أوكرانيا والسودان.. وفوائد الطب الصينى
مواقع عربية
آخر تحديث:
الأربعاء 3 مايو 2023 - 9:55 م
بتوقيت القاهرة
نشرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مقالا للكاتب غسان شربل، يقول فيه إن الأمم المتحدة وأمريكا فشلتا فى حل الأزمة الأوكرانية، ولم يتبقَ سوى الطبيب الصينى الذى عرض مقترحا للوساطة فى الملف الأوكرانى. بالمثل، الجامعة العربية والاتحاد الإفريقى ليستا طبيبا مؤهلا لعلاج الأزمة السودانية، وبالنظر إلى أن الصراع فى السودان يشكل خطرا على استقرار حركة التجارة فى البحر الأحمر، فإن الصين هى الوسيط الفعال، فهى لا تريد تصدير نموذج لنظام سياسى معين بل استقرار مصالحها فى المنطقة. إذن، لابد من التواصل مع الطبيب الصينى خاصة بعد نجاح علاجه للمرض السعودى الإيرانى.. نعرض من المقال ما يلى.
العالمُ مريض والطبيب غائب. يكاد أنطونيو جوتيريش يعلن إقفالَ عيادته. سلّم بعجزه عن توفير العلاج واكتفى بالسعى إلى تجديد اتفاق الحبوب الأوكرانية مع توفير شىء من البطانيات والخيام. الأمم المتحدة أبرزُ المصابين فى الحرب الأوكرانية. أُصيبت هذه المرة على يد دولةٍ دائمة العضوية فى مجلس الأمن. تماما كما أُصيبت قبل عقدين إبان الغزو الأمريكى للعراق. حين ينخرط الكبارُ فى حرب لا يتركون للمنظمة الدولية أكثر من مهمة إحصاء الجنازات وإرسال الضمادات. لا تشعر روسيا بالإحراج نتيجةَ ما تفعله قواتها فى أوكرانيا. تستنفر شعبَها لتقديم التضحيات فى «حرب وطنية مقدسة». ولا يجرؤ جوتيريش على تذكير سيرجى لافروف بأصول الرقص فى قاعة مجلس الأمن وأمام ميكروفوناتها.
أمريكا أيضا ليست طبيبا يمكن استدعاؤه. إنَّها طرف واضح فى الحرب. لولا دعمها السخى لانحنت أوكرانيا بعد أسابيع من الشرارة الأولى. لا تستطيع أمريكا الذهاب إلى حدّ إلحاق هزيمة مدوية بروسيا ولا تريد. تعزف موسكو على وتر الخوف النووى كأنَّها تذكّر البيت الأبيض بالشياطين النائمة فى ترسانتها. استمرار السخاء الأمريكى لا يعنى أكثر من استمرار الحرب ومنع روسيا من إعلان الانتصار فيها بالضربة القاضية. واستمرار الحرب يعرّض أوكرانيا لشكل من أشكال الموت كدولة وشعب واقتصاد. الاتحاد الأوروبى ليس طبيبا. سارع إلى نجدة أوكرانيا لكن الحرب الروسية كشفت هشاشته وتواضع إمكاناته قياسا على القدرات الأمريكية.
يقلّب زيلينسكى الاحتمالات. لم يبقَ إلا الطبيب الصينى. يعرف الرئيس الأوكرانى قصة الطب الصينى التقليدى. يقوم على حفنة طرق أبرزها الوخز بالإبر والتداوى بالأعشاب. فلسفته توفير التوازن والانسجام داخل جسم المريض ومع محيطه. ونجاح العلاج مرهون بتشخيص دقيق لحالة المريض وضمان تعاونه مع العلاج. وفى الحريق الحالى لا بد للوخز من أن يستهدف كييف وموسكو معا. لا تكفى الأعشاب لكبح طموحات بوتين.
أغلب الظنّ أنَّ الحل يحتاج إلى جراحة تتخطى وخز الإبر وتركيب الأعشاب. فتح شى أمام زيلينسكى نافذة صغيرة. معبر لا بد من ثمن لاجتيازه، فالصين التى لم تدن الغزو الروسى تكتفى بالحديث عن السلام واحترام سيادة الدول. لا مصلحة لها فى هزيمة روسية تعمّق غربة تايوان التى يأمل وريث ماو فى استردادها عبر الوخزات الصغيرة من دون استخدام مباضع الحرب.
وفى السودان البلد مريض والطبيب غائب. الجامعة العربية ليست طبيبا على رغم حسن نواياها. يمكن قول الشىء نفسه عن الاتحاد الأفريقى. روسيا ليست طبيبا مقبولا أو موثوقا. لا تملك فى معالجة التصدعات الأفريقية غير دواء مر اسمه «فاجنر». عقاقير «طباخ الكرملين» مفتوحة على الأخطار. أسلحة ومرتزقة وضربات تحت الحزام ومناجم. ليس بسيطا أن يقول لافروف إنَّ من حق السودان الاستعانة بـ«فاجنر» التى ترابط اليوم فى دول أفريقية عدة وعينها على المناجم والمعادن. ثم إنَّ الاستعانة بـ«فاجنر» التى تتولى طرد النفوذ الفرنسى والغربى من القارة الأفريقية تجعل اللاعب الأمريكى خصما بلا تردد. جوتيريش العاجز فى أوكرانيا عاجز أيضا فى السودان.
تطرح الحرب فى السودان موضوعا مهما وخطرا للدول المجاورة وكذلك لشريان حيوى اسمه البحر الأحمر، يعنى اقتصاد العالم وأمنه واستقراره. للصين منذ سنوات اهتمام واضح بالقارة الأفريقية واستقرارها وثرواتها ومعادنها. لا تريد الصين تصدير نموذج إلى القارة السمراء. تريد استقرارا يتيح التجارة والتبادل وضمان المصالح. للصين اهتمام واضح بأمن البحر الأحمر. ليس صدفة أنها أقامت منذ 2017 أول قاعدة بحرية خارج أراضيها فى جيبوتى التى تحتل موقعا استراتيجيا على مضيق باب المندب الذى يفصل خليج عدن عن البحر الأحمر. قد يكون من المفيد أن يفكر البرهان وحميدتى بالاستعانة بالطبيب الصينى إذا كان مستعدا للتدخل. التداوى بوخز الإبر والأعشاب، حتى ولو كانت مرّة الطعم، يبقى أفضل من الغرق فى حرب مفتوحة بلا طبيب يتطاير فيها جسد السودان دما ولاجئين وولايات. لن يستطيع أحد إنقاذ السودان إذا غرق فى حرب أهلية مدمرة. لهذا يجب وقف الحرب الآن وقبل فوات الأوان.
فى المشهد الدولى الحالى لا بد من بكين وإن طال السفر. تجربة الطبيب الصينى فى رعاية عودة العلاقات بين السعودية، وإيران وعلى قاعدة عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول، تشجع على الاتصال برقم هذا الطبيب.
النص الأصلى: