور الوضع نحو اتجاهات غير مرغوب فيها.
إن الوضع الحالى فى غزة ليس فقط نتيجة لعملية الجرف الصامد، ففى حرب 1948 أغرق عشرات الآلاف من العرب من جنوب البلد ووسطه المساحة الضيقة للقطاع وحولوه إلى معسكر كبير للاجئين، ليتحول خلال زمن قصير إلى مستنبت إرهابى كبير. لقد كانت إسرائيل واعية لخطورة القدر الذى يغلى فى غزة، وبعد حرب الأيام الستة «يونيو 1967»، اقترح الوزير من دون حقيبة حينها، شمعون بيرس، البدء بعملية دولية لبناء منازل دائمة للاجئين والتخلص من المخيمات. لكن تحت ضغط دول عربية عارضت أى حل للمشكلة الفلسطينية من دون «حق العودة»، أوقفت الأمم المتحدة الفكرة.
«خطط السلام» أيضا على اختلاف أنواعها تجاهلت مشكلة غزة الحقيقية. واعتادت جهات أجنبية وعلى رأسها تركيا، اتهام إسرائيل بالمسئولية عن الوضع الصعب فى غزة متجاهلة عن قصد ليس التاريخ فحسب، بل الأسباب التى أدت إلى عملية الجرف الصامد وما حدث بعدها، على الرغم من حقيقة أنه بعد انسحاب إسرائيل من كل المنطقة ضمن عملية الانفصال «عن قطاع غزة سنة 2005»، لم يعد لديها أى التزامات أو مسئولية حيال سكان غزة، لا قانونية ولا أخلاقية. ولا تزال هذه الجهات تعتبر أن السبب الأساس للوضع هناك الآن، هو «الحصار» الأمنى الذى تفرضه إسرائيل على القطاع. لكن الحقائق مختلفة: مصر والسلطة الفلسطينية التى لها حق السيادة رسميا على غزة، أخذت أيضا على عاتقها التزامات مختلفة فى الاتفاقات السياسية بعد عملية الجرف الصامد. ولكن كل منهما ولأسبابه الخاصة، ليس مهتما فعلا بإعادة إعمار القطاع ما دامت تسيطر عليه حركة «حماس». وعلى الرغم من أن «حماس» نفسها لا ترغب فعلا فى حرب حاليا، إلا أنها لا ترغب أيضا فى سلام يكون الإعمار الحقيقى فى القطاع جزءا منه.
وتعهدت دول عربية أيضا بالمساهمة المالية «فى عملية إعادة إعمار غزة»، ولكنها تتجاهل الآن تعهداتها. حتى الأونروا التى هى بحاجة إلى مبرر لوجودها، لا تتحرك من أجل تطبيع الوضع. والنتيجة هى عدم وجود إعادة إعمار وصب المزيد من الزيت على النار.
لن يكون هناك علاج لمشكلات غزة حتى فى حال التوصل إلى حل سياسى أو رفع «الحصار» من دون معالجة المشكلة الديموغرافية، أى: الحاجة إلى نقل جزء كبير من السكان إلى خارج القطاع، سواء إلى المناطق التابعة للسلطة الفلسطينية أو إلى دولة عربية أخرى.
زلمان شوفال- سفير إسرائيلى سابق فى واشنطن
يسرائيل هيوم
نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية