غزو العراق في الوثائق البريطانية.. كذبة عمرها 20 عاما
مواقع عربية
آخر تحديث:
الجمعة 3 مارس 2023 - 7:00 م
بتوقيت القاهرة
نشر موقع 180 مقالا للكاتب عبدالحسين شعبان، تناول فيه ما كشفته وثائق صادرة عن مجلس الوزراء البريطانى من تأكد كل من رئيس الوزراء البريطانى تونى بلير، ورئيس الولايات المتحدة جورج بوش الابن، من عدم امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل وذلك قبل شن الغزو بعامين، اختتم الكاتب مقاله بأن مأساة العراق لا تحتاج إلى اعتذار فحسب، بل لتعويض عما لحق جيلين عراقيين من أضرار مادية ومعنوية... نعرض من المقال ما يلى.
كشفت وثائق مجلس الوزراء البريطانى التى أُفرج عنها فى فبراير 2023، أن رئيس الوزراء البريطانى الأسبق تونى بلير، ورئيس الولايات المتحدة الأسبق جورج دبليو بوش، كانا متأكدين من عدم صحة مزاعم امتلاك العراق أسلحة دمار شامل أو أى قدرة فى الحصول عليها أو على صواريخ بعيدة المدى، وذلك قبل غزوه بعامين على الأقل. والوثيقة خبر، كما يُقال فى البحث الأكاديمى؛ لأنها تغنى عن كثير من الآراء والتقديرات، فما بالك حين تصدر من أعلى المستويات، وتُنشر لأول مرة بصورة رسمية.
جدير بالذكر أن محاولات العراق امتلاك أسلحة متطورة توقفت بعد حرب قوات التحالف الدولى ضده (17 من يناير 1991) والتى سميت حينها «عاصفة الصحراء»، إثر غزو قواته الكويت فى 2 من أغسطس 1990، وفرض عقوبات دولية عليه.
ولم تعبأ الولايات المتحدة وبريطانيا ومعسكر الحلفاء بغزو العراق باحتجاج عشرات العواصم ومئات المدن الأوروبية، وتحذيرات منظمات دولية حقوقية وإنسانية من الحرب ومخاطرها وامتداداتها، فضلا عن افتقادها المسوّغ القانونى الدولى ومخالفتها ميثاق الأمم المتحدة، وما يسمى الشرعية الدولية.
واعترفت إدارة الرئيس بوش بعد عامين من احتلالها العراق وتمشيطه طولا وعرضا، أنه لا دليل على وجود أسلحة دمار شامل، بما فيها غاز الأنثراكس الذى أُثيرت حوله ضجة صاخبة، وانبرت بعض الأقلام «العراقية» الممالئة للغرب، لتهويل الفكرة وخلق الرعب بشأنها؛ بل أطلقت العنان لمخيلاتها المريضة لتزعم أن العراق بإمكانه خلال 45 دقيقة، تدمير مدن أو حتى دول بكاملها، إلى غير ذلك مما كانت تروّج له أساليب الدعاية السوداء والحرب النفسية، ومفردات القوة الناعمة التى تغلغلت للتأثير فى العقول وفى قرارات بعض الدول والحكومات بالانسجام مع مصالحها.
وكانت لجنة تشيلكوت (يوليو 2016) تناولت فى تقرير مفصل، الدور البريطانى، متحدثة عن المعلومات الاستخباراتية «المفبركة» و«الكاذبة»، إضافة إلى إدانة الأساس القانونى الذى استندت إليه فى شن الحرب، لا سيما برفض الأمم المتحدة تفويض واشنطن وحلفائها بالقرار 1441 الصادر فى 8 من نوفمبر 2002.
وبررت إدارة بلير أنه لولا «سياسة الاحتواء التى اتبعتها مع واشنطن» لكان من المرجح «امتلاك العراق صاروخا بعيد المدى، قادرا على الوصول إلى بريطانيا وأوروبا، وكذلك رئوسا كيماوية وبيولوجية ونووية»، وهو ما حاولت إقناع باريس به للانضمام إلى الحملة ضد العراق، واقترحت مثل هذا الأمر على عدد من الدول العربية لمساندتها لتشكيل «إجماع دولى». وكان كولن باول وزير الخارجية الأمريكى قد روّج مثل هذه المزاعم أيضا أمام مجلس الأمن الدولى فى 5 من فبراير 2003، وعرض أنبوبا اعتبره دليلا لا يمكن دحضه لإقناع المجتمع الدولى على امتلاك العراق أسلحة بيولوجية.
اليوم وبعد 20 عاما تكشف لنا وثائق مجلس الوزراء البريطانى التى نشرتها اﻟ BBC عن فرية تهديد العراق للسلم فى الشرق الأوسط والعالم، خصوصا أن المنطقة أصبحت بعد الاحتلال أكثر اضطرابا وعنفا وإرهابا، وأن الحصار الدولى كان تشريعا للقسوة عن سابق إصرار، وهو جريمة دولية ما تزال تأثيراتها ماثلة للعيان، باستمرار المأساة العراقية وامتداداتها عربيا؛ الأمر الذى يضع مسئوليات على مرتكبيها ليس للاعتذار فحسب؛ بل للتعويض أيضا عما لحق العراق من أضرار مادية ومعنوية طالت جيلين عراقيين.
النص الأصلي