فى أقل من ساعة كان نصف مليون شخص قد شاهد الفيديو المثير المنسوب للفنانة غادة عبدالرازق، فى حين حاول أكثر من ٢ مليون شخص البحث عن هذا الفيديو.
الاحصائية السابقة أوردتها الزميلة الإعلامية فاطمة قنديل ظهر يوم الاحد الماضى على صفحتها على الفيسبوك.
الفيديو كان حديث قطاع كبير من المصريين فى الساعات الأولى من صباح يوم السبت الماضى. الرواية الأولى تقول إن الفنانة المشهورة بثت مشاهد مباشرة من غرفة نومها فى احد فنادق جزر المالديف عبر تطبيق انستجرام.
فى هذا الفيديو كانت هناك مشاهد مثيرة تظهر مناطق حساسة من جسد الفنانة. وحينما «انقلبت الدنيا» تحدثت غادة عبدالرازق لبعض المواقع الإلكترونية، مؤكدة أن الفيديو مفبرك، وأنها تعودت على مثل هذه الاساليب. وسواء كان الفيديو صحيحا، أم مزيفا فإنه كشف عن أن القضايا الجوهرية صار عمرها قصيرا. بعضها يستمر دقائق وبعضها يستمر لساعات وقليل منها يستمر لاكثر من يومين أو ثلاثة. السوشيال ميديا صار الميدان الاهم على الإطلاق لقياس ترمومتر المجتمع ودرجة اهتمامه بالقضايا. هذه المنصة لا تختلف عن الفضائيات فى درجة شعورها بالملل. تريد قضايا ساخنة وسريعة وجماهيرية طوال الوقت والجميع «ملول ويقلب بسرعة».
لا نعرف من الذى يغذى من، ويعيش على الاخر، وسائل التواصل الاجتماعى أم الفصائيات، أم ان العلاقة متبادلة وعكسية؟. لكن وفى كل الأحوال فإن الطرفين يبدو أنهما لا يستغنيان عن بعضهما البعض.
بمجرد أن تم بث الفيديو المنسوب لغادة عبدالرازق، انطلقت المواعظ والتفسيرات والتحليلات والفتاوى. والملفت ان الغالبية اختلفت على تفسير هذا الاهتمام وهل هو دليل على حيوية وصحة المجتمع العامة ام دليل على «هيافته وتفاهته»؟!! فريق سخر من كثرة الذين شاهدوا الفيديو أو حاولوا وفشلوا!!. هؤلاء لجأوا إلى التعبير الساخر الشهير الذى يقول: «شعب متدين بطبعه»!!!. وذلك ردا على الوصف الشائع ايضا باننا «شعب متدين بطبعه»!!!. هذه السخرية ليست فى محلها لانه إذا كان هناك ٢ مليون شخص شاهدوا أو بحثوا عن الفيديو خلال ساعة، فهناك عشرات الملايين يذهبون إلى المساجد فى كل فرض أو يؤدون الصلاة فى بيوتهم، وربما هناك من يواظب على الصلاة لكنه شاهد أو بحث عن الفيديو أيضا.
الفريق الثانى طالب بضرورة مراعاة الحرية الشخصية للفنانة لكن البعض رد عليهم بقوله «لكن الفنانة هى التى قامت بالبث المباشر من غرفة نومها، وبالتالى لا نستطيع أن نلوم من كتبوا أو علقوا على هذا الفيديو الذى وجدوه مفروضا عليهم فرضا!!!
فريق ثالث لجأ إلى المقولة التقليدية وهى ان الفيديو هدفه الأساسى هو التغطية على قضية ارتفاع أسعار الوقود يوم الخميس الماضى. وهذا الفريق لديه ايمان راسخ بأن كل قضية هى تمثيلية للتغطية على قضية أخرى مهمة. ورغم أن هذا الأمر غير مستبعد فى الحياة السياسية على المستوى الدولى، فإنه يصعب اعتماد هذا المنطق لتفسير كل القضايا المهمة. السبب بسيط هو كل قضية جادة سوف تحتاج لتمثيلية جديدة، وهو ما يعنى أننا سنعيش حياتنا كلها فى اختراع تمثيليات للتغطية على قضايا اخرى.
ثم ان هناك قضايا مثل تيران وصنافير، أو ارتفاع الأسعار لا يمكن نسيانها لمجرد بث فيديو لغادة عبدالرازق أو هيفاء وهبى أو كل ممثلات الاغراء فى هوليود وبوليود مجتمعات!!!. لانه لو كان ذلك صحيحا لتم القضاء على غضب المواطنين بفيديو مثير لفنانة مثيرة!!!.
هذه القصة تكشف عن التغييرات المهمة فى المزاج العام وعلاقة الإعلام خصوصا بوسائل التواصل الاجتماعى وعلاقة كل ذلك بالسلطة. لكن وإلى ان تتضح الصورة بالكامل فإن فيديوهات مماثلة كتلك التى شاهدها المصريون صباح السبت أو حاول مشاهدتها سوف تكثر على كل منصات وسائل التواصل الاجتماعى!!!.