إسرائيل قادرة على احتواء أساس الخطة الأمريكية للسلام
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الجمعة 3 مايو 2019 - 10:25 م
بتوقيت القاهرة
خطة السلام الأمريكية على وشك أن تُنشر فى وقت قريب. وكلما اقترب الموعد، ازدادت التخمينات، والإشاعات، والفرضيات، وأيضا عدد غير قليل من المعلومات المغلوطة من جميع الأطراف. مع ذلك هناك فرضيات وفرضيات موثوق بها أكثر، تستند إلى تجربة ومعرفة بالمواقف المتعددة الصادرة عن واشنطن.
يمكن أن نستنتج مثلا من الكلام الذى قاله جاريد كوشنر، المهندس الأساسى لصفقة القرن، فى مناسبة خاصة لمجلة «تايمز»: «الخطة ستشدد على مزايا اقتصادية للفلسطينيين وعلى الأمن لإسرائيل»، لأن الأمن فى كل الأراضى الإسرائيلية سيبقى فى يد إسرائيل، بغض النظر عن شكل التسوية السياسية، وعندما يقال هذا الكلام فى سياق مباشر مع خطة محددة، فإن له دلالات ملموسة.
الجزء الثانى من المعادلة، أى «مزايا اقتصادية للفلسطينيين»، يُذكر بكلام سابق، بينه كلام بنيامين نتنياهو عن سلام اقتصادى. لكن كلاما آخر قاله كوشنر فى المنتدى المذكور ــ «المفاوضات بشأن حل الدولتين فشلت» ــ يمكن أن يفسَر بطريقتين مختلفتين ومتضادتين: حل الدولتين لم يعد مطروحا على الطاولة؛ أو على العكس، حقيقة أن الطريقة التى حاولت الولايات المتحدة فى الماضى من خلالها الدفع قدما بالحل وفشلت لا تمنع إمكانية العمل بطرق أُخرى من أجل تحقيق هذا الحل.
بكلمات أُخرى، فإن كلام كوشنر ومسئولين أمريكيين كبار آخرين لا يلمح بالضرورة إلى أنهم يؤيدون فكرة أرض إسرائيل الكاملة أو دولة لكل مواطنيها. من المعقول أكثر أن المقصود هو كيان فلسطينى مستقل ذو خصائص معينة ومحدود السيادة.
موضوعات أُخرى يمكن أن تتضمنها الخطة هى ضم كتل المستوطنات الإسرائيلية الكبيرة بحيث تصبح جزءا لا يتجزأ من دولة إسرائيل، ومنح مكانة قانونية للمستوطنات الإسرائيلية المعزولة فى يهودا والسامرة «الضفة الغربية». هناك أيضا مؤشرات تدل على أن الخطة ستتطرق إلى موضوع غزة، لكن نظرا إلى أن الفكرة الأساسية، أى توسيع القطاع إلى شمال سيناء اصطدم كما كان متوقعا بمعارضة مطلقة من مصر، يبدو أن المقصود حاليا خلق وضع يسمح للغزيين بأن ينشطوا اقتصاديا فى منطقة محددة من شبة الجزيرة.
طبعا، ستتطرق الخطة الأمريكية أيضا إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين فى أماكن سكنهم، وحل مسألة العاصمة الفلسطينية فى منطقة القدس الموسعة والعلاقات الاقتصادية. وسيكون هناك شرط مسبق هو اعتراف الفلسطينيين (والعالم العربى) بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودى.
من المفهوم أن هذه ليست النقاط الخلافية كلها، لكن أيضا حتى لو وُجدت حلول لها، فإن فرص موافقة الفلسطينيين على مناقشة خطة ترامب لا تتعدى الصفر، مثلما لم يكونوا مستعدين قط للبحث فى أى صيغة تعترف بالحق الأساسى لليهود فى حياة مستقلة ولو فى جزء من البلد وهم طبعا لن يوافقوا على الصيغ المتعلقة بموضوعى اللاجئين والقدس. مع ذلك، فإن الميزات المحتملة لصفقة القرن ناجمة عن كونها قد تحظى على الأقل بدعم جزء من العالم العربى وأنها ستخلق عالما جديدا من المفاهيم بشأن التسوية المستقبلية بدلا من الصيغ الجوفاء الماضية.
إذا كانت هذه فعلا الخطوط الأساسية العامة للخطة، فإن رد إسرائيل، باستثناء تحفظات مفهومة فى موضوعات محددة، يمكن أن يكون إيجابيا على المستوى المبدئى كأساس للمفاوضات ــ من دون الدخول فى التفاصيل. نوصى الشركاء الصغار فى الائتلاف الحكومى الذى سيُشكَل ألا تختلط عليهم الأمور وألا يعتقدوا أنهم قادرون على أن يملوا على الحكومة خطوط عملها وفق برنامجهم المتطرف ــ حينها سيجدون أنفسهم خارج الحكومة.
هل خطة ترامب هى فصل جديد فى القصة الطويلة للنزاع الإسرائيلى ــ الفلسطينى، أم ستقلب الصفحة؟ سنرى ذلك فى المستقبل. ما ينقص صفقة القرن، مثل كل الأفكار التى طُرحت طوال سنوات من جانب عناصر خارجية متعددة ــ الأميركيون، الأوروبيون، والأمم المتحدة ــ هو أنه من دون استعداد أساسى للطرفين لا توفر فرصة للتقدم، وذلك على الرغم من التجديدات والمبادرات التى تتضمنها.
إن دور الولايات المتحدة فى إنضاج الصيغة الأخيرة وإيجاد الظروف المساعدة التى تدفع قدما بكل خطة هو فعلا حيوى، لكن كما ثبت فى الماضى، لولا مبادرات مستقلة لإسرائيل ومصر، على سبيل المثال عندما جرى التوصل إلى اتفاق سلام بينهما. ومن دون أفكار دايان وبيجن بشأن الحكم الذاتى، لما جرت الموافقة عليه فى كامب ديفيد كإطار ممكن لحل مع الفلسطينيين، وقد فشل بسبب رفض الفلسطينيين المعتاد وأيضا بسبب أخطاء ارتكبها الجانب الإسرائيلى.