ثلاثة أيام فى سيوة
طلعت إسماعيل
آخر تحديث:
الإثنين 3 أبريل 2017 - 9:20 م
بتوقيت القاهرة
طريق ممتدة لأكثر من 300 كيلو متر، تتخللها أجزاء تمت إعادة رصفها حديثا، فيما أجزاء أخرى يجرى العمل على قدم وساق لإصلاح ما خلفته الأيام واحمال حركة النقل الثقيل على صفحتها التى تخترق صحراء مصر الغربية فى المسافة الواصلة بين مدينة مطروح شمالا وواحة سيوة جنوبا، هكذا بدأت رحلة الثلاثة أيام التى قضيتها فى واحدة من أهم خمس واحات مصرية، التى يبدو أن الأوان قد حان لوضعها على خريطة الاهتمام الحكومى بذات القدر مع الدلتا ووادى النيل.
اقتربت الشمس من كبد السماء عندما كان الركب الذى يضم عددا من الصحفيين، يحاول اللحاق بالموكب البسيط الذى يستقله اللواء علاء أبوزيد محافظ مطروح وهو فى طريقه إلى توزيع معونات غذائية، كهدية، على أهالى الواحة فى بداية زيارة تستهدف افتتاح وتوقيع عقود عدد من المشروعات الاقتصادية مع مستثمرين عرب ومصريين، يحلم المحافظ بأن تكون استكمالا لخطة طموح لتطوير سيوة خصوصا ومطروح بشكل عام.
أمام مقر رئاسة مركز ومدينة سيوة توقفت عدة عربات محملة بلحوم وزيوت ودقيق وسلع عذائية أساسية، تجمع الناس فى شكل حضارى لا يعرف تدافعا، حيث دشن المحافظ عملية التوزيع قبل أن ينتقل إلى مركز للسلع الغذائية التى تباع بأقل من سعرها بنحو 30%، لنعرف من اللواء أبوزيد أن فرق التكلفة يتحمله رجال أعمال، ضمن حملة بدأت قبل ستة أشهر وتستهدف اكتمال العام.
مساء اليوم الأول من رحلتنا، وعلى أضواء الهواتف المحمولة تجمع لفيف من شباب سيوة حول محافظ مطروح، فى الهواء الطلق بمنطقة خارج المدينة، حيث قلبوا مشاكلهم وعرضوا قضاياهم، على طريقة ديمقراطية أثينا القديمة فى حوار مباشر.. مركز الشباب يحتاج إلى تجهيز، المدارس بحاجة إلى اجهزة حواسب اضافية، تسعيرة المياه تتطلب مراجعة تراعى ظروف أهل الواحة، فتح فرص عمل جديدة، تعيين أحد ذوى الإعاقة، كل هذه المطالب، وغيرها، جرى طرحها بلغة مهذبة على ألسنة شباب واع، فيما الرجل الذى يطلقون عليه لقب «النسر العربى» تحببا، يستمع باهتمام، شارحا الأمور تارة، وملبيا للعديد من المطالب تارة أخرى.
ظهيرة اليوم الثانى كانت قاعة المدينة الرياضية تعج بالحضور حيث جرى افتتاح المؤتمر الأول لكلية الإدارة الفندقية بجامعة الإسكندرية فرع مطروح، الذى حمل عنوان «التطوير المتوازن لواحة سيوة على خريطة السياحة الدولية» وتدشين سيوة مركزا للسياحة العلاجية.. المشاركون فى المؤتمر والذين جاءوا من غالبية الجامعات المصرية، أدلوا بدلوهم العلمى فى كيفية استثمار إمكانيات الواحة المتنوعة فى خطة نهوض اقتصادية.
عند انتصاف الليل وبعد يوم مرهق، واتتنى الفرصة للقاء شبه منفرد مع اللواء علاء أبوزيد الذى بدأ معاتبا الإعلام على تجاهله عرض الإنجازات التى تجرى على أرض مصر، وتعمد تصيد الأخطاء هنا وهناك لتضخيمها، وتجاهل أن البلد يواجه تحديات كبيرة تحتاج من الجميع الاصطفاف خلف القيادة السياسية.
قلت للمحافظ إن الإعلام ليس كله شر فهناك من ينتقد بدافع المساندة، وليس للمكايدة، فرد أن مثل هؤلاء قلة، لم أشأ الاسترسال فى الجدل على حساب انتزاع أكبر قدر من المعلومات من مسئول كبير فى قضايا أيضا جوهرية.
صبيحة اليوم الثالث والأخير، فى واحة السحر والخيال، كنا على موعد مع تسليم مصنع التمور الذى اعاد الاشقاء فى الإمارات تأهيله عقب توقف عشر سنوات، واجتماع آخر بحضور أربعة وزراء هم وزراء الصحة، والزراعة والتنمية المحلية، والسياحة، لتوقيع خمسة عقود استثمارية بتكلفة مليارى جنيه، بمشاركة مجتمعية وكلمات ترحيب من أهل سيوة ومطروح عكست رغبة فى التأكيد أن الكل هنا صوته مسموع، قبل أن اغادر عائدا إلى القاهرة يحدونى الأمل أن تهب رياح الخير الصحراوية على أهل الوادى.