خواطر فى ظواهر مصرية..!
حسن المستكاوي
آخر تحديث:
الجمعة 3 يوليه 2009 - 9:18 م
بتوقيت القاهرة
كنت أقول دائما إن المرأة فشلت فى ثلاثة أشياء فقط نجح فيها الرجل وهى نافسته فى كل الأشياء الأخرى. فالمرأة عجزت عن أن تكون صاحبة ألحان موسيقية مشهورة ولم تبرع فى إبداع سيمفونية مثل بيتهوفن وباخ وتشايكوفسكى.كما أنها لم تنجح فى أن تكون جراحة تملك نفس أصابع الرجل مثل مجدى يعقوب ولا تعرف البشرية امرأة فيلسوفة مثل جان جاك روسو أو سقراط وإن كان معروفا أن زوجة سقراط لعبت دورا كبيرا فى جعله فيلسوفا بإلهامه شأن كل الزوجات اللائى علمن أزواجهن الحكمة!.
وتلك الأشياء الثلاثة لا أجد لها تفسيرا، فلا أفهم لماذا لا توجد امرأة فيلسوفة، وامرأة جراحة عبقرية، وامرأة موسيقية فذة؟!.
وكنت أرى أيضا أن المرأة لن تلعب أبدا كرة القدم كما يلعبها الرجل ولن تكون هناك لاعبة مثل بيليه وبيكنباور ومارادونا. كان ذلك فى السبعينيات قبل أن تقام بطولة كأس العالم للسيدات وقبل أن أرى الأمريكية مياهام ولاعبات الصين والنرويج وغيرهن وهن يلعبن ويتألقن ويراوغن ويسجلن وقد انتهى القرن العشرين وفى عالمنا 40 مليون سيدة تلعب كرة القدم ومنتخبات دول أخشى أن تواجهها بعض منتخبات الرجال فى دول أخرى!.
وفى الوقت نفسه لم تعجبنى أبدا فكرة أدب المرأة، وسينما المرأة.. وهو تصنيف دعت إليه، وسعت إليه المرأة. وهى نفسها التى تطالب منذ منتصف القرن العشرين بالمساواة مع الرجل، وعدم تمييزه. لكنها ربما فعلت ذلك، حين وجدت المساواة مستحيلة فى بعض المجالات، إما لسطوة وسيطرة الرجل وإما لضعف وقلة حيلة المرأة.
لا توجد مساواة مطلقة بين الرجل وبين المرأة. فهو أقوى، وأطول، وأضخم، وأسرع، ولكنه ليس أفضل عقلا، ولا أكثر ذكاء. ولا أقدر تحملا.. القصة باختصار أن الرجل إنسان. والمرأة إنسان. ويجب أن نتعامل مع الاثنين من هذا المنطلق. فلماذا جرت محاولات للترويج لفكرة أدب المرأة، وسينما المرأة، وصحافة المرأة؟!.
هل هى فكرة ذكية لتسويق منتج وبيعه للناس وخصوصا الرجال؟!.
على أى حال بمناسبة أدب المرأة وسينما المرأة وكرة المرأة.. كنت توقفت كثيرا ولعل غيرى فعل أمام ما يسمى بكوتة المرأة. حيث تقرر تخصيص مقاعد للمرأة فى مجلس الشعب لدورتين، بينما يفترض أنها إنسان سياسى وعاقل وحكيم مثل الرجل، وتملك القدرة على منافسته فى الانتخابات التشريعية.. تقول سيدة من السيدات كنت ناقشتها فى الأمر:
«تلك الكوتة ليست بدعة ولا اختراعا، لأنها تطبق فى العديد من الدول، ولأن المرأة المصرية تحديدا ظلت تعانى من هذا المجتمع الذكورى ومن ثقافته، وهى منذ زمن بعيد تدرك أن هناك تمييزا ضدها، وهذا من أسباب إنشاء المجلس القومى للمرأة».
وقد يكون هذا الرأى صحيحا، لكنه يقودنا إلى سؤال أظن أنه بات تاريخيا وكلما طرح أو نوقش، فإنه يقتل قبل أن يولد، أو لا يمس: هل يعانى العمال والفلاحون بالتمييز ضدهما ولذلك خصصت نسبة 50% من مقاعد مجلس الشعب لهما؟!.
كلنا أبناء فلاحين وعمال لكن تلك الفكرة ظهرت مع ثورة يوليو لأن زعيمها جمال عبدالناصر كان يرى أن المجتمع فى عصر ما قبل الثورة كان يضطهد العامل والفلاح أو يتعمد التمييز ضدهما.. وكان من أهم أسباب تخصيص تلك النسبة فى مجلس الشعب أن تفوز ثورة يوليو بشعبية من طبقة عريضة تشكل النسيج الأكبر فى المجتمع قبل الثورة.. وقد أدت تلك النسبة الغرض منها.. ومضت مرحلتها بزوال مرحلة الثورة، بينما المجالس النيابية فى العالم كله تتشكل من النخبة (مجلس اللوردات والشيوخ). وبشرط أن تكون تشريعات وقوانين النخبة من أجل الشعب، وليس من أجل النخبة..
لكن تلك النسبة تعنى تمييز نصف الشعب على باقى الشعب.. ثم إن تمثيل الفلاح أو العامل لم يعد دقيقا، وهناك شخصيات ترتدى ثوب الفلاح أو ثوب العامل حسب الخريطة الانتخابية فى الدائرة!.
نحن ننفرد كدولة بتفصيل قوانين وقواعد، وتخصيص مقاعد لفئات معينة، وقد أصبح المجتمع المصرى مقسما إلى عشرات الفئات. كما زرعنا فى الشعب المصرى تقسيمات فريدة، زادت من الحساسيات ومن التعصب ومن العصبية، وبموافقة ومباركة من الدولة ومن الوزارة بأكملها، فهذا العيد القومى للفيوم، وهذا العيد القومى للإسكندرية، وهذا العيد القومى لبورسعيد، وهذا شعب الإسماعيلية، وهذا شعب وادى النطرون. مع أن لمصر عيدها القومى الواحد، وهو يوم 23 يوليو، ولها شعب واحد هو الشعب المصرى؟!.
..وحتى تلك اللحظة، مازالت مصر مقسمة إلى رجل وامرأة، وإلى أهلاوى وزملكاوى، وإلى عامل وفلاح وفئات. وإلى رجال أعمال. وناس تعمل عند هؤلاء الرجال.. وحتى تلك اللحظة مازالت جمهورية مصر العربية مقسمة إلى شعوب لكل منها عيدها القومى الذى يحتفى بالسيد اللواء القائد المحافظ، وحتى تلك اللحظة أيضا.. لا نعرف تعريفا دقيقا للفلاح أو للعامل، ولا نعلم ما الفارق بين رجل مهندس فئات. ورجل أعمال فئات. ورجل مزارع فئات.. ورجل مصانع فئات..
حتى تلك اللحظة بقيت حقيقة واحدة مؤكدة وهى أن المرأة المصرية لم تعرف بعد كيف تلعب كرة قدم.. ولم تنجح فى بيع أدب المرأة، وسينما المرأة.. إلى الرجل؟!.